وغدًا ستشرق الشمس من جديد
عبر تاريخ البشرية الطويل، عندما نقلب في صفحاته، نرى شروقًا وغروبًا، نصرًا وانكسارًا، فرحة وحزنًا، ألمًا ويأسًا.
هنا لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نفترض الديمومة المطلقة، وهكذا الدنيا مزيج من هذا وذاك، وواهم كل الوهم من ظن أن دوام الحال حلمٌ قريب المنال، فدوام الحال من المحال!
سئل “جون ديوي” يومًا عن السعادة فقال:” هي أن تتمكن من عبور أحزانك، فإن فشلت في ذلك فهادنها وتعايش معها!”.
عبارة لخصت فلسفة التناقض البشري الجميل، الممزوج بعدم القدرة على إحكام السيطرة على السعادة المطلقة الخالية من الأوجاع والآلام والأحزان المتراكمة، التي ترسخت في وجداننا انعكاسًا لواقع مرير يكسر القلوب ويطعن النفوس بخناجر الألم المسمومة!
من رحم المعاناة تولد الأحلام التي تقهر ظلام اليأس، ومعها ينبلج نور الحقيقة مبددًا سواد الليل البهيم، الذي قيد النفوس الحائرة بقيود الصمت الرهيب!
تلك الأحلام التي تصارع الواقع في تحد رهيب، فارضة إرادتها، لتعبر بالنفوس إلى آفاق جديدة من الإشراق محاطة بسياج من النور، الذي توهج من رحم الألم!
تأوي النفوس الحائرة إلى النور محطمة قيود يأسها، ثائرة على صمتها، تكتب بدمائها الطاهرة صفحات من المجد الخالد على رمال أوطانها، التي بناها أجدادها واستقروا في أعماقها ترابًا عطرًا يفوح بالخلود.
تأوي النفوس الحائرة إلى النور متحررة من سطوة اليأس، ذلك الشيطان الرجيم اللعين الذي كبلها بقيود العجز الملطخ بدماء الجبن المتجمدة في العروق، لتتدفق من جديد عبر شرايين الحياة لتروي جنبات أوطانها بدماء الحياة والبعث الجديد.
تأوي النفوس الحائرة إلى منابر الكرامة لتصرخ في المستضعفين أن يستفيقوا من غفوتهم، التي غيبت عقولهم عن الوعي وسلبتهم إرادة التحرر وأسلمتهم إلى أتون يأسهم اللعين!
وغدًا ستشرق الشمس من جديد، ترسم على جباه الوطن أنشودة النصر العظيم، الذي روته الدماء، وعضدته عظام الشهداء، ورسخت أركانه جماجم الأقوياء الشرفاء.
وغدًا ستشرق الشمس من جديد، تبدد يأس الحيارى وتسحق أوهام التائهين، وتحيل المستحيل واقعًا يتألق في رداء المجد التليد.
وغدًا ستشرق الشمس من جديد على ربوع الوطن، المطرزة بنقوش الحنين، النابضة بدماء الكرامة التي ضختها قلوب لم تعرف المستحيل.
وغدًا ستشرق الشمس من جديد، تداعب أحزان الثكالى، وتمنح الصغار هدايا من حبات التراب المعطرة بعبق الشهداء، ليجعلوها عقيدتهم التي بها يؤمنون، وشعارهم الذي من أجله يحيون ومن أجله سيموتون.
هنيئًا لعشاق الشمس عشاق الحياة عشاق الخلود، فغدًا يوم جديد وغدًا ستشرق الشمس من جديد.
مقالات ذات صلة:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا