هل تعلم؟ – درسنا في المدرسة جسم الإنسان وأعضائه، ولكن ماذا درسنا عن عقله؟
هل تعلم؟
هل تعلم أن جسم الإنسان في حالة تجدد ونمو مستمر؟ حتى لو كان في عمر الشيخوخة؟ لقد أثبتت التجارب العلمية أن معظم أعضاء جسم الإنسان في حالة تجدد مستمرة؛ فمثلا جلد الإنسان يتغير بصفة يومية حيث تموت الخلايا القديمة وتحل مكانها خلايا جديدة، وتلحظ ذلك جيدا عندما نعود من المصيف بعد أن تغير لون الجلد إلى الأسمر تبدأ طبقة رقيقة في الانفصال ليظهر الجلد الجديد.
هل تعلم أن خلايا الدم تتجدد بالكامل في كل ثلاثة أشهر؟ وأن الهيكل العظمي يتجدد بالكامل في كل سبعة أعوام؟ هل تعلم أن بالمعلومات السابقة يصبح جسد الإنسان اليوم مختلف تماما عن جسد الإنسان من عشرة أعوام مثلا؟ إن ذلك التغير لكي يستمر بطريقة صحية يجب أن نختار بعناية نوعية الغذاء المسؤول عن ذلك النمو، مثلا نحتاج لغذاء يحتوي على الكالسيوم لبناء عظام قوية، ونحتاج فيتامين أ لنمو صحي للعين، وأن شرب كميات كافية من الماء مطلوب من أجل صحة الكليتين وصحة الجلد، كما أن فيتامين سي يقوي المناعة وأيضا يؤثر على نمو صحي للجلد.
هل تعلم أنه عندما يتعرض الجسد لإصابة أو جرح تسارع أجهزة الجسم للحد من الآثار السلبية لذلك التلف؟ وأنه لابد من غذاء مختلف عن العادة ليستعيد الجسد صحته ويتغلب على ذلك المرض؟
أعتقد أنه من البديهي أن من يسمع تلك المعلومات وكان حريصا على صحته سيسعى جاهدا لمعرفة ما يناسب كل جزء من جسده ليساعده على النمو الصحيح ويضمن له التجدد والشباب المستمر بقدر الإمكان. كل تلك المعلومات جاءت من الأبحاث والتجارب العلمية التي استطاعت الوصول لأدلة علمية على صحة المعلومات السابقة.
الإنسان ليس جسداً فقط
حسنا هل تعلم الإنسان ليس جسدا فقط؟ بل هناك ما يحركه ويتحكم به؟ إنها الروح. هل تعلم أن تلك الروح هي الأخرى في حالة تجدد وتغير؟ وأن ذلك التغير يحتاج لغذاء محدد لاستمرار نمو وتطور الروح بالشكل الصحي المناسب؟
إذا كان الجسد يتكون من أعضاء وخلايا، فنستطيع القول أن هناك مكونات للروح تؤهلها للتحكم الصحيح في الجسد وتوجيهه. نستطيع توضيح ذلك في صورة عربة يجرها حصانين ويقودها فارس. العربة هي الجسد، والفارس والحصانين مكونات الروح، حيث يقود العقل حصاني الشهوة والغضب، الشهوة لجلب الخير للجسد والغضب لدفع الشر عنه. ولكي تستطيع العربة السير في طريقها لابد من تغذية جيدة للحصانين والفارس، الحصانين لكي يستطيعا جر العربة والفارس ليستطيع السيطرة على الحصانين واختيار الطريق المناسب للسير. فما هو غذاء كل هؤلاء؟
هل تعلم أن حصان الشهوة يتغذي على كل ما يجلب الخير من مأكل وملبس وزواج وراحة ونفوذ وما شابه ذلك مما يؤمِّن بقاء الجسد، بينما يتغذى حصان الغضب على ما يدفع الشر مثل الخوف والهروب من الخطر والغضب أيضا للحفاظ على الجسد؟
هل تعلم أن هذان الحصانان لا يعرفان متى يتوقفان عن غذائهما؟ فقد يستمران حتى يصلا للتخمة ويهلكا صاحبهما، لذلك كان وجود الفارس ضروريا ليستطيع السيطرة والتحكم بهم.
غذاء الفارس
بما أن هذا الفارس هو المتحكم في الحصانين وبالتالي في الجسد الذي يجره فلابد له من قوة كبيرة ليقوم بتلك المهمة الصعبة، وهو ما يستلزم غذاء خاصا ذو كيفية معينة ودرجة معينة ليصل لتلك القوة. هل تعلم أن غذاء العقل يتمثل في المعرفة والأخلاق؟ وأن تلك المعرفة لابد أن تبدأ بعلوم المنطق ليستطيع ذلك الفارس من تمييز الطريق الذي يجب أن تسير فيه العربة؟ هل تعلم أن الأخلاق هي ما يضع حدودا على أساسها يستطيع الفارس السيطرة على الحصانين معا؟ وأن علم الأخلاق هو ما يرتقي بالروح ويغذيها غذاء صحيحا يضمن لها سلامها الداخلي؟
هل تعلم أن ما يتغذي عليه العقل يبقى ولا يذهب؟ وما يطبع في الروح يدوم ما حرص العقل على بقائه؟ لذلك غذاء العقل الذي يمثل أساس غذاء الروح هو غذاء لا تفنى آثار.
هل تعلم أن الروح قد تصاب بالأمراض؟ وأن جروحها تؤثر بشكل سلبي على سلامة الإنسان؟ هل تعلم أن الأخلاق السيئة هي بمثابة أسلحة فتاكة تضر بالروح وتتركها مظلمة؟ هل تعلم أن علاج الروح يكون بالتغذية المكثفة للعقل؟ تغذية ذات نوعية خاصة تمكنه من تولي زمام الأمور من جديد والسيطرة على حصاني الشهوة والغضب. هذه التغذية تتمثل في تعمق أكبر في معرفة الأخلاق والتدريب المستمر على تلك الأخلاق حتى تعود العربة لطريقها الصحيح مرة أخرى.
وهذا ما استطاع العقل الوصول إليه. فتلك المعلومات لا نصل إليها بتجارب علمية داخل المعامل، بل هي من المعلومات التي يختص العقل بالبحث فيها والوصول لأدلة وبراهين عقلية عليها.
والآن هل تعلم كم الاهمال الذي تعرضت له الروح من جراء التركيز على تغذية الجسد فقط وتركها دون غذاء أو دواء؟
أعتقد أنك الآن أصبحت تعلم ما يجلب لك السعادة الحقيقية الكاملة.
اقرأ أيضاً:
كيف نحيا حياة إنسانية حقيقية ؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.
