مقالات

نوعين من العقول المتطرفة

في وقت انتشار البلاء والوباء أو الكوارث والمِحن نجد نوعين من العقول المتطرفة، عقل يهلل للمادة فقط، يضحك بشماتة ويقول لنا: “أرأيتم؟ في وقت الوباء لم ينفعك دين ولا صلاة ولا صيام، لن ينفعك إله ولا عبادة، الكل يموت والوباء ينتشر رغم صلواتك! ما ينفع هو العلم المادي فقط، علم الكيمياء والفيزياء والطب لتجد الدواء والعلاج للكارثة.”

وعقل يهلل للروحانيات فقط، يضحك بشماتة ويقول لنا: “أرأيتم؟ في وقت الوباء لم ينفعك علوم ولا تكنولوجيا، لن تنفعك أبحاث علمية، الكل يموت والوباء ينتشر رغم علمك! ما ينفع هو الصلاة والصيام والدعاء، الاستعداد للآخرة وتقبل قدر الله.”

وكلا النوعين المتطرفين يخترع تضادا وهميا بين الروح والمادة، بين العلاقة مع خالق الأشياء والعلاقة مع الأشياء! ويفرض عليك اختيار أحدهما، يتناسى أن الأخذ بالأسباب من أوامر الله، أن التوكل غير التواكل، أن علينا العمل وعلى الله النتيجة.

إن الإنسان لا تطمئن روحه بدون دين، لأنه جزء لا يتجزأ من تكوينه، إن العلم الروحي وسيلة لنعرف لماذا نعيش، بينما العلم المادي وسيلة لنعرف كيف نعيش، وكلا النوعين المتطرفين سيموت في الوباء! وكلاهما سيموت وهو يعتقد أنه على حق، ويعتقد متطرف المادة أنه مات لأن العلم والدواء الذي استعمله لم يكن كافيا! ويعتقد متطرف الروح أنه مات لأنه لم يُصلِّ ويتعبد لله بما يكفي!

العاقل يعرف أن عليه الصلاة والعبادة والبحث العلمي عن علاج لمرضه، يعرف أن الجسد غذاؤه العلم والطعام، بينما الروح غذاؤها الدين والعبادة، ولا يرى أي تعارض بين الروح والمادة، فكلاهما متكاملان في تكوين الإنسان.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

مسار إجباري

أوقات الأزمات وتجلي التفكير العلمي

لحوم العلماء .. بين المدح والذم!

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس