الحق سينتصر رغم انتشار الباطل – وسنن التاريخ لا تدعو لليأس
قضية الحق والباطل
الأحداث من حولنا تكثر وتتزاحم حتى أصبحت الساحة العالمية تتغير بين ليلة وضحاها وتتغير موازين القوى بشكل شديد التسارع، ومع ذلك كما قال ه.ج ويلز: “البشرية لا تزال بعد يافعة لم تتجاوز مرحلة المراهقة، وإذا نحن نظرنا إلى التاريخ كله بوصفه عملية واحدة أوركباً واحداً، وإذا نحن شهدنا صراع الحياة المستمر المتجه إلى أعلى والهادف إلى الإلمام والتحكم، لشهدنا آمال هذا الزمان ومخاطره فى صورها الحقة. ونحن الآن فى أول مطالع فجر العظمة البشرية، ولكننا أيضا نلمس وميضا بما تستطيع الحياة أن تفعله لنا”.
القضية حية
من تلك الأحداث نذكر قرار الرئيس الأميركى بالإعلان عن عزمه نقل سفارة بلاده إلى القدس اعترافاً بكونها عاصمة للكيان الصهيونى مما أدى إلى حدوث موجة من التظاهرات تنديداً بالقرار داخل وخارج الأراضى الفلسطينية.
وقد يهيَّأ للبعض من ردود الأفعال المختلفة أن هذه فورة شعوب، لكن دعونا لا نتعجل ومن ثم تختلط الأمور علينا؛ فالقضية الفلسطينية ليست موجة الأيام الماضية فحسب، ولا حتى ظاهرة تبدأ وتنتهى كل فترة من الزمن! إنها قضية تعيش فى أعماق العديد من البشر.
والدليل هواستعداد الناس للثورة مراراً وتكراراً كلما مس القضية أى سوء أوجد فيها جديد، ولعل البعض يتساءل لماذا لم تُنسَ القضية مع مرور أعوام طوال على احتلال تلك الأرض لماذا ينشأ أطفال كل يوم يحملون هم هذه القضية، لماذا فلسطين بالذات؟!
دعنى أخبرك أنها ليست مجرد قضية الشعب الفلسطينى أوالأمة العربية أوحتى الإسلامية فقط!
إنها قضية حق. ومن ثم هى بذلك قضية الإنسانية جمعاء
لماذا هى قضية الحق ؟
إن العين العاقلة إذا أبصرت الشأن الفلسطينى منذ بداية أزمته سترى أنه من غير العادل هجرة مجموعات من عدة دول ليستوطنوا بلداً ويفرضوا أنفسهم على شعب هذا البلد بقوة السلاح واضعين لأنفسهم نظام حكمهم الخاص ويجبرون أصحاب الأرض الحقيقيين على التسليم به وانتزاع جميع حقوقهم الشرعية؛ ليزيحهم من دائرة اتخاذ القرارات وتحديد مصير وطنهم!إن العاقل ليجزع لذلك ويخشى أن تتكرر تلك المأساة فى وطنه!
فالكيان الصهيونى يمثل الظلم والقهر فى أوضح معانيهما؛ فنراه يطبق ذلك فى كل خطواته، فتراه يعتقل ويعذب الأطفال والشيوخ والنساء والرجال ويقصف ويهاجم الآمنين فى بيوتهم ويهجر أهل الأرض وأصحابها الذين ولدوا وعاشوا منذ أجيال.
وعلى الصعيد العالمى تراه مستميتا محاولا ضمان استمراريته، فهو يعلم كم خالف مبادئ الحق فى قيام دولته المزعومة من البداية، فربط بقاءه بانتشار الظلم من حوله حتى تعمى أبصار الناس عن الحق وتنشغل بالمصائب التى تحل عليها، لذلك تجده دوما متورطا فى دعم الجماعات المتطرفة ليؤكد أن أفعاله وجرائمه الوحشية ما هى إلا لمحاربة الإرهاب الواقع على شعبه المسالم،أما دعمه للأنظمة الديكتاتورية القائمة فحتى يزداد الناس بعدا عن قضية فلسطين وينشغلوا بمعاناتهم، ويغوصوا في همومهم
إن كيان قام على كل ذلك الظلم والتجبر لا يتصور أبداً أنه مفهوم دولة، ولن يقوم بحماية حقوق جميع من يعيش على أراضيه باختلاف معتقداتهم!
لا للتخاذل .. نعم للمقاومة
ومع كل تلك الحقائق وبيانها بذاتها تجد التخاذل حول تلك القضية شديد التفشى؛ فتجد الحكومات والمنظمات الدولية تتقاعس عن البت فى أى خطوات فاعلة لإنهاء معاناة هذا الشعب ولا يقومون إلا بالمفاوضات التى أصبحت مضرب المثل فى السخرية والعدمية؛ فهم لا يفعلون إلا مماطلة تدعم هذا الكيان وتثبت أركانه وتزيد الوضع سوءاً.
إننا فى مثل هذه الأوقات يجب أن نعلن الحقيقة واضحة جلية؛ إن الشعب الفلسطينى فى مقاومته للاحتلال الصهيونى لوطنه يمثل الوجود الإنسانى أجمع فى مقاومته لكل ما يهدد حريته وكرامته،إنه يمثل الإنسان فى سعيه لنيل حقه الدائم فى تحديد مصيره بنفسه.
وما كانت نتيجة هذا التخاذل فى نصرة القضية إلا أن مد لهمتنا الكبرى التي نتغافل عنها أنها لم تعد فلسطين واحدة بعد الآن بل تكرر ما حدث لها وانتشر كالطاعون فيمن حولها حتى وإن لم تكن ظاهريا أراض محتلة!وان استمرينا فى خذلان قضايا الحق بهذا الشكل فعلينا مواجهة لعنة الباطل التى ستحل علينا جميعا،
لذا علينا ألا نيأس وأن نقاوم ما دمنا مع الحق؛ فحتمية التاريخ تقول أننا سننتصر.
ولنجعل مقولة”ه.ج.ويلز” ماثلة أمام أعيننا”لا جرم أن الأحلام تملأ رؤوسنا، وأن في أيدينا في الزمن الراهن قوة غير منظمة لكنها لا تبرح تزداد، فهل سيخالجنا شك أن جنسنا لابد أن يحقق تماما أجرأ تخيلاتنا وأنه سيحصل على الوحدة والسلام”.
اقرأ أيضاً:
كيف تقضي على القضية الفلسطينية ؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب