الصراع الاجتماعي بين جدلية الاقصاء وحتمية التعايش .. هل تعلم ماذا يحدث داخل المجتمع المحيط بك؟
يستخدم مصطلح الإقصاء أو الاستبعاد الاجتماعي كمحصلة لنمط اجتماعي سياسي سائد في المجتمع ترتبط فيه الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية الاجتماعية فتعمل بدورها على إقصاء أفراد وجماعات داخل المجتمع طبقا لاعتبارات تقرر وتفعل ويعاد إنتاجها بصور مختلفة في نطاق الحياة الاجتماعية للجماعات والأفراد.
وقد عانت الكثير من المجتمعات من هذا النمط من الإقصاء قديما وحديثا، فعلى سبيل المثال ما حدث مع الهنود الحمر السكان الأصليين للولايات المتحدة، كذلك التمييز العنصري للسود أو الروهينغا في ولاية أركان غربي بورما- ميانمار
ولا يمكن أن نفصل هذا الفهم للعلاقات بين الأفراد بمعزل عن السياسة الاستعمارية وما تحمله من فلسفات (دارونية وميكافلية) -إن صح التعبير- حيث تؤمن بحق القوة والبقاء للأقوى عملا بمبدأ النفع الشخصي أو القبلي، واستخدام كافة الوسائل وانتهاج كل السبل الموصلة للمنفعة حتى ولو على حساب القيم أو السلم والتعايش المجتمعي.
وقد اختلفت الرؤى حول تلك الظاهرة محملة أحد الطرفين (القائم بفعل الاستبعاد- المستبعد نفسه) المسؤولية، فمنهم من ذهب إلى أن القائم بفعل الاستبعاد هو من يتحمل المسؤولية؛ ذلك أن قرار الاستبعاد هو قرار اتخذه بما يملك من أدوات ورؤى في الوقت الذي كان يمتلك خيارات أخرى.
وذهب البعض الآخر في تحميل المستبعد نفسه مسؤولية استبعاده معللين ذلك بالسلوك الذي قد يمارسه داخل المجتمع مما قد يؤدى لاستبعاده.
وبين هذا وتلك صيغت المبررات والأسباب، وفي حقيقة الأمر يتحمل كلا الطرفين المسؤولية والتى يمكن أن نرصدها بوضوح وفق القيم الحاكمة في المجتمعات، فمثلا المجتمعات التي يسودها الاحتلال والتمزق واستخدام القوة لا نجد فيها مساحة الحرية والعدل الذي يسمح بالاختلاف في إطار من السلمية وتقبل الآخر،
فحتما من يمتلك القوة في تلك المجتمعات يعمل وفق أهدافه والتى قد تتعارض مع الأهداف الكلية للمجتمع فيستبعد كل من يخالف الرأى أو التوجه، على عكس المجتمعات التي يسودها العدل والحرية والسماح باختلاف الرأى، لكن وفق التعايش السلمي لأفراد المجتمع وتلك المجتمعات،
وانطلاقا من مبدأ الحفاظ على السلم المجتمعي من حقها المشروع استبعاد الجماعات وفق الأطر الإنسانية العادلة أو الأفراد المهددين لهذا السلم وبالنظر إلى نمط العلاقات القائم داخل أي مجتمع يمكن تحديد المسؤولية عن الاستبعاد بوضوح، ولكن مما لا شك فيه أن الخطر الشديد الذي يهدد المجتمعات التي تعاني من تلك الأنماط في الصراع الاجتماعي يجب أن يكون مسارًا للبحث؛ نظرا لأن التعايش بين أفراد المجتمع هو أمر حتمي في نهاية المطاف،
مما يجعلنا نرى أن الأخطار التي تهدد هذا التعايش السلمي والتي تتمثل في الكثير من مظاهر العنف والاغتراب هي من أهم أسباب انهيار المجتمعات سواءً على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي بل في كافة أوجه الحياة.
اقرأ أيضاً:
أخلاق الفرد وتأثيرها على نفسه وعلى مجتمعه – هل الأمر مؤثر فعلاً ؟
أن نكون الشيخ ” محمد كُريم ” – بطل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي
الكوميديا ودورها الهام والمؤثر في الغزو الثقافي والفكري في المجتمعات