In God We Trust
In God We Trust
جلست يوماً اتأمل فى حال وطنى وما يملؤه من بؤس وشقاء ، لتجول بذهنى خاطرة عن كيف يمكن انتشال هذا الوطن الضائع من مستنقع الفشل ، ولم أجد خيراً من المثال الأمريكى -الحلم الأمريكى- لدولة هى الأقوى فى العالم حالياً ، لتكون خير دليل لخارطة طريق تنهض بالوطن ، ليبرز أمامى الحل فجأة بعد طول تفكير وتمعن فى التجربة الأمريكية ، وهو يتمثل فى تلك الجملة التى توجد على العملة النقدية الأمريكية والتى تعنى (بالله نثق) In God We Trust ، تلك الجملة التى نملك فى قرآننا الكريم خير منها آلاف المرات، والتى إن علت جنيهاتنا الفقيرة لأصبحنا يوماً لنجد أن الجنيه قد أضحى عشرات أضعاف ثمنه، ولكن أين هى العقول السليمة والقلوب المؤمنة القادرة على العمل على تلك الفكرة ، فى زمن يعيش فيه مجتمعنا فى الأوهام.
طبعاً لا حاجة لى لايضاح مدى ما تحويه الفقرة السابقة من مغالطات ، والتى إن قرأتها على أحد لاستلقى على ظهره ضاحكاً من سذاجة تلك الفكرة واستدلالى الأبله عليها ، ولكن أليس ما سبق هو ما نفعله يومياً وإن اختلفت النتائج..!!! ألسنا يومياً ننادى بالحرية التى بها أصبحت أمريكا دولة عظمى؟!! متجاهلين حقيقة واضحة للعيان -إلا لمن تعامى عنها- فى أن الحرية مطلوبة وبشدة ، إلا أنها ليست المحور المركزى واللاعب الرئيسى لذلك التقدم التكنولوجى المهول الذى تحظى به الولايات المتحدة الأمريكية ، والذى قام على البحث العلمى الجاد والأخذ بأسباب النهضة –المادية –
فللأسف أصبحت ساحاتنا الفكرية والسياسية قائمة على ذلك التفكير القاصر ، والذى ربما إن وجُد أصحابه مثلاً فى ثمانينات القرن الماضى لرأوا فى الفاشية السوفيتية سر التقدم ، وبخاصة مع ذلك التقدم الجبار والقوة العظيمة التى امتلكتها ، حتى أن أحد علماء ناسا المسؤولين عن اطلاق (أبوللو) سُئل عن توقعه لما يوجد على القمر فأجاب بثقة: “السوفييت طبعاً” ، ليصبح ذلك المنهج الفاسد هو الأساس الذى به نرغب فى خوض غمار رحلة التقدم والنهضة ، لنتفرغ للبحث فى توافه الأمور والغرق فى تحليلها.
فمع النشاط الفكرى والإجتماعى والسياسى خلال الفترة السابقة ، هالنى ما رأيت من جميع أطراف الساحات الفكرية من تفكير ملىء بالمغالطات والنصب الفكرى ، يفتقر إلى البحث الجاد ، فتجد من يرى أن الدولة لن تقوم سوى بالصلاة..!!! والتى مع ما بها من خير كثير للفرد ، إلا أنها ليست السبب الذاتى وإن كانت مُدخلاً مهماً لمن أدرك سر وجوده حقاً فجمع بين دينه ودنياه ، وتجد آخر يرى أن ما أرجعنا عقوداً للوراء ليس سوى قطعة من القماش -الحجاب- ، بينما التقدم لن يأتى سوى بالملابس القصيرة..!!! دون أن يضع فى حسبانه أى اسباب أخرى ، وهكذا هلم جرا من التفكير السطحى الذى لا يرقى حتى لكونه تفكير ، بل ربما يكون من الأوقع أن يُدعى تعطيل ، بما فيه من تعطيل للتقدم المزعوم الذى يدعون السعى إليه.
لذا أصبح لزاماً علينا إن كنا حقاً نبحث عن نهضة أو تقدم ، أن نرتقى بتفكيرنا وقبل كل ذلك أن نملك الاسئلة السليمة ، دون اجابات مسبقة تقصر الكون كله فى شهوة ما ، أسئلة تبدأ بوجودنا ذاته وتنتهى للمعانى والقيم و حقيقتها وكيفية إعلائها ، ليكون بحثاً حقيقياً ذو آلية وميزان ، تكون فيه الأجوبة ملزمة للعمل لبناء دولة ، بعيداً عن تلك الأفكار العبثية والاستدلالات الحمقاء والاستغراق فى سفاسف الأمور ، لتقوم دولة بالعقل تبدأ .. وتثق.
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.