مسار إجباري ( الفلسفة والدين ) – هل يتعارضان؟
كثيرا ما يطلق البعض على الفلاسفة لقب “ملحدون”، وأنهم لا رب ولا دين لهم، ويطلقون عليهم الاتهامات بدون دليل أو برهان، ولكن هل هناك تعارض بين الدين و الفلسفة؟ وهل كل منهما يسلك طريق غير الآخر؟ ولكي نجيب على هذا السؤال يجب علينا أولا أن نفهم ما هو المقصود بالبحث الفلسفي الديني!
ذلك البحث هو دراسة عقلية قائمة على الاستدلال العقلي للأمور الدينية، مثل الحياة والموت والبعث… كل هذه المفاهيم تتناولها الفلسفة الدينية، ولكن يجب علينا أن نمر سريعا على التفكير الفلسفي ومفهومه أولا قبل الإجابة على هذا الإشكال.
التفكير الفلسفي
هو تفكير يعتمد فى الأساس على كشف الواقع كما هو موجود، من خلال التحليل والبحث اعتمادا على قواعد منطقية تضبط عملية التفكير، حيث يبدأ صاحب الفكر الفلسفي بتحليل المعارف والأفكار ووجهات النظر المختلفة والنظريات تحليلًا قائمًا على الاستدلال العقلي للوصول للحقائق،
حيث يستهدف بيان حقيقتها أو زيفها، وهو يقوم على فحص الأمور الكلية التي يفهم منها الجزئيات التي تندرج تحتها، فهو لا يتبع منهج التعميم وإنما يميل إلى نقد الأسس التى تقوم عليها المعارف الخاطئة، وكذلك التفكير الفلسفي يقوم على البديهيات العقلية،
تلك التي تعد المشترك العقلي بين كل البشر؛ حيث إنه ينطلق من أن لكل حدث مسببًّا، وأن الكل أكبر من أجزائه، كذلك مبدأ عدم التناقض باعتبارهما أشهر البديهيات.
ولكن ما الذى يربط بين التفكير الفلسفي والتفكير الديني؟
العلاقة بين التفكير الفلسفي والتفكير الديني
إن التفكير الفلسفي والديني تربطهما العديد من الروابط؛ حيث إنهما يهتمان بوضع إجابات فاصلة حول كثير من المسائل والأفكار عن الوجود والغاية من الخلق، وكيف تتم العلاقة بين النفس والجسد، كذلك قيم الخير والعدل والجمال.
حيث نجد أن التفكير الفلسفي يعتمد على العقل والنص الديني وكذلك التجربة العلمية السليمة، والفكر الديني لا يستغني عن العقل؛ حيث العقل هو نقطة البداية، فلا يكفي إثبات وجود الإله أو أي صفة من صفات الله، مثل عدل الإله وبعثة الأنبياء واليوم الآخر من خلال النص الديني،
وإنما يجب وضع قواعد هذا السؤال انطلاقا من العقل والتفكير، لذلك سنجد أن التفكير الديني في الأساس يعتمد لا مفر على التفكير الفلسفي والعقل.
الدين لا يتعارض مع الفلسفة
إن الفلسفة لا تنفك عن الدين، فكل منهما يحتاج للآخر؛ فالدين هو تنزيل من الله يخاطب به العقل، والعقل يدرك منطقة الفراغ التي يقع بها في معرفة الجزئيات فيلجأ للدين، ويتضح ذلك فى كثير من الآيات.
والفلسفة بطبعها هي التفكير العقلي القائم على العقل ويتضح ذلك فى بعض الأمور الدينية التي تستدعي إعمال العقل والتفكر مثل الأمور الكونية، فيقول الله عز وجل: (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ) حيث إن هناك بعض الأمور الخفية في الدين الإسلامي تتطلب مجهودا عقليا، حيث إنه كلما بحثنا عن علل الأشياء كلما توصلنا إلى الحكمة الإلهية.
وخلاصه الأمر هو أن الدين لا يتعارض مع الفلسفة، على العكس حيث إن الفلسفة السليمة والمنضبطة بالقواعد المنطقية هي مكملة للفهم الصحيح للدين، ولكن الخطأ في أهواء المفكرين وجهلهم بأهمية الفلسفة، مما أدى من وجهة نظر بعضهم أن الفلسفة والدين في صدام حتمي، وهذا يتضح خطؤه بمعرفة حقيقة الفلسفة وأهميتها.
اقرأ أيضا
نظرية التطور؛ بين التاريخ والفلسفة .. أولًا: البحث التاريخي
نظرية التطور؛ بين التاريخ والفلسفة .. ثانيًا: البحث الفلسفي (1)
نظرية التطور؛ بين التاريخ والفلسفة … ثالثًا: البحث الفلسفي (2)