سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية التصدي لها
هل نحن نفكّر تفكيرًا سويًا وسَطيًا مُعتدلًا لا شَطَطَ فيه؟ أم نلهث وراء الشائعات وما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي من بتر للحقائق وترويج للأفكار وبث للسموم في بعض الأحيان؟
ضرورة العودة إلى التفكير الإيجابي
إننا حتى لا نستمع لأبنائنا! بل والأدْهى والأعجب أننا نطلب منهم أن يستمعوا هم إلينا نحن الكبار، بل نستخدم استراتيجية رفع الصوت –أحيانًا– حتى نفرض عليهم آراءنا ونُدير عقولهم بِفهمنا وليس بتفكيرهم،
وقد يتخذ رب الأسرة في البيت أو معلم الفصل في المدرسة أو الأستاذ في الجامعة أو رئيس العمل ومدير الشركة قرارًا أُحاديًا مُنفردًا دون الرجوع إلى الشركاء وفريق العمل، ثم يلومهم بعد ذلك على الخسائر والمصائب التي حلّت بهم.
بداية يجب أن نعوّد أبناءنا على التفكير الإيجابي، ومن ثم التدريب على اتخاذ القرار ومعالَجة الأزمات ووضْع حلول للمشكلات، لصناعة أجيال تتحمّل المسؤولية وتقتحم الحياة بما فيها، وسوق العمل وتفادي النكبات والكبوات والإخفاقات التي قد تؤثّر على مساراتهم في المستقبل.
أضرار وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب
غالبًا –وفي الآونة الأخيرة– ما نعتمد على وسائل الإعلام والتواصل بغثها وسمينها وحلوها ومُرّها جيدها ورديئها، دون إعطاء الفرصة وإفساح المجال لعقولنا ولو لنصف دقيقة للتفكير أو حتى عرض الفكرة أو الأمر على العقل الذي يقوم بدوره بالقبول أو الرفض بالمشيئة أو الإباء.
يقول (جوان ريغو) وهو كاتب ومؤلف: “أدى الاستخدام العشوائي لوسائل التواصل الاجتماعي إلى التعتيم والتشويش على قدرات التفكير الناقد لدى الشباب، حتى إنه دفع بهم بعيدًا عن أرض الواقع، فالواقع اليوم هو أنّ أي شخص يُقرّر أن يفكّر بشكل مستقل أو أن يُعبّر عن رأي غير شائع ولا تتفق عليه الأغلبية، قد يظهر مثل متآمر يريد أن يقف ضد العالَم”.
وجوب رد الأمور إلى أصلها والاستناد إلى البراهين
ومن ناحية أخرى فإننا تحولنا فجأة وبدون سابق إنذار إلى خبراء وقُضاة وعلماء وعندنا دِراية كاملة عن مُجريات الأمور في كل شيء في جميع التخصصات، نَهْرِف بما لا نعرف ونُدلي بغير دَلْوٍ في مسائل عامة وخاصة، مُعقّدة أو بسيطة.
إننا وبكل بساطة إذا وَكَلْنَا كل شيء إلى عالِمِه، ورددنا الأمور إلى أصلِها ونِصَابها، وفكّرنا تفكيرًا هادئًا رزينًا ونِقاشًا بنّاءً يستند إلى عِلمٍ وحُجج وبراهين أصيلة، وتركنا التعصُّب للرأي في حواراتنا وجَدَلِنا،
فعندئذٍ، وعندئذٍ فقط، يمكننا أن نرتقي بتفكيرنا ونصل به ومن خلاله إلى أساس راسخ عميق، بعيدًا عن الشائعات المتمثلة في الصور ومقاطع الفيديو والعبارات المجتزأة والأقوال المبتورة والنصوص المُلْتوية.
إن اللعب على وتر العواطف الإنسانية الجيّاشة واستخدام النصوص الدينية كمطيّة لتحقيق المآرِب وإنزالها في غير أماكنها وعلى غير شخوصها من شأنها أن تُعطّل التفكير السوي النقدي الذي يعتمد على العقلانية والرزانة، وبالتالي تُحَفّزه وتأخذه في مناطق أخرى غير المُخَصّصة له.
دور المُربين في التصدي لأضرار وسائل التواصل الاجتماعي
ومن هنا فترْكُ الأولاد أمام تلك المحتويات اللا نهائية والمجهولة المصادر دون توجيه وإرشاد، وتعليم فن التفكير ومن ثم التفكير فيما يُفكّر فيه الآخرون لِفهم المسموع والمقروء والمكتوب لتحصين الأجيال من خطر العولمة المُحدق الزاحف بغير استئذان الغازي البيوت والعقول، وبالتالي فَرْض الهيمنة وسيطرتها.
وينبغي على المُربين والمُدربين والقائمين على وضْع المناهج والبرامج التدريب على التفكير الجيّد اللّمَّاح الدقيق، وعدم مُشاركة المنشورات السلبية غير المعروفة التي تحتوي على مواد مُحرّضة استفزازية، أو ذات أغراضٍ واتجاهات ليست مألوفة أو طبيعية،
والتأنّي في قبول الصداقات المجهولة والحرص على معرفتها وعدم فتح بابها على الغارِب، لأنها في الغالبِ تكون وهْمِيَّة غير حقيقية، وكذلك عدم تضييع الأوقات فيما لا يفيد والسؤال عن الأشياء الغامِضَة لأخْذ الخِبْرَة والعِبْرة، والتأكيد على الاستفادة من الإنترنت عامة وشبكات التواصل خاصة.
اقرأ أيضاً:
التفكير العلمي والتصدي للشائعات
سلسلة المهارات الحياتية الواجب تعليمها للطلاب
علاقة الأسرة بالبناء الفكري للطفل؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا