مقالاتأسرة وطفل - مقالات

ألف باء .. تربية الأبناء – ما هي الأسس السليمة لتربية صحيحة ومتزنة للأبناء ؟

تربية الأبناء

إن المعالم الرئيسة لتشكيل وعي الطفل وبناء شخصيته تكون في المراحل الأولى من حياته، تلك الفترة التي يكون فيها كالإسفنجة تتشرب كل ما يقع فيها، فتخيل نفسك فنانا ترسم على صفحة الطفل البيضاء ما شئت، بيد أن الطفل أذكى من الورقة وأنضج من الإسفنجة؛ فإنه لا يخدعنه معسول الكلام ولا يتشربه إن لم يجده متجسدا فيك، ولا تبهره الألوان ما لم تكن مرسومة على قلب حي صادق!

إن الفرد يتمثل القيم والأفكار فيمن يراه قدوة له، فما بالنا بهذا الطفل الذي يرى فيك القدوة والمثل والمستقبل، فما تفعله أمامه وما يراك عليه سيحاول تقليده في سنواته الأولى، فالقدوة القدوة…

ولا تنه عن خلق وتأتي مثله… عار عليك إذا فعلت عظيم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها… فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فهناك يسمع ما يقول ويشتفى… بالقول منك وينفع التعليم

فلا أثر لكلمات باردة تخرج من الأفواه دون تطبيق عملي والتزام على أرض الواقع، وإن الطفل أشد تأثرا ومحاكاة للمحيطين به من القراءة والمشاهدة، فإن أردت منه أن يكون نظيف اللسان فلا تنهه عن الشتائم ثم تشتمه إن هو أخطأ!

الأبناء مرآة لآبائهم

وإن تمنيته أمينا حافظا للسر فلا تفضحه أمام العائلة بسر أخبرك به وحدك، أو عيب وجدته فيه أو نقص تعرفه عنه، ولو حتى على سبيل المزاح، ولا تلح عليه كثيرا وتحاسبه كوكيل النيابة لتعرف ما حدث في يومه وليلته، ولكن فقط صاحبه وأعره انتباهك وهو يتحدث أمامك ولا تنشغل عنه بالموبايل أو التليفزيون، فربما غدا تتمنى أن يحكي لك أي شيء، ولكن لعله وقتها سيكون قد وجد آذانا أشد إصغاء من آذانك، وعيونا أشد انتباها من عينيك، ولكنها ربما تكون عيونا متربصة وآذانا غير ناصحة ولا أمينة.

وإن رأيته يحكي لك موقفا قد أخطأ فيه فلا تبادر بالتوبيخ والازدراء أو السخرية فورا؛ فربما سيظنك وحشا قد وجد الفرصة لالتهام فريسته، أو عدوّا يتربص للشماتة فيه، بل اخلق جوا من التسامح في البيت، ولُتراعِ أن يكون التوجيه بالحنان والعطف والإفهام حتى يستطيع الطفل أن يميز بين الخطأ والصواب وبين النافع والضار بنفسه ويحسن إدراكه، ويثاب على التصرف السليم بالهدايا والحلوى والتصفيق، ويعاقب على التصرف غير السليم بالحرمان من الثواب وليس العقاب البدني والإيذاء اللفظي والنهر بغلظة.

فمن الآباء من لا يترك شاردة ولا واردة من الأبناء إلا ويعلق عليها، والأدهى والأشد سوءا أن يعاقب الأب ابنه على كل خطأ يرمقه فيه، وكل ذنب ولا يستره عليه، ولا يكلف المربي نفسه بأن يطلق بعض المديح -لابنه- الذي لا يكلف شيئا؛ ظنا منه أن هذا هو الصواب، والصواب لا تجب معه المكافأة المعنوية حتى!

المدح وحرية التعبير

ولو كانت هناك نصيحة في هذا الأمر فهي المدح ثم المدح ثم المدح، من غير أن تزرع فيهم الغرور، وتحيّن أي فرصة لتشكره على فعل طيب فَعَله، فاشكره إن ناولك كوبًا من الشاي وامدح أمه وقبل يدها بعد إعدادها الطعام، لأنه إن رآك لا تشكر أمه فلن يتعلم قيمة الشكر، بل اشكر أمامه العامل الذي فعل لك الخدمة بأجر!

اغرس الثقة في نفوس أبنائك واجعلهم يدلون بآرائهم وأفكارهم وانطباعاتهم بحرية ولا تكن سيفا مسلطا عليهم؛ فالإبداع أوله خطأ وأوسطه تعلم وآخره ثقة، وإن أردت التوجيه فاختر الوقت المناسب للتوجيه، بل أثن عليهم في تصرفاتهم الجيدة أثناء توجيههم لخطئهم، وابتعد عن النصائح المباشرة كلما استطعت إلى ذلك سبيلا، خصوصا إن كانوا هم من جاؤوك متسائلين حتى لا يندمون على توجههم إليك، ولا تنهرهم عندما يحدثونك في أمر لا تستسيغه، حتى يعتادوا على التفكير بحرية، بل ناقشهم في كل شيء، وإن جهلت شيئا يسألون عنه، فعدهم بأنك ستبحث في الأمر، حتى لا يظنون أن قول “لا أعرف” شيئا قبيحا؛ فمن قال “لا أعلم” فقد أفتى.

الأبناء مسئولية كبيرة، وربما تربيتهم تحتاج ثقافة واطلاع، ولكن كن على يقين أنه بإصلاح نفسك سيصلح أبناؤك وإن لم تتكلم إلا قليلا، أما كثرة الحديث والوعظ والأمر والنهي بعبارات جامدة لا فيها روح ولا صدق ولا تمثل بما تقوله، فإن كثرة حديثك لن يزيد طفلك عنك إلا بعدا ومللا.

اقرأ أيضا :

أختي العزيزة هل أنتِ متأكدة من إتقانك لكيفية التربية السليمة ؟ – قصة عن التربية

السيارة الغبية والتربية

الأسطورة – عن غياب دور الأسرة والمدرسة فى التربية

أحمد السيد

بكالوريوس تجارة
خريج معهد إعداد الدعاة بوزارة الأوقاف
باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة