إصداراتمقالات

هل المشكلة فى الاتش آر ؟

قبل البدء فى التعرض للأسباب التى قد تدفع البعض من النفور من هذه الكلمة ( إتش آر ) يجب علينا أولا التفريق بين نوعين من الـ( إتش آر ) حيث يخلط الكثير من الناس بينهما ألا وهما:

1- تنمية الموارد البشرية Human Resources Development – HRD

2- إدارة الموارد البشرية Human Resources Management – HRM

فالأول هو العلم الذي يبحث في تنمية وتطوير مهارات وقدرات الإنسان.على سبيل المثال: أساليبإدارة الوقت، أساليب العرض والتقديم “الخطابة”، استراتيجيات التفاوض ومهارات الاتصال الكتابي والشفهي، كذلك معرفة الذات والثقة بالنفس والذكاء العاطفي والاجتماعى وأساليب أخرى من شأنها توجيه الفرد لـكيفية اختيار وظيفة تناسب طبيعة شخصيتهكما يتضمن أساليب لرفع الهمم والتحفيز – وغيرها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أما إدارة الموارد البشرية HR Management داخل أية منظمة فهي الإدارة التي تهتم بشؤون العاملين من حيث: تحديد عدد العمالة المطلوبة لكل إدارة بالمنشأة، طرق الاختيار والتعيين، قياس الأداء،التدريب،التحفيز ، تحديد المزايا والعطاءات،الترقية وإنهاء العمل سواء بالفصل أو الإحالة على المعاش أو غيرها من الأسباب، كما تقوم تلك الإدارة برسم سياسات العمل وتحديد الاختصاصات والسلطات لمختلف المستويات الإدارية وتحديد طرق وقنوات الاتصال وطرق تبادل التقارير بين الإدارات المختلفة، والأهم من ذلك كله أنها الإدارة المسئولة عن تحديد القيم والسلوكيات للعمل وتستطيع إلزام العاملين بها وتقييم آدائهم بناءً على مدى الالتزام بتلك القيم والسلوكيات من عدمه.

أولا: التنمية البشرية:

قد ينفر الناس من هذا العلم لبعض الأسباب أهمها: أن هذا العلم كما سبق وأن ذكرنا يعتمد على تحسين مهارات وقدرات الإنسان وغالبا عن طريق التدريب، وعندما ننظر إلى حال المدربين نجد أنه أصبح هناك عدد كبير جدا من المدربين فى هذا المجال ومنهم بالطبع الخبراء المتخصصين من ذوى الخبرة العملية والحكمة النظرية ومنهم من هم دون ذلك حتى صرنا نسمع مصطلح”مدربًا لكل مواطن”، ومن ثم يبدأ هؤلاء المدربين غير المتخصصين فى بث النصائح فى عقول المتلقين وتلك النصائح لا شك أن معظمها صحيح ولكن قد يقع المدرب فى بعض أخطاء “الفزلكة” والتأليف والتطرق إلى بعض الموضوعات بغير علم وخاصة تلك التى تحتاج إلى تخصص وعمق معرفى، وهذا من شأنه زعزعة ثقة المتلقين فى هؤلاء المدريبن بل وتمتد عدم الثقة عند البعض إلى العلم برمته أو ما يتشابه معه فى الاصطلاح.

أيضا كون هذا العلم هو فى الأصل نابع من ثقافة غربية تتسم بالمادية والنفعية، وبالتالى فإن أساتذة ومعلمي التنمية البشرية يصيغون الحلول للمشاكل الحياتية للفرد والمؤسسة بغرض جلب المنفعة- المادية – فقط سواء للشخص أو للمؤسسة أو للمجتمع ولا بأس فى ذلك عندهم لأنهم كذلك يفكرون وكذلك يعيشون، بينما قد يتعارض ذلك مع بعض المبادئ الدينية والتى تدعوا إلى إحقاق الحق والعدل والتسامح والتفضل بمكارم الأخلاق من أجل إرضاء الخالق أولا ثم الأخذ بالأسباب المادية لجلب المنفعة ثانيًا.

وهذا التعارض ان لم يدركه مدربوا التنمية البشرية جيدا (وأغلبهم لا يفعلون) فقد لا يمكنهم عمل التوازن المطلوب بين جوهر هذا العلم وتطبيقاته بما يلائم قيم المجتمعات الشرقية المتدينة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كذلك فالطريقة التى يتم التسويق بها لبرامج التنمية البشرية والتى أصبحت للأسف مشينة لذلك العلم، على سبيل المثال: ( عرض خاص 5 مستوى انجليزى + 2 مهارة تنمية بشرية بسعر خيالى).

ثانيا: إدارة الموارد البشرية:

ونجد هنا أن كل الموظفين “إن تسمحوا لى بالمبالغة” الذين يعملون بالإدارات المتنوعة بالشركات الصغيرة والمتوسطة بل وبعض الشركات كبيرة الحجم والسمعة أيضًا يكرهون تلك الإدارة المسماة بـ إدارة الـ(إتش آر) فيما عدا أولئك الذين يعملون بالإدارة نفسها.

وهذا يرجع سببه إلى أن أصحاب الأعمال فى تلك المؤسسات لا يؤمنون بأهمية العنصر البشري في المنظمة حيث يتم النظر إليه على أنه آلة يجب أن يتم تدويرها بشكل مجحف لاستخراج الحد الأقصى من الجهد منها مع عدم الاهتمام بتعويضها بالأجر المناسب للجهد المبذول وعدم الاهتمام بتطويرها وتنميتها وهذا قد ترجع أسبابه إلى:

1- الأنظمة الرأسمالية للدول الراعية للشركات والقوانين التي لا تراعي الجوانب النفسية للعمال.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

2- ارتفاع مستوى البطالة في الدول الراعية للشركات مما يؤدي إلى تحكم أصحاب الأعمال بشكل أكبر في العمالة.

وبالتالي عند قيام أصحاب الأعمال بتعيين موظفين لإدارة الموارد البشرية فإنهم يقومون باختيارهم بما يناسب توجهاتهم وللأسف فإن العديد ممن يمتهنون تلك المهنة ينفذون مطالب أصحاب العمل بغض النظر عن المخالفات القانونية والأخلاقية بل يلجؤون أيضًا إلى التفنن فى إهدار حقوق العمالة عن طريق التلاعب بالقوانين، وهذا سبب قوى لمن يكرهون الـ(إتش آر ).

ولكن ينبغى أن ندرك أنه ما زال هناك من يحرصون على إحقاق الحق وتحقيق التوازن بين مصالح أصحاب الأعمال وحقوق العمال، كما ينبغى أيضا أن ندرك أن علم إدارة الموارد البشرية هو علم نافع فى الأساس ولكن المشكلة هنا فى طريقة التطبيق. والدارس لعلم إدارة الموارد البشرية يعرف جيدًا أن تلك الإدارة قد أحدثت تغيرًا نوعيًا في العلاقة بين أصحاب الأعمال – والعاملين بالمنشآت حيث أنه العلم “الوضعي” الأول الذي يقول بأن العامل يعتبر من أهم أصول المنشأة ويجب على المنشآت أن تهتم به وتعمل على تطويره بشكل دائم.

إلا أن أصحاب الأعمال في بلادنا عندما انتابتهم الرغبة في محاكاة الغرب قاموا بإنشاء إدارات للموارد البشرية في شركاتهم ولكنهم لم يراعوا تطبيق الجوهر الأساسي الذي من أجله دعت الحاجة لإنشاء ذلك العلم والذي نتجت منه ظهور تلك الإدارة، ولا عجب في ذلك حيث أننا كثيرا ما نقوم بالنقل الأعمى وغير الواعي من علوم وثقافات تتعارض فلسفاتها مع تراثنا الثقافي والمعرفي.

وتعد المقابلة الشخصية أيضًا من أهم وأشهر الأسباب التى تنفر الكثير من الـ( إتش آر ) وبالأخص أولئك الذين لديهم تجارب سلبية مع المقابلات الشخصية فى بعض الشركات، إلا أن الدارس لهذا العلم يعرف جيدًا أن المقابلة الشخصية ما هي إلا مرحلة من مراحل الاستقطاب والتعيين للعمالة، وتوجد أيضًا مراحل أخرى يتم من خلالها “تمحيص” المتقدمين لاختيار أفضلهم وأنسبهم، على سبيل المثال: (الاختبارات الورقية،التدريب المحاكي للعمل، الاختبارات الفنية والتقنية …) ومع تعدد طرق تمحيص واختيار العمالة لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية دور المقابلة الشخصية؛ فالرجل مثلًا عندما يتقدم لخطبة شريكة لحياته لا بد له أن يقوم بإجراء مقابلة شخصية مع والدها أو وكيلها، ولا نستطيع أن نقول بالطبع أن هذه المقابلة يتوقف عليها كل شيء أو أنها ينتج عنها قرار نهائي.وهذا هو ما يحدث بالطبع من جانب متخصصي الموارد البشرية، فهم يريدون اختيار الأفضل من بين آلاف المتقدمين للوظائف الشاغرة في شركاتهم عن طريق الاستعانة بأكثر الطرق كفاءة وفعالية وتوفيرًا لوقت العمل، كما يتم الأخذ في الاعتبار أن الأسئلة التي يتم طرحها أثناء المقابلة الشخصية والتى فى غالب الأمر تتميز بالحدة وعنصر المفاجأةوالتركيز على أهم جوانب النفس الإنسانية وجوانب تكوين الشخصية وطريقة التفكير لا تعبر إجاباتها وطريقة الرد عليها إلا عن نسبة بسيطة من حقيقة الشخص المتقدم للوظيفة ولكن هذه النسبة البسيطة هى بالتأكيد أفضل من العدم عند مسؤولي الموارد البشرية، والمحترفون منهم يدركون ذلك جيدًا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكن غير المتخصصين فى المجال لا يتذكرون من المقابلات الشخصية إلا تجاربهم السلبية معها والتى قد يكون سببها نقص فى خبرة القائم على إدارة المقابلة “The Interviewer” أو قد يكون سببها عدم ملائمة المتقدم للوظيفة “The Interviewee” لمتطلبات تلك الوظيفة.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

عاصم فراج

أخصائى إدارة موارد بشرية

باحث بمشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة