مقالات

هل الشفاء أصبح إنتاجا ومكسبا وأرقاما؟

قديما كانت العلاقة واضحة بين المنتج والمستهلك، فلاح يزرع وشخص يأخذ منه الطعام ليأكل، أو صانع يصنع وشخص يشتري منه المنتجات مباشرة. بعد ذلك دخل وسيط بينهما اسمه تاجر وبائع، مما استلزم مصاريف أكثر وتفاصيل أكثر.

ثم دخل تاجر جملة وتاجر قطاعي ووسطاء، ومع كل زيادة تزيد المصاريف والتعقيدات على المستهلك والمنتج، الطرفين الأصليين في العلاقة!

ثم ظهرت متاجر كبيرة وسوبر ماركت وشركات عملاقة تفترس التاجر الصغير، ويعمل فيها جهاز إداري معقد وطويل، كل هذا بين الصانع والمشتري، وكله بيأكل عيش على قفا المشتري! واستغلال للمنتجين!

العلاقة بين الطبيب والمريض

كذلك العلاقة بين الطبيب والمريض، كانت علاقة مباشرة، ثم دخلت الحكومات بقوانين، وإدارات المستشفيات بقواعد وتحكمات، وشركات التأمين تسعى للربح والاستغلال، وأصحاب المستشفيات يبحثون عن المزيد من الزبائن والمنتجات والأرباح، وضاع في وسط هذا الأصل في العلاقة، الطبيب والمريض!

وطبعا مع الوقت تتضخم المؤسسات الصحية، تماما مثل تحول التجارة إلى سوبر ماركت كارفور وأمازون ووال مارت!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مهنة إدارة المستشفيات ومشكلاتها

ومع هذا التضخم ظهرت مهنة وتخصص ودراسة ودورات ودبلومات لشيء اسمه إدارة المستشفيات. يعني كيف تدير مستشفى أو مؤسسات في القطاع الصحي وعلاج المرضى، وهو أمر مطلوب اليوم، سواء رضينا أم لم نرضَ.

مشكلة هذه المهنة والتخصص في كل أنحاء العالم أن بعض من ينضم لهذه المهنة أو التخصص نوعان من الأشخاص:

  • إما طبيب لم يحقق النجاح في مهنته الطبية وقرر العمل في مجال الإدارة لتعويض ذلك.
  • أو شخص غير طبيب أصلا وينظر إلى إدارة المستشفيات نفس طريقة النظر إلى إدارة مصنع أو سوبر ماركت كبير، حيث يرى فيه المرضى هم مجموعة زبائن يبيع لهم خدمات، والأطباء مجموعة عمال أو واقفين على الكاشير، والشفاء هو إنتاج ومكسب وأرقام.

لا للتعميم ولكن لابد من تغيير طريقة تفكير إدارة المستشفيات

أكرر.. لا أقول كل العاملين في هذا المجال يفكرون بهذه الطريقة، لكن البعض منهم للأسف في مصر وأمريكا وكل أنحاء العالم يرى المستشفى مصنعا، ويريد عمالا مطيعين يحققون الإنتاجية التي وضعها لهم المدير في الرؤية والخطة والخطوات،

لتحقيق ما يريده المالك أو المؤسسة التجارية أو موظف الحكومة المسؤول، يرى المستشفى ماكينة أو مصنعا، يدخل المريض من ناحية، يصلحه الأطباء، ليخرج من الناحية الأخرى بعد تحصيل الأرباح!

ولذلك يضايقهم جدا التعامل مع طبيب شاطر أو شخص ذكي لا يطيع أوامر الإدارة ولا يقول دائما نعم وحاضر، ويظل عند هؤلاء في قاع الأولويات: المريض والطبيب! من يحتاج إلى علاج، ومن يقدم العلاج!

مهنة وطريقة تفكير إدارة المستشفيات تحتاج إلى مراجعة في مصر وكل أنحاء العالم.

اقرأ أيضاً:

كن طبيبا.. ولا تتردد

خطايا الرأسمالية

مشاهد متفرقة في المستشفى!

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

********

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس