مقالاتقضايا وجودية - مقالات

كم منا يريد أن يهرب من ألم ومصاعب الحياة؟ وهل سنصل للسعادة الحقيقية في يوم ما؟

كل إنسان بأدنى تأمل فى وجوده؛ يُدرك أنه بفطرته يبتغى اللذة والسعادة ويهرب من الألم والعذاب وعلى هذا يكون سعى الإنسان فى حياته من أجل الحصول على لذات أكثر وأقوى وأكثر دوامًا والهروب من الألم والشقاء. وعندما يتوجب على الإنسان المفاضلة بين أكثر من لذة؛ فسيضحى باللذة المحدودة فى سبيل الأكثر دوامًا، وقد يتحمل الإنسان عذابًا مهما اشتد لأنه يكون قليلًا إذا ما قُورن بالوصول إلى لذة كبرى ودائمة وقد يدفع نفسه بعيدًا عن لذة قليلة للخلاص من عذاب كبير.

حقيقة اللذة

إن اللذة هى حالة إدراكية تحصل لدينا عند حصولنا على شئ نهواه ونرغب فيه، فالفرد عليه أولًا أن يعرف نفسه ويعرف بدايته ومنتهاه ويعرف قدراته واستعداداته ويُشخّص كمالاته التى يمكن الوصول إليها حتى يحدث الشوق الباطنى لما فيه كماله وسعادته وهذا الشوق هو الذى يُحركه نحو الهدف الذى به تتحقق اللذة.

ويمكن اعتبار اللذة دافعًا للنشاط والسعى ومن جهة أخرى نتيجة لهذا النشاط والسعى، كما يمكن اعتبارها كمالًا للموجودات ذات الشعور والإدراك؛ فهى صفة يمتلك الأفراد الاستعداد للحصول عليها وتؤدى لكمالهم بشكل ما وعلى هذا فأى عمل يؤدى لحصول لذة يقع موقع الإرادة الإنسانية.

وأول الأمر أن يحس الإنسان فى نفسه نوعًا من الحاجة فيتألم لذلك، أو يجد نفسه خالية من لذة معروفة فيسعى نحوها والإحساس بالألم وانتظار اللذة يحركه للسعى لرفع ألمه وتحقيق لذته مثل أن يشعر الفرد بالجوع فيتحرك لتناول الطعام فيزول ألمه وتتحقق لذته.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

والإنسان يحتاج إلى ترجيح بعض حوائجه ومتطلباته على الأخرى؛ فهو دائمًا فى موضع الاختيار بين لذات عدة، فقد يختار عمل له لذة قصيرة وقد يختار عمل له لذة كبيرة ولكن يعقبها ألم شديد وقد يختار عمل ظاهره اللذة ولكن حقيقته الألم، كما أنه من الممكن أن يكون جاهلًا ببعض الأعمال التى لم يذق لذتها ليقارنها بغيرها؛ إذًا لابد من آلية لمعرفة كيفية الاختيار بشكل سليم حيث يجب على الفرد -بادئ ذى بدء- معرفة حقيقة اللذة وتشخيص اللذة الحقيقية بالحساب العقلى والمقارنة بين الغرائز على أساس غاياتها ثم يُرجِّح الأفضل غاية.

إن الإنسان مُنح غرائز وشهوات غايتها حفظ وجوده فى هذا العالم ليطوى طريق تكامله وإن بالغ الإنسان فى إشباعها صارت وابلًا عليه، فما هى إلا مقدمات لكمال أو كمالات نسبية ، ولكن غرائز طلب المعرفة والكمال غالبة وحاكمة.

هو خير وأبقى

فاللذة الدائمة والكمال الحقيقى للإنسان،  هو قربه من خالقه وسبب وجوده، وسائر الكمالات البدنية والروحية كلها مقدمات ووسائل للوصول لهذا الكمال وهى مهمة ليس لذاتها ولكن بقدر ما تعين الفرد فى سعيه نحو الكمال المطلق.

إن الفرد عندما يعرف الله سيشعر بحاجته الشديده للقرب منه ولن يرفع ألم حاجته سوى السعى نحو بارئه وإن لم يعرف من فاض عليه بالوجود فقد نفسه وفقد معها كل اللذات فنسيان النفس من لوازم نسيان الله، نسوا الله فأنساهم أنفسهم.

واللذة التى يطلبها الإنسان بالأصالة -سواءًا كان مدركًا لهذا أو غير مدرك- هى اللذة التى يملكها الكمال الحقيقى فى حين تمتلك سائر المقدمات لذات فرعية نسبية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

علاقة السعادة بالبساطة

كمال الحب في حب الكامل

لذة وحب وشوق

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة