مقالات

أين تكمن المشكلة؟ وما الحل؟ – أزمة المجتمع، ماذا تعني بذلك؟

المشكلة و السبب

في إحدى وسائل المواصلات نشأ حوار بين أحد الركاب والسائق حول المشكلة في أوضاع المجتمع وقد بدا الراكب ساخطا على المجتمع وما أن انتهى الراكب من إسقاط جام غضبه حتى توالت ردود الفعل من سائق العربة والذي اشتكى أيضا مما شكا منه الراكب من فساد المجتمع وفساد البشر، وأن سوء الحال هو نتيجة لأفعالنا وأننا لن نتقدم ولن تصير أمورنا إلى خير إلا بإصلاح أنفسنا.

وما أن انتهى السائق حتى  ساد الضجيج بين الركاب جميعا متذمرين وملقين باللوم على أفراد المجتمع وانتظار الإصلاح وقد تواردت الأقوال حول انتظار كل فرد أو فئة أو طبقة الفئة الأخرى أو الطبقة الأخرى بإصلاح أمورها حتى يعم الصلاح في كل المجتمع.

فولي الأمر يرى في المعلم أنه الكارثة وأن ما لحق بهم هو نتيجة لفساد ذمم المعلميين وهناك من ألقى باللوم على الأطباء وجشعهم واستغلالهم للمرضى، وهناك من صرخ من أن التجار وجشعهم صار السبب في ما صار إليه المعلم والطبيب من سوء الحال والذي صاحبه فساد الذمم وتارة يكون الموظف الذي لا يرغب في العمل وتارة رجال الأعمال وتارة رجال الإعلام ….إلخ.

ولكن ماذا بعد؟

لقد تصادف لأغلبنا هذا الموقف وتوالت الشكاوى، كل يرى الآخر هو المشكلة وأن الحل يأتي بصلاح الآخر وكل منا ينتظر من الآخر أن يصلح أمره أو على الأقل أن يبادر هو بالإصلاح.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فلو أن صبيا لم يتجاوز العشر سنوات أتى منزله فوجد هدية وعندما سأل من أحضرها فإذا بوالده يخبره أن يسال أمه أولا، وإذا بأمه تخبره أن يسال جده أولا  وإذا بجده يخبره أن عليه أن يسأل والده أولا، وصار الأمر يدور بينهم، وكل واحد ينتظر من الآخر أن يخبره أولا بالأمر! هل يا ترى سيصل الطفل إلى شيء؟

وهل فطرة الصبي ستقبل هذا العبث؟!

فهذه هي معضلة تشخيص المشكلة ، نقع في حالة من الدور كل منا يرى أن الأول هو السبب ويرى الثاني أن الثالث هو السبب والثالث يرى الأول هو السبب وندور في حلقة مفرغة من الدور.

نرى في مجتمعاتنا الأقلية تُلقي بمشكلاتها على الأغلبية والأغلبية محملة للأقلية العرقية أوالدينية المسئولية وهكذا… إلخ.

مما جعل مشكلات منطقتنا الاقتصادية والاجتماعية من سيء إلى أسوء! فبداية الحل هو تشخيص المشكلة.

لذلك كان من الواجب علينا أن نسال عن السبب  ما المشكلة ؟

فلو أن معلما رأى في يد أحد تلاميذه وردة وقد قُطفت من حديقة المدرسة فإذا بالطالب يُلقي بالمسئولية عن القطف على أحد زملائه وإذا بزميله يلقيها على زميل  آخر وإذا بالآخر يلقيها على زميلته وهكذا صار كل واحد يرمي بالمسئولية على شخص ما قبله وصار الذي قبله يرميها على من قبله… صار من الاستحالة أن تكون الأزهار قد قطفت نفسها، أو أن المشكلة ليس لها سبب فلو لم يقم أحدهم بقطف الزهرة لما وجدت المشكلة ولما وجدت تلك الأزهار المقطعة وهذا ما يُسمى بتسلسل الأسباب إلى ما لا نهاية فهو محال.

وهنا تكمن الأزمة فلو تسلسلت أسباب المشكلة إلى ما لا نهاية، نتج أن بداية المشكلة مجهولة وبالتالي وقعنا في أزمة إلقاء كلا منا بالمسئولية على الآخر، وهذه هي المشكلة، هي عدم تحملنا للمسئولية وافتقادنا لروح المبادرة لحل المشكلة وانتظار الحل أو التغيير من الآخر دون أن نقطع بذلك التسلسل.

هل حاسبنا أنفسنا ؟

فقبل أن نلعن الزمن وأهله علينا أن نبدأ بمحاسبة أنفسنا هل قمنا بواجباتنا ودورنا في الإصلاح أم كنا ممن هم ساخطون ومتمردون دون أن يلتفتوا بأنهم قد يكونون هم أحد أسباب المشكلة؟

فابدا بنفسك وأصلح غيرك وكن إيجابيا فإن لم تكن فلا تلومن إلا نفسك فأنت من يرسم المستقبل مع غيرك، فلتبدأ بنفسك فلعلك تكن سببا لتحرير من حولك من التواكل واسأل نفسك ماذا فعلت بالأمس وماذا أنت فاعل؟

وهل هذا كافٍ لمواجة المشكلة؟ وهل بإمكانك أن تبذل المزيد؟ وهل هو من أولوياتك؟

اقرأ أيضا:

هاري بوتر والجمل الطيب .. تأثير الإعلام والأضرار التي يقدمها لأطفالنا الصغار

الكوميديا ودورها في الغزو الثقافي

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.