مقالاتقضايا وجودية - مقالات

بائعو السعادة … هل تعرف معنى السعادة؟

منذ القدم والإنسان يبحث فى كل شىء؛ ليصل إلى مراد واحد على مر العصور، وهو السعادة. ومهما اختلفت الوسائل التى يستخدمها، أو يجرى للحصول عليها، فكلها لكى يبلغ قدراً من السعادة. قد تكون السعادة لدى البعض تتخطى فى مفهومها معنى الإنسانية والعدل، فنجد  حروباً قد اندلعت، والكثيرين قد قتلوا؛ فقط لأن أحد طرفى الحرب كان يحارب الطرف الآخر، فقط للحصول على موارده المادية، والتى بامتلاكها فى نظره تحقق له السعادة، وإن بدا لنا أن عصرنا هذا قد تجاوز كل هذا الجهل وارتقت إنسانيته، ولكن فى الحقيقة يظل صراعه باقياً مع اختلاف الوسائل؛ فقد تطور العالم، وعرف الإنسان أن أقوى وسيلة لاحتلال الدول هى الاحتلال الفكرى، وتغييب العقول، وبعدها عن أى أدوات منطقية تكشف حقيقة الأمر وحقيقة ما يحدث فى الواقع، وهنا نرى عدواً جديداً، ألا وهو الرأسمالية الوحشية، واعتمادها على المنهج التجريبى لإلباسها لباساً مقدساً، وهو العلم؛ خدمة لأيدلوجيتها ولتحقيق أهدافها ومبتغاها.

قد علم التجريبيون أن مسعى الإنسان هو السعادة، فأغرقه فى المادة؛ مقنعا إياه أن السعادة الحقيقية سيحصدها بمال وهاتف جديد وسيارة فاخرة ومنزل لا مثيل له، يحتوى على كل وسائل الراحة، ولم يضع فى الاعتبار أن هذا كله سد لحوائجه المادية، وأن فراغ روحه سيطيح به يوماً لأنه لم يعرف حقيقة السعادة، فهنا سنجد أن من لديه الهاتف الجديد سيبحث بعد بضعة أسابيع عن الأحدث وكذلك المنزل والسيارة… وتستمر الدائرة المغلقة، ويجرى الكثير ليقوم بكثير من عمليات التجميل، ولكن يفاجأ بأن هناك شيئاً آخر بعد فترة من العملية الأولى يحتاج إلى تجميل، والكل لم ينل شيئاً من معنى الرضا، ولم يعرف حقّاً ما السعادة.
اختلفت الوسائل التى كانت تقدم للناس فى العصور القديمة من بائعى السعادة وسعادتهم الزائفة، ولكن كانت تلعب على جوهر واحد، ألا وهو جهل الناس وبعدهم عن المنطق، الذى بدوره وأدواته يكشف كل ما هو زائف، ويصل بنا للحقيقة التى بكشفها ستمتلئ نفوسنا بالسعادة.

ونحن إن عرفنا هنا السعادة، فنقول أنها شعور داخلي يحسه الإنسان بين جوانبه، يتمثل في سكينة النفس، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وراحة الضمير والبال نتيجة لاستقامة السلوك الظاهر والباطن المدفوع بقوة الإيمان.  فما حاجة الإنسان هنا من المادة إلى لما يكفيه ويسد حوائجه؛ ليكمل طريقه باحثاً عن المعنى، مرسخاً فى نفسه كل قيمة كالعدل والخير والجمال، متخلقاً بحسن الخلق، دائم السعى للمعرفة، متكئاً على المنطق؛ حيث لا مجال لخداعه أو استغلاله مِن مَن يروجون لمنتجاتهم باسم تحقيق السعادة للناس.

اقرأ أيضاً:

كيف نرفض ما يحدث في الواقع دون أن ننفصل عنه ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الفيسبوك وإخواته – الحرب غير المعلنة بإستخدام وسائل التواصل الإجتماعي

لم أجد السعادة إلا في عيون البسطاء .. ما علاقة البساطة بالسعادة؟ وكيف نسعد؟

محمد سيد

عضو بفريق بالعقل نبدأ أسيوط