حقائق ومغالطات حول القضية الفلسطينية
هناك كثير مما يُقال حول تلك القضية، على سبيل المثال: الفلسطينيون باعوا أرضهم، لا يستحقون الدعم، ولقد حاربنا كثيرا في سبيل تلك القضية وآن الأوان لكل دولة عربية أن تركز على مصلحتها خاصة أننا لن نقدر على مواجهة القوة الإسرائيلية المدعومة من أمريكا ودول أوروبا… ما رأيكم في تلك الأقوال؟
تلك الشبهات تشترك جميعها في أن مروجيها يتمتعون بعقلية تُغلّب المنفعة ولغة المصلحة المادية على المبادئ والقيم، والواقع فإن كل إنسان يتمتع بالعقلانية والضمير سوف يرفض تماما أن يتم تعويضه بالمال أو السكن نظير بيعه لكرامته، أو تخليه عن شرف زوجته وأمه وأبنائه مثلا…
أما بخصوص أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم، فهذا تعميم مبالغ فيه، ولم يثبت تاريخيا بأي حال أن عديدا من الفلسطينيين قد أقدموا على ذلك، وحتى لو فعل القليل ذلك، فهناك آلاف مؤلفة مازالوا متمسكين بأوطانهم وأراضيهم في القدس ورافضين عروضا بالملايين وجنسيات أجنبية من منظمات صهيونية عالمية مقابل التخلي عن وطنهم، كذلك هناك عشرات الآلاف ممن ضحوا بأنفسهم وتعرضوا للسجن والتعذيب دفاعاعن القضية، كذلك إذا فرضنا أن بعض الفلسطينيين قد باعوا أراضيهم لليهود فإن نبل القضية لا يسقط بسبب هذا الفعل إن حدث، فالصهيوني سيبقى منتهكا، والأقصى مازال مقدسا يمس كل مسلم، والأرض تظل محتلة من كيان عنصري يتبرأ من أصولنا وثقافاتنا العربية والدينية.
أما كوننا حاربنا كثيرا من أجل القضية، فإن التاريخ يقول إن الحرب الوحيدة التي خاضها العرب من أجل فلسطين هي حرب 1948، أما باقي الحروب، من 56، 67، 73 وحتى 2006 هي حروب لتحرير الأراضي من بطش وتحرشات الصهاينة بباقي الأراضي العربية، كمصر وسوريا ولبنان. وهو ما يكذب الادعاء القائل أن على كل دولة عربية أن تسعى لمصلحتها وتلبية مصالح شعوبها بمعزل عن القضية الفلسطينية، فالصهيوني لا يمكنه أن يسمح بوجود أي دولة عربية تتمتع بالقوة الاقتصادية والعسكرية من دون أن تكون تحت تبعيته وفي خدمة مصالح الصهاينة التي تتنافى مع مصالح كل أمة في العيش الكريم والاستقلال الوطني والحفاظ على الثقافة والهوية.
بل إننا نستطيع أن نقول وبالدلائل: إن إسرائيل هي رأس الحربة التي زرعها الغرب وسطنا كي يتحكم في منطقتنا العربية والإسلامية ويقف ضد أي نهضة أو وحدة يمكن تحقيقها، وخطط الشرق الأوسط التي وضعتها أمريكا لتمزيق المنطقة لطوائف وعصبيات دينية تستنزف طاقتنا في الصراعات مع بعضنا كي نضعف جميعا وتتسيد إسرائيل المنطقة وتتزعمها، هي أكبر شاهد الآن على ما نقول، مما يجعل المطالبات بأن تنهض كل دولة عربية بشكل متفرد ومستقل في ظل منطقة يعربد فيها الصهاينة كيفما يشاؤون، هي من وحي الخيال لا الواقع!
والخلاصة فإن وجود إسرائيل وسطنا سياسيا واقتصاديا من أهم أسباب مشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية، بل والاجتماعية أيضا، ومجابهة الصهيونية هي أولى خطوات الحل كي نرتقي جميعا من كافة الوجوه المذكورة…