العلاقة بين الترتيب والسعادة – رتب دماغك تنعم بحياتك
العلاقة بين الترتيب والسعادة – رتب دماغك تنعم بحياتك
فى كل صباح تستيقظ لتنظر حولها وتبدأ فى ممارسة مهامها وبمجرد أن تغسل وجهها تستعد لترتيب المنزل فتنظر يمينا ويسارا لتبدأ فى التفكير بوضع كل شىء فى مكانه الصحيح حتى يعود المنزل لترتيبه المطلوب وهكذا هى حياتها كلها بكل مسئولياتها والتزاماتها؛ دائما تحتاج للرعاية والترتيب حتى تستمر فى سعادة ونجاح؛ ففى الدراسة كانت ولا زالت ترتب مواعيدها للدراسة بتركيز وترتب المواد بشكل مناسب حتى تتناولها بشكل يتناسب وطبيعة كل مادة فى الدراسة.
وفى العمل ترتب مواعيدها حتى لا تتداخل المواعيد وتستطيع تحصيل ورعاية كل مسئوليات العمل لأنه فى تعارض مواعيد العمل تتداخل الأولويات وتؤثر بالسلب على تراتبية العمل المطلوبة والتى تعد من أهم أسباب نجاح العمل.
فكرت فيما يحدث فى حياتها قليلا ثم تنبهت لفلسفة الحياة برمتها، فحتى الطبيعة المادية من حولها منظمة ومرتبة فلكل حادث سبب ولكل معلول علة، ونظام الكون يراعى هذه التراتبية
حيث لا يتخطى الليل النهار كما لا يسبق النهار الليل فتعاقبهما منظم بشكل دقيق.
عطاء بلا حدود
ثم عادت بذاكرتها إلى الفندق حيث كانت آخر مرة تراه فيها، وآخر نظرة تلاقت فيها عيناهم، وهو ينصرف غير مكترث بما كان بينهما وما جمعهما من حب وما كان من عطاء كبير منها انطلق من عواطفها الجياشة التى كانت هى رئيسة العلاقة وحاكمتها.
لم تحسب حسابا لمقدار هذا العطاء يوما ولم تترك مساحة للتعقل ودراسة ما قدمت وما ستقدم، فلم تكن تعتقد بأن هناك ما هو أسمى من الحب وليس يدل على الحب شىء أكثر من العطاء، نعم العطاء؛ فسعادة المحبوب هى كل ما تسعى إليه، بل فسعادتها هى تأتى بناء على تلك السعادة التى تراها فى عينى محبوبها الغالى فلا ترى كمالاً لحياتها بدون وجوده بها،
فى كل حركة وسكنة لها كان هو الدافع الأول والأخير، كان هو الشرارة والحماسة التى تنطلق منها إلى كل عمل.
لم ترَ هدفا يستحق الاهتمام أكثر من أن تصل لقلبه بشتى الطرق وبغض النظر عما ستقدمه، فداء لهذا الهدف انطلقت وأعطت الكثير والكثير من روحها ومشاعرها؛ فلم تكن تعتقد أن أى من هذا خطأ! كيف هذا؟ بل كيف يكون كذلك وهو عطاء بإخلاص وحب، والغاية منه نبيلة لا مصلحة فيها ولا غرض سوى السعى فى سعادته ورضاه وتكامله حتى ولو كان هذا كله على
حساب نفسها فهى ترى أنها لا شىء بدونه وأنه هو كل شىء لديها؛ فكل ما تبنيه فيه يبنيها وكل ما ينقصه ينقصها، فهم فى عرف الحب شخص واحد، وقلب واحد، وروح واحدة، تحيا فى جسدين مختلفين فقط.
التعقل واجب في العلاقة
يااااه!!
يا لها من مشاعر عميقة، ويا له من حب صادق ويا له من عطاء عظيم، إلا أن صدق النوايا لا يكفى لضمان سلامة الوصول ولا تحقيق الأهداف السوية، وللأسف لم يكن فعلا عطاءً فى محله ولم يكن سوى وبالا على تلك العلاقة؛ حيث كان بلا تعقل وبلا وعى، كان عطاءً نعم. ولكنه لم يصب الهدف لأنه لم يكن مناسبا لتلك الحالة، لم تمهل نفسها للتفكير بشكل سليم
غفلت عن رؤية الواقع الحقيقى وغفلت عن التفكير فى واقع وحقيقة العلاقة وما يتناسب معها من عطاء لواجبات أو أخذ لحقوق.
تلك النظرة التى رمقها بها فى النهاية أثناء ذهابه الأخير علمتها الكثير والكثير، أصابت مشاعرها فى الصميم بشىء أشبه بقنبلة نووية لم تبقِ على شىء من تلك المشاعر، بل وأطلقت العنان للتفكير الذى كان حبيسا وراء تلك المشاعر.
فتنبهت فجأة من غفلتها على الآلام التى علمتها أكثر من أى سعادة وسرور حصلت عليها جراء تلك العلاقة التى كانت متوهمة بأنها السبيل الوحيد لتكاملها!
سحر الترتيب
وانكشف لها أن ما كان ينقص تلك العلاقة أكثر من أى شىء هو الترتيب. نعم ترتيب أفكارها، ترتيب دماغها وعقلها وتفكيرها؛ فتشخيص الفعل والتوجه إن لم يرجع إلى منهج سليم وإن لم ينتج عن دراسة ورؤية واقعية ومنهج تنطلق منه للحكم على الأفعال فلن تكون الأفعال موافقة للواقع ومناسبة له؛ فقد يستقر الفعل فى غير محله كما فعلت هى حيث يفسد أكثر مما يصلح.
فلكل نتيجة سبب ولكل معلول علة، والنجاح والفشل نتائج تترتب وتعتمد بشكل أساسى على السبب الرئيسى الذى أدى للنجاح أو للفشل، والسبب هنا كان الانطلاق من الحكم على الأمور والأفعال من هوى نفس وشهوات ومشاعر، ولم ينطلق من التفكير السليم الذى يستطيع ترتيب المعلومات للوصول لنتيجة صحيحة أو الوصول للهدف المنشود بشكل سليم.
والإخلال بتلك السلسلة فى التفكير يشتت الجهد ويذهب بالأثر إلى طريق آخر ليس هو المستهدف؛ حيث لا تتقابل الأفعال والتصرفات مع الأهداف أبدا لأن أى خلل فى عملية التفكير معناها ضياع الطريق والدخول فى دوامات مختلفة لا يعلم مداها.
بداية جديدة أكثر عقلانية
ولذلك تعلمت فى نهاية العلاقة أنه عليها فرض الأسئلة حول أى علاقة تدخل فيها، وعليها تعريف وفهم كل شىء أولا، ودراسة جوانب العلاقة جيدا؛ فالتساؤل هو بداية طريق العلم ولذلك عندما عاد إليها من جديد وطلب منها أن تنسى ما كان منه وكل ما حدث لأنه سيعود إليها إنسان جديد، وأن تفتح معه صفحة جديدة لن يشوبها شائبة فى المستقبل كما وعد.
لكنها فى هذه المرة قبلت به كإنسان جديد لأنها هى أيضا أصبحت إنسانة جديدة بل إنسانة حقيقية تعتمد على ميزتها الإنسانية التى تميزها عن باقى الحيوانات، تعتمد على عقلها كميزان لحياتها ومنطلق لأفعالها لا مشاعرها وأهوائها.
أخذت ورقة وبدأت تدون فيها ما أخطأت فيه وماذا فعلت لتخسره فى المرة الأولى، وعلى الجهه المقابلة للورقة كتبت ماذا كان يجب أن تفعل لتبدأ فى فعله، كتبت أخطاء الماضى لتسعى فى الحاضر لتفاديها وإصلاحها سعيا إلى مستقبل مشرق وسعادة حقيقية، تمنت أن لو عرفت طريقها من قبل وتذكرت أن
(الفشل هو ببساطة فرصة جديدة لكى تبدأ من جديد لكن هذه المرة بذكاء أكبر).
هنرى فورد
اقرأ أيضاً:
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب