غير مصنف

حوار مع الدكتورة سامية سلام حول أزمتنا الحضارية وكيفية استعادة دورنا المفقود

حول أزمتنا الحضارية الحالية وكيفية استعادة دورنا المفقود

دار هذا الحوارمع الدكتورة سامية سلام

مدرس الفلسفة الإسلامية، كلية الآداب، جامعة بني سويف

بحكم تخصصكم في “الفلسفة الإسلامية”، ماهي أزمة الخطاب الديني الحالي؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الخطاب الديني الحالي لا يستوعب كل التطلعات البشرية وإلا ما حدثت كل هذه المشكلات المطروحة حاليا، فقد تقف بعض الخطابات الدينية  بين المسلم وعصره، ولابد أن نفرق بين الخطاب والنص، فالخطاب هو فهم  بعض علماء الدين في عصر بعينه، فلا يجب تقديسه أو تثبيته، ولا يقصد بالتجديد تغيير النصوص وتبديلها، بل فهمها وتطبيقها على نحو يلائم العصر ويستوعب النوازل، ويتسع للحكم على مستجدات العلم ومتغيرات الحياة، ولذلك فإن تجديد الخطاب الدينى يستوجب التَّأويل وهو ضرورة عقلية، فالأصول لا يمكن الخوض فيها، أمّا الفروع فهي أمور لا بد أن تكون مجالاً للتأويل  للتعمق في النص ومحاولة فهم معانيه.

 

ما الحل في نظركم حتى نجدد نظرتنا للخطاب الديني؟

  لكي يواكب  الخطاب الديني المستجدات لابد أن يعاد النظر في النصوص الدينية وتجديد قراءتها، لإيجاد القواعد  التي تصلح لهذا العصر حتي يتحرر الفكر من القوالب الفكرية التي تعوق حركة الإنسان، فالنظر في النصوص الدينية لابد أن يستمر مادامت الحركة الإنسانية مستمرة.

 

“وهذا العداء والعقل المنغلق في التعامل مع الأخرين  أدي إلى انهيارات عديدة للحضارة العربية و الإسلامية، فدوائر البحث المغلقة وانعدام حرية الفكر والتعبير وتشجيع العلم،‏ والتوقف عن سماع الآخرين يعمل علي  توقف البحث والإبداع، ويجمد الفكر، ويؤجج الصرعات علي كل المستويات” بهذا الكلام البديع، لخصتم حال حضارتنا العربية والإسلامية، ما الدور المطلوب من المفكرين الآن لاستعادة دورنا الحضاري المطلوب؟                                                                     

   في الحقيقة إن استعادة دورنا الحضاري هو الطريق الوحيد لتقدمنا، ويمكن أن يحدث هذا  عندما نتعالي علي الخلافات التي بيننا كشعب واحد، أو كشعوب عربية يجب أن تكون متحدة، و أزمة أي حضارة تبدأ عندما يبدأ التعصب وتتعاظم الطائفية، وعندما يتراجع دور العقل، لابد من الترسيخ لمرحلة حضارية جديدة متميزة ينطلق فيها العقل بعد أن انحصر دوره، ويتم  هذا حينما تتوفر الأجواء والثقافية والسياسية التي  تتسق مع هذه الأهداف.

 

.                                                       

تشددون كثيرا على أهمية دور منظمات المجتمع المدني والكيانات التطوعية في عملية التوعية الفكرية والاجتماعية، كيف تقوم تلك الكيانات بواجبها لكي تنقل نخبنا الفكرية المختلفين أيدولوجيا من مرحلة “الجدل” فيما بينهم إلى مرحلة “الحوار البناء” في نظركم بحيث تصير قبول الآخر ثقافة عند الجميع؟

   تعد منظمات المجتمع المدني مؤشر حقيقي على تقدم المجتمع ودليل على نمو وعيه  ومعيار ثقافته، والمجتمع المدني قائم في الأساس على ثقافة الحوار والتسامح التي يجب نشرها والترويج لها، فهي ثقافة تتطلب احترام الآخر المختلف معه، وعدم التعصب، لذلك لابد من إعطاء دور لمنظمات المجتمع المدني في تكوين الجمعيات والكيانات الثقافية و المعرفية والتعبير عن حرية تداول المعلومات، فضلا عن دورها في مجال نشر الديمقراطية وثقافة المجتمع المدني والتسامح والحوار والقبول، والوصف ينطبق أيضا على دور الدولة التي تشكل حجر الزاوية في أي برنامج أو مشروع لبناء مجتمع عربي معرفي.                                             

    والضمانات التي يجب أن توفرها منظمات  المجتمع المدني للحوار الفعال وبخاصة بين النخب الفكرية،  كثيرة منها:  تمكن المحاور من  العلم و الثقافة الواسعة والمعرفة بالقضية المطروحة للحِوار، والموضوعية  وقصد الحق، والرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون مهما كانت، والتمسك  بآداب الحوار التي تضمن استقامته ونجاحه… وتقوم منظمات المجتمع المدني في الأساس علي المثقفين الذين يجب أن يكون دورهم الأساسي من خلال هذه المنظمات ورفع درجة الوعي بين المواطنين والتطلّع متوجّه إلى النخبة المثقفة لتساهم في البناء الحضاري وتقدم المجتمع من خلال منظمات المجتمع المدني والتعاون معها. 

 

قدمتم تحليلا متميزا لرواية نجيب محفوظ “الطريق”، وقلتم إن البطل هنا يبحث عن الحقيقة والمعرفة المتمثلة في “الإله” حتى ينتشله من حالة الضياع والاغتراب التي يواجهها. هل في نظركم يعاني شبابنا تلك الأيام من مشكلة شبيهة لما يعانيه “صابر” بطل رواية نجيب محفوظ؟

  نعم يعاني شبابنا اليوم من مشكلة تشبه مشكلة صابر في رواية الطريق، وتظل مشكلة شبابنا في إحساسه الممزق وشعوره الدائم بالفراغ في نفسه، والتهميش في مجتمعه،  وبعضهم يصل إلى نتائج متشابهة لما وصل له صابر، عندما فضل الركون إلى الطريق المادي القريب “جحيم الشهوة” عن طريق العقل والروح والسمو، فالشباب يحاول اليوم أن يجد من  ينشله من حالة الحيرة  والضياع والخواء والفجوة الكبيرة بين الحلم والواقع، فيضل أغلبهم الطريق لأنه أخطأ في طريقة بحثه عن الحقائق –كما فعل صابر، لأن أبواب الضلال دائما مفتوحة علي مصراعيها.

 

ماهي العلاقة بين الفلسفة والأدب؟ ولماذا يجنح عدد من المفكرين وأساتذة الفلسفة إلى الكتابة والتعليق على بعض الروايات والنصوص الأدبية؟

      الأدب والفلسفة كلاهما يسعى إلى المعرفة من خلال التحليل  والتفسير،  فالفلسفة تستخدم الأدب للتعبير عن الإشكالات الفلسفية والوجودية بأسلوب فني وجمالي، و عبر بعض الفلاسفة عن أفكارهم الفلسفية باستخدام الأساليب الأدبية. وكتب الأدباء بالطرق الفلسفية العميقة وطرحوا في بعض الروايات أفكارا وقضايا  فلسفية  بالغة الأهمية.

(انتهي الحوار)