مأساة حج ٢٠٢٤
خلينا متفقين إن أولى خطوات العلاج الاعتراف بالمشكلة.
هروب المعتمرين
من ١٧ سنة بالظبط عام ٢٠٠٧م، في حقبة وزير السياحة زهير جرانة في وزارة أحمد نظيف أيام حسني مبارك والملك عبد الله آل سعود، زمن ما قبل تأشيرات الزيارة الشخصية وموسم الرياض والبوليفارد، كانت التأشيرة بتمتد لبعد موسم الحج، لكن كالعادة غير مصرح لحاملها بالحج، واستغلالًا لفترة التأشيرة دي كان المعتمرين يخلصوا العمرة وياخدوا جواز السفر ويهربوا، ولأن حالات الهروب زادت وقتها تقرر أن جوازات السفر تفضل مع المنظمين طول فترة الرحلة.
لحد شهر أغسطس عام ٢٠٠٧م، قبل موسم الحج بشهور.
مجموعة من المعتمرين المصريين وصلوا مكة في شهر أغسطس بتأشيرة عمرة تبع إحدى شركات السياحة المصرية، وبعد ما انتهوا من العمرة وقبل مغادرة مكة، ركبوا الأتوبيس مع منظم الشركة والسائق وتحركوا، لكن في الطريق طلبوا من المنظم جوازات سفرهم، ودا مخالف للقانون، المنظم رفض وقالهم هيستلموها من المطار، فما كان من المعتمرين إلا إنهم اعتدوا على المنظم والسائق وأجبروه على تسليمهم الجوازات بالغصب، وأخدوا الجوازات وهربوا.
في نفس الأسبوع، شركة تانية منظمة للعمرة، مسافر عليها ٧٢ مصري لأداء العمرة قبل موسم الحج بشهور، بعد انتهاء برنامج العمرة، المنظم بتاع شركة السياحة صحي الصبح لقى إن الفوج كله وعدده زي ما قلنا ٧٢ معتمر هربوا بالليل وسابوا الفندق، وسابوا جوازاتهم وتذاكرهم وكل حاجة عادي، الأمر اللي سبب أزمة ما بين وزارة السياحة في مصر وبين السلطات السعودية.
حج بدون تصريح
الفكرة إن المعتمر المصري وقتها كان شايفها فرصة إنه يحج بتشغيل الدماغ، بمعنى إنه يطلع عمرة عادي “وقتها العمرة مكانتش غالية أوي”، وبعدين يهرب من المنظمين بتوع شركات السياحة، ويدور على شغل جوة مكة المكرمة لحد موسم الحج، ويشتغل ويجيب فلوس وبعدين يعمل الحج بتاعه وسط الزحمة ويبقى ضرب عصفورين بحجر.
بناء عليه نسبة المتخلفين عن الرجوع في كل فوج سياحي معتمر طالع من مصر كانت نسبة عالية جدًا أكتر من ٥٪، الناس كلها بتعتمر وتهرب وتروح تدور على شغل وبالمرة تحج، ومش مشكلة لو بعد كدا تعرض لغرامة أو اتسجن في جدة واترحل بعد كدا، ما هو أقام الفريضة وفرصة بتيجي مرة في العمر، الأمر اللي خلى “علي جمعة” اللي كان مفتي الديار المصرية ساعتها طلَّع فتوى بتحريم الحج بالطريقة دي، لأنه بيعمل زحام يؤدي لتدافع وخسارة في الأرواح وتضييق على الحجاج.
وللعلم شركات السياحة وقتها هيا اللي أوهمت المعتمرين إنهم يعملوا كدا مقابل مبلغ إضافي، يعني أقنعتهم يسافروا ويشتغلوا ويهربوا ويعملوا قرشين ويحجوا، كدا كدا التأشيرات ممتدة لما بعد موسم الحج، وهيا اللي طلعتهم وسابتهم، ووقتها زهير جرانة طلع قال إن حركة المعتمرين داخل الأراضي السعودية مش مسؤولية الشركة إنما مسؤولية السلطات السعودية بس.
حادثة الحرم المكي
فلو عايز تدور على الحل، ابحث عن جذور المشكلة، المشكلة اللي بدأت من زمان أوي، لو ترجع معايا لسنة ١٩٧٩م، التاريخ دا حصل حادث هو الأول من نوعه في تاريخ السعودية كلها، وهو احتلال الحرم المكي على إيد جهيمان العتيبي ومحمد بن عبد الله القحطاني وزمرته.
افتكر معايا لما دخلوا بالنعوش وكانوا شايلين فيها الأسلحة، وادّعوا ظهور المهدي المنتظر. وأخدوا المعتمرين والحجاج رهائن، فاكر؟
أغلب معاونيه كانوا مين؟ المصريين، عارف بقى دخلوا مكة إزاي؟ بنفس الطريقة.
العادة كانت بتقول إنهم بيدخلوا مكة وقت العمرة قبل الحج بشهور، وبعدين يهربوا ويدوروا على شغل في مكة غالبًا بيكون في السوق في العزيزية أو إبراهيم الخليل يبيعوا ملابس وحاجات زي دي، لحد موسم الحج، يدخلوا بين الحجاج يتموا حجتهم وبعدين يرجعوا ويدفعوا غرامة بسيطة.
أغلب أتباع الفكر السلفي المتشدد كانوا بيعملوا كدا وكان أغلبهم من المتأثرين برسالة جهيمان العتيبي واتبعوه ودخلوا في جيشه.
المشكلة حقيقي طول عمرها فينا إحنا مش فيهم، في الأصل تتحملها مبادئ الفهلوة المصرية أو العشوائية والانتهازية بتاعت شركات السياحة وبتاعت المعتمرين نفسهم، تشغيل الدماغ على الكل هو العامل الأساسي للي حصل زمان واللي بيحصل دلوقتي، ولازم يكون فيه محاسبة لكل اللي شغل دماغه، وحملة توعية لمبدأ “الاستطاعة” في الحج ورخصة سقوط الحج على غير المستطيع.
اقرأ أيضاً:
الحَجُّ.. بين بلاغة الرحلة وغايتها
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا