أسئلة عامة

هل فعلا فلسطين من حق اليهود من الناحية التاريخية والوثائقية كما يزعمون؟

هل فعلا فلسطين من حق اليهود من الناحية التاريخية والوثائقية كما يزعمون؟ بالتأكيد لا، وهذا الكلام به العديد من المغالطات التاريخية والعقلية.

أولًا: من الناحية التاريخية:

يحتوي هذا الكلام على خطأين تاريخيين:
الخطأ الأول: من المعروف تاريخيًا أن الكنعانيين هم من أوائل الشعوب الذين سكنوا أرض فلسطين في التاريخ الواصل إلينا، وأنهم عاشوا فيها قبل نبي الله إبراهيم، أي قبل أن يُوجد بنو إسرائيل أي أبناء نبي الله يعقوب، وقبل أن توجد اليهودية التي جاء بها موسى عليه السلام، وهذا مذكور أيضًا في التوراة نفسها وفي الإنجيل، كما هو واضح في سفر التكوين.
وترجّح العديد من النظريات أن الكنعانيين هم قبائل هاجرت من شبه الجزيرة العربية واستوطنت أرض الشام وفلسطين، وبالتالي فهم عرب طبقًا للمصطلحات المعاصرة، فأرض فلسطين تاريخيًا عربية أكثر من كونها إسرائيلية أو يهودية وليست من حق اليهود!
وحتى إن لم يكن الكنعانيون عربًا فهم بالتأكيد كانوا في فلسطين قبل أن يكون لليهود أو لبني إسرائيل أي وجود، وبالتالي فبنو إسرائيل واليهود ليسوا هم أصحاب الأرض الأصليين.
الخطأ الثاني: إن أغلبية من يسمون باليهود الموجودين حاليا ليسوا من نسل بيوت أو قبائل بني إسرائيل، وليسوا من نسل اليهود القدماء. وعليه فلا يحق لهم المطالبة بأي ميراث -إن كان لبني إسرائيل أو لليهود القدماء أساسا أي ميراث- في أرض فلسطين لأنهم ليسوا أسلافهم الأصليين، بل إن من يطلق عليهم يهود الأشكيناز أو اليهود الأوروبيين، هم في الأصل قبائل قوقازية وثنية اعتنقت اليهودية في العصور الوسطى حتى تتجنب الدخول في الإسلام وقت تمدد السيطرة الإسلامية في آسيا، أو في المسيحية وقت سيطرة الدولة البيزنطينية.
وهناك أكثر من بحث ودراسة تاريخية تناولت هذا الموضوع، ويقال إن الجغرافي القدير جمال حمدان هو صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت في كتابه «اليهود أنثروبولوجيا» الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدّعون أنهم ينتمون إلى فلسطين، ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية «الخزر التترية» التي قامت بين «بحر قزوين» و«البحر الأسود»، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات «آرثر كويستلر» مؤلف كتاب القبيلة الثالثة عشرة الذي صدر عام 1976.

ثانيًا: من الناحية العقلية:

أما من الناحية العقلية فالأرض بشكل عام حق لكل البشر، وهي حق بشكل خاص لمن يعمرها وينتفع بها، ولا يحق لغيره من أقرانه حرمانه من ذلك، وبالتالي فليس من حقهم أن يعتدوا على ساكني الأرض الذين ينتفعون بها بشكل مشروع، فلا يطردوهم، ولا يقتلوهم، ولا يخيفوهم، ولا يجبروهم على بيعها أو تركها، ولا يضروهم إذا رفضوا تركها، ولا يخدعوهم لتركها.
وإذا أرادوا الحصول على الأرض فيجب أن يتم ذلك بالطرق المشروعة التي تراعي ما سبق، مثل استصلاح الأرض البور، وشراء الأرض العامرة من أصحابها أو مبادلتها.
وكل هذا لم يراعه المحتلون الصهاينة اليوم، بل فعلوا عكس كل ما ذكرنا، فهم ظالمون قتلة سارقون ناهبون مخربون مفسدون معتدون، وهذا واضح لكل ذي عقل وبصيرة وإنسانية.
ورفض الظلم هو فطرة إنسانية وعقلية قبل أن يكون واجبًا دينيًا أو قوميًا.