من هم الرينبو وعلم الرينبو والمثلية الجنسية – معلومات شاملة
يثور الكثير من الجدل حول المثلية الجنسية عالميا ومحليا، وقد تجدد هذا الجدل منذ فترة في الشارع المصري بسبب رفع علم “قوس قزح” أو “الرينبو” في إحدى حفلات الغناء.
وانطلاقًا من ذلك تناول الكثيرون قضية المثلية الجنسية بالطرح والتحليل، هل هي حالة طبيعية أم لا؟ وهل يجب السماح بها أم منعها؟ وهل هي مع العقل أم ضد العقل؟ ونجيب عن هذه الأسئلة في هذا المقال.
ما هو علم الرينبو؟
علم الرينبو هو علم ملون بألوان قوس قزح وهي الأحمر البرتقالي الأصفر الأخضر الأزرق النيلي والبنفسجي، وقد أصبح في الآونة الأخيرة هو الشعار الأساسي للمثلية الجنسية في العالم.
معنى علم الرينبو
و”الرينبو rainbow” هو كلمة إنجليزية تعني قوس قزح، وهو قوس المطر الشهير، ويظهر نتيجة تحلل ضوء الشمس الأبيض عند مروره في قطرات الماء، ويصدر عن هذا التحلل سبعة ألوان أساسية هي التي تكوّن باتحادها معًا اللون الأبيض للضوء،
وهي بالترتيب الأحمر فالبرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فالنيلي فالبنفسجي، ويرتبط مظهر قوس قزح غالبًا بالبهجة والأمل والتفاؤل بعد سقوط المطر.
وعلم قوس قزح أو علم الرينبو هو علم أو راية تستخدم ألوان قوس قزح، وقد تستخدم ستة ألوان فقط من ألوانه كأن يتم استبعاد اللون النيلي، وقد يتم تغيير بسيط في بعض الألوان أو في تدرج الألوان.
ويستخدم علم قوس قزح عادةً للدلالة على التنوع والشمول أو الأمل والتطلع، وقد استخدمته العديد من الثقافات والجهات، فمثلًا استخدم أحيانًا للتعبير عن السلام، كما استخدمه السكان الأصليون لأمريكا اللاتينية للتعبير عن تراث حضارة الإنكا، كما يستخدمه التحالف الدولي التعاوني، وأخيرًا يستخدمه المثليون.
علم المثليين وقوس قزح
ومن أشهر الجهات التي تستخدم علم الرينبو أو علم قوس قزح حاليًا هو مجتمع الميم أو مجتمع المثليين، حيث يُستخدم علم قوس قزح كعلم فخر خاص بمجتمع الميم، ويستخدم في مسيرات فخر المثليين.
علم الرينبو في مصر
وقد أثار رفع علم الرينبو في مصر عام 2017 في حفلة غنائية لفرقة “مشروع ليلى” هي فرقة موسيقى روك بديل لبنانية مكونة من خمسة أعضاء، جدلًا واسعًا عن المثلية الجنسية، فهل المثلية الجنسية مع العقل أم ضد العقل؟
الفرق بين ألوان قوس قزح وعلم المثليين
ظهر علم المثليين في البداية بثمانية ألوان، ثم تطور حاليًا لستة ألوان فقط، ويوجد منه عدة أنواع مثل علم “جيلبرت بيكر” وعلم “فيلادلفيا برايد”.
والفرق الرئيسي بين علم المثليين الشائع حاليًا وألوان قوس قزح هو أن علم المثليين به ستة ألوان فقط، حيث لا يوجد به اللون النيلي (الأزرق الغامق) على عكس قوس قزح، كما يوجد اختلاف في تدرجات الألوان بين علم المثليين الحالي وبين قوس قزح.
ما هي المثلية الجنسية؟
يتم تقسيم الميول الجنسية لأنواع ثلاثة، ميول مغايرة أي ميل الرجل للمرأة والعكس، وميول مثلية أي ميل الرجل للرجل أو المرأة للمرأة، وميول مزدوجة أي الميل للجنسين.
والعلاقة الجنسية أيضًا يمكن أن تكون مع مغاير الجنس وهي العلاقة الجنسية المعتادة والشائعة، ويمكن أن تكون مع مثيل في الجنس وهي المسماة بالعلاقة الجنسية المثلية.
وتسمى العلاقة الجنسية بين الرجل والرجل باللواط، وبين المرأة والمرأة بالسحاق. ويمارس بعض الناس علاقات جنسية مغايرة، والبعض علاقات جنسية مثلية، بينما يمارس البعض كلا النوعين.
ويجب التفريق بين الميول المثلية والعلاقة المثلية، فالميول المثلية تعني أن الشخص لديه ميل نفسي جنسي فقط تجاه نفس جنسه، وقد يكون كارهًا لهذا الميل ويحاول التخلص منه، أو متقبلًا له وساعيًا لإشباعه. أما في حالة العلاقة المثلية فالشخص يمارس علاقة جنسية مع نفس جنسه.
فليس كل من لديه ميول مثلية يدخل في علاقات مثلية، وليس كل من يدخل في علاقات مثلية لديه ميول مثلية، فقد يدخل في هذه العلاقات مكرهًا أو لتجربة شيء جديد دون ميل حقيقي له.
من هم المثليون؟
وعادة ما يستخدم لفظ المثليين للإشارة لمثليي الميول الجنسية، أي من لديهم ميول جنسية لمثيلهم في الجنس، كأن يميل الرجل جنسيًا للرجل أو تميل المرأة جنسيًا للمرأة، سواء مارسوا بالفعل علاقة جنسية مثلية أم لا.
مجتمع المثليين أو مجتمع الميم
بالإنجليزية GLBT، هو مجتمع اعتباري يضم المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا، ويشمل هذا المجتمع تجمعات ومجتمعات أصغر مثل الحركات المثلية، ونوادي المثليين، وحانات المثليين، وقرى المثليين، ومنظمات حقوق المثليين، والجهات التي تقدم خدمات للمثليين و…
وقد يكون لدى الشخص ميول مثلية لكنه لا ينتمي لمجتمع المثليين، ولا يشعر بالفخر بسبب ميوله الجنسية بل يحاول التخلص منها.
حجج مؤيدي المثلية الجنسية
وتنحصر حجج أغلب المؤيدين في نقطتين رئيسيتين؛ أن المثلية الجنسية ميل لا إرادي في الإنسان يرجع إلى جينات أو عوامل بيولوجية أو تربوية أو اجتماعية وبيئية، ويعتمد هذا الرأي على نتائج بعض الأبحاث العلمية.
والحجة الثانية خاصة بالدعوة للحرية الفردية التي تكفل لكل فرد فعل ما يريد أيًا كان. بينما الرافضون فأشهر حججهم هي الرفض الديني، والرفض الفطري.
وسنحاول هنا أن نلقي نظرة عقلية على الموضوع، قبل أن تكون تجريبية أو دينية، فما رأي العقل في المسألة؟
هل اللذة مطلوبة لذاتها؟
هل يجب أن يكون بحث الإنسان كله عن اللذة العاجلة لا غير؟ وأن تكون اللذة العاجلة هي الهدف من حياته؟
إن هذا في الحقيقة سيؤدي إلى هلاك البشرية، فلأجل لذة النوم لن نذهب للعمل، ولأجل لذة الراحة لن نطلب العلم، ولأجل لذة الأكل سنأكل أي طعام لذيذ حتى وإن كان به سم قاتل أو يسبب مرضا خطيرا،
وسنأكل طعام الآخرين دون إذنهم حتى وإن كانوا قد بذلوا جهدا ضخما في جمعه وسيهلكون جوعا بدونه، فالمطلوب هو اللذة لا شيء آخر.
وبالطبع بهذه الطريقة سيهلك الفرد، ولن يتطور أو يرتقي، وسيتفكك المجتمع وتنتشر الفوضى وتفنى البشرية، فاللذة إذن ليست مطلوبة لذاتها دون النظر لأي شيء آخر.
إذن ربما يجب ألا نطلب اللذة إلا إن كان سيأتينا من ورائها منفعة مادية، أما إن كانت ستسبب ضررا فيجب ألا نطلبها، أم أن الأمر ليس كذلك؟
هل المنفعة المادية مطلوبة لذاتها؟
اللذة إذن ليست مطلوبة لذاتها، فهل المنفعة المادية مطلوبة لذاتها؟
إن كان المطلوب هو المنفعة المادية العاجلة لا غير فإننا قد نحقق ربحا عاجلا لكنه يؤدي إلى خسائر ضخمة في المستقبل، مثل من يترك التعليم ليعمل في مهنة صغيرة تدر عليه ربحا عاجلا صغيرا، فيخسر العلم نفسه وتطوير ذاته، ويخسر فرصا أكبر بكثير في المستقبل.
وقد نقتل الآخرين للحصول على أموالهم فهذه منفعة مادية لنا! مرة أخرى ستنشأ الفوضى وتهلك الإنسانية وسيخسر الأفراد والمجتمعات. فما الحل؟
المطلوب هو الخير الحقيقي والسعادة التامة
للإنسان جانبان، جانب مادي جسدي، وجانب معنوي عقلي. كل جانب له خير خاص به، فللجانب المادي الطعام والشراب والنكاح والمال والمناصب ومثل ذلك، وللجانب المعنوي المعارف الصحيحة والمفيدة والأعمال الصالحة وامتلاك غاية وقيمة ومعنى للحياة وهكذا.
المنفعة المادية
والخير المادي أو الجسدي هو الذي يسمى بـ”المنفعة المادية”. وعندما يدرك وينال الإنسان أيًا من هذه الخيرات سواء الجسدية أو المعنوية تنتابه بهجة عذبة هي “اللذة”.
وقد ينخرط الإنسان في طلب منفعة ما فيهمل باقي المنافع، كمن ينشغل بمنفعة الراحة فلا يذهب إلى العمل أو طلب العلم. وأيضا قد ينال منفعة عاجلة تؤدي إلى شر في الآجل، كأن يترك المدرسة ليعمل في وظيفة صغيرة.
وقد ينال منفعة مادية على حساب خيرات معنوية كثيرة، مثل ما يحدث في حالة قتله لإنسان آخر ظلمًا مما يؤدي إلى ضرر نفسي ومعنوي للقاتل. وقد يطلب الإنسان منفعة فردية تؤدي إلى شر كبير للمجتمع، مثل ما يحدث في حالة السرقة.
في هذه الحالات كلها إذن تصبح المنفعة ليست خيرا حقيقيا للإنسان، بل شرًا.
الخير الحقيقي للإنسان
فالخير الحقيقي يكون بمراعاة جوانب الإنسان المختلفة الجسدية والمعنوية، وأبعاده المتنوعة الفردية والاجتماعية، وبالنظر للعاجل والآجل معا، وهذا ببساطة يكون بالتوازن أو الاعتدال أو “العدل”، فهذا وحده هو ما يستحق لقب “الخير الحقيقي” للإنسان.
وعندما ينال الإنسان هذا الخير الحقيقي يصل إلى “السعادة الحقيقية”، وهي البهجة القصوى واللذة التامة المستمرة والاستقرار والاطمئنان النفسي وراحة الضمير والرضا.
اقرأ أيضاً:
الشذوذ الجنسي في فكر د. عبدالوهاب المسيري
ما مكان المثلية الجنسية في الصورة السابقة؟
قلنا إن اللذات إنما تكون لأجل المنافع والخيرات، وليست مطلوبة لنفسها، والمنافع ليست مطلوبة لنفسها أيضًا بل لأجل الخير الحقيقي.
واللذة الجنسية لها أغراض، منها بقاء الجنس البشري بأكمله، والحفاظ على ارتباط الزوجين الضروري من أجل نمو الأبناء معنويا وجسديا على أفضل صورة. وهذه المنافع بدورها ليست مطلوبة لنفسها، بل لأجل تحقيق الخير الحقيقي، مثل وجود وبقاء أجيال عاقلة وصالحة وخيّرة للبشرية.
هذا عن العلاقة الجنسية الطبيعية. أما المثلية الجنسية فهي من الحالات التي تُطلب فيها اللذة لنفسها، لا لمنفعة مادية، ولا لخير حقيقي، فلا يوجد نفع طبيعي وحقيقي للمثلية الجنسية، وبالتالي لا يوجد خير من ورائها أيضا.
المثلية تؤدي إلى ضرر اجتماعي
بل أكثر من ذلك، فهي تؤدي إلى ضرر، فكما أسلفنا فطلب اللذّة لنفسها ينقلب ضررًا وشرًا على الإنسان. فطلب اللذات الجنسية في أمور غير العلاقة الطبيعية يهدد بشكل مباشر وجود النوع البشري بأكمله، وهذا ما نلاحظه من انخفاض معدلات المواليد في بعض الشعوب،
وتناقصها العددي الذي يهدد بانقراضها في المستقبل، وذلك بسبب طلب اللذة الجنسية لنفسها بعيدا عن أية اعتبارات أخرى وخارج الإطار الطبيعي، وهو إطار تكوين الأسرة وإنتاج أفراد جدد في الأساس.
وقد أشار المؤلف الأمريكي “باتريك جيه بوكانن” في كتابه “موت الغرب” لهذه المسألة، حيث تحدث عن موت وانقراض الشعوب الغربية بسبب الموت الأخلاقي، والذي نتج عن طلب اللذة الجنسية ذاتها دون النظر لأي اعتبار آخر، مما أدى إلى نقص تكوين الأسر ونقص الإنجاب،
مما نتج عنه النقص السكاني بالموت الطبيعي، وفي النهاية الموت الديموغرافي للمجتمعات، وإصابة من تبقى بشيخوخة لا شفاء منها إلا باستقدام المهاجرين الشبان أو بالقيام بثورة حضارية مضادة.
المثلية تؤدي إلى ضرر فردي للرجال
أيضا من أضرار المثلية الجنسية أنها تسبب بنفسها أمراضا متنوعة، وقد يحتاج الإنسان إلى ترتيبات مختلفة لتجنب بعض هذه الأمراض،
وقد لا يستطيع تجنب البعض الآخر، وهذا يرجع لكونها علاقة غير طبيعية، بينما العلاقة الطبيعية لا تؤدي بنفسها لأي مرض، بل يدخلها المرض فقط إن طالها شذوذ ما.
فالعلاقة الشرجية تتسبب في عدد كبير من الأمراض مثل الإيدز وأنواع أخرى من العدوى الجنسية وسرطان الشرج.
نصائح الدراسات الطبية الحديثة
حيث تنصح الدراسات الطبية الحديثة بإجراء تحاليل لعدد من الأمراض الجنسية (الكلاميديا والسيلان والزهري والإيدز) مرة واحدة على الأقل سنويًا للرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين، بالإضافة إلى عمل تحاليل للفيروسات الكبدية (أ، ب، ج) في الزيارة الأولى للطبيب أو مرة واحدة على الأقل.
بينما الرجال الذين يمارسون علاقات جنسية مع النساء لا ينصحون إلا بعمل تحليل الإيدز مرة واحدة في حياتهم.
وهذه المعلومات السابقة هي توصيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية وإدارة كاليفورنيا للصحة العامة، ويمكن مراجعة هذه التوصيات على هذا الرابط.
بينما الرجال الذين يمارسون العلاقة الجنسية ضمن زواج معروف الحالة الصحية لطرفيه لا يحتاجون إلى القلق بشأن انتقال هذه الأمراض إليهم جنسيًا.
كما أثبتت الدراسات أن الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين أكثر عرضة للإصابة بسرطان الشرج، ويمكن الاطلاع على مقال علمي عن هذا الموضوع وعلى بعض هذه الدراسات على هذا الرابط.
https://www.uptodate.com/contents/primary-care-of-gay-men-and-men-who-have-sex-with-men#H6
المثلية تؤدي إلى ضرر فردي للنساء
وغياب العلاقة الطبيعية عن السيدات وإخراجها عن الإطار الأسري (المرتبط بالحمل والرضاعة) يؤدي إلى زيادة سرطانات الثدي والرحم، وهذا من الأمور الثابتة طبيًا.
السيدات اللاتي لا يحملن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي
فقد أثبتت دراسة ضخمة شملت أكثر من 91 ألف امرأة، ونشرت في مجلة جامعة أوكسفورد، أن السيدات اللاتي لا يحملن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وأن زيادة عدد مرات الحمل يزيد من الحماية ضد سرطان الثدي.
بل إن السيدات اللاتي يحملن في سن صغيرة أقل عرضة من غيرهن للإصابة بسرطان الثدي، فالحمل عند سن 20 سنة يقلل من خطورة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 20% بالمقارنة بالسيدات اللاتي لم تحملن قط، وعند 25 سنة أقل بنسبة 10%.
بل إن السيدات اللاتي قمن بالحمل والولادة مرات متعددة ومنذ سن صغيرة كن أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي حتى سن 70 سنة بنسبة 50% عند مقارنتهن بمن حملن مرة واحدة في عمر كبير، ويمكن الاطلاع على الدراسة على هذا الرابط. Prospective Study of Breast Cancer – Oxford Academic
الرضاعة الطبيعية تحمي من سرطان الثدي
والرضاعة الطبيعية أيضًا تحمي من سرطان الثدي، فقد أثبتت 47 دراسة علمية شملت حوالي 147 ألف امرأة في 30 دولة مختلفة أن كل 12 شهرا من الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 4.3% مقارنة مع السيدات اللاتي لا تقمن بالرضاعة الطبيعية، ويمكن الاطلاع على الدراسة على هذا الرابط. Breast cancer and breastfeeding -PubMed
بل إن تعدد مرات الحمل والولادة وكبر سن الأم عند الحمل الأخير والرضاعة الطبيعية كلها عوامل أظهرت الدراسات أنها تقلل من الإصابة بسرطان بطانة الرحم، ويمكن الاطلاع على هذه الدراسات عبر المقال في الرابط. Endometrial carcinoma: Epidemiology, risk factors, and prevention – UpToDate
الأضرار النفسية للمثلية الجنسية
لم تهمل الدراسات العلمية أيضًا المشاكل النفسية بين المثليين، حيث أثبتت الدراسات أن الرجال المثليين أكثر عرضة للاكتئاب والقلق المرضي ومحاولات الانتحار، بالإضافة إلى اضطرابات الشهية والأكل واضطرابات صورة الجسد، ويمكن الاطلاع على بعض هذه الدراسات عبر المقال في هذا الرابط. Primary care of gay men and men who have sex with men – UpToDate
لكن البعض يجادل بالطبع أن سبب هذه الاضطرابات النفسية هو الضغوط المجتمعية التي يتعرض لها المثليون، وسنتعرض أيضًا لجانب آخر من الاضطرابات النفسية والعقلية لاحقًا في هذا المقال.
كثير من الأمور القبيحة والضارة تشبه المثلية
والأشياء التي تؤدي إلى لذة لا يترتب عليها منفعة أو خير بل يترتب عليها ضرر وشر هي من أكبر الفخوخ التي تواجه الإنسان، والقادرة على تدميره وتخريب حياته، فمنها مثلا المخدرات والخمور، والتي تؤدي إلى لذة قوية عاجلة لكنها تستتبع ضررا وشرا لا منفعة وخيرًا، وخطرها على الإنسان كفرد ومجتمع واضح.
بل إن الأكل المليء بالسكريات البسيطة والدهون المصنعة يؤدي أيضًا إلى لذة سريعة، لكنه ضار على المدى البعيد ويؤدي إلى أمراض كالسمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والجلطات والسكتات القلبية والدماغية و…
لكن ماذا عن الميل الجيني للمثلية؟
أما بالنسبة للحجج المؤيدة للمثلية الجنسية والتي تتحدث عن الميل الجيني أو البيولوجي فإن أكبر دراسة علمية تمت في هذا المجال تنفي هذا الادعاء!
وهي دراسة ضخمة شملت حوالي نصف مليون إنسان، ونُشرت في إحدى أشهر المجلات العلمية وأكثرها موثوقية “ذا نيتشر The Nature”، ويمكن الاطلاع عليها عبر هذا الرابط. No ‘gay gene’ – nature
كما أن بعض الأبحاث تتحدث عن أن بعض البشر لديهم ميل جيني أو بيولوجي لإدمان التدخين، والبعض للإجرام، بل والبعض للانتحار! فهل يعني هذا الميل قبول هذه السلوكيات ودعمها وتشجيعها؟ لا طبعا، بل يعني أن هؤلاء يحتاجون لبذل جهد أكبر للإقلاع عن التدخين الضار لهم كمثال!
تزييف الحقائق
فالإنسان بشكل طبيعي يقاوم الميول الضارة والخاطئة طول الوقت! مثل الميل للأكل اللذيذ غير الصحي! والميل للمخدرات والخمور اللذيذة الضارة! والميل للجريمة ولإيذاء الآخرين! والميل للانفلات والتهتك والكسل! والميل لترك الدراسة والعمل والسعي! والميل للتخلي عن مسؤولياته تجاه نفسه وغيره! وهكذا!
ناهيك عن أن الدراسات التي يعتمد عليها المثليون تتحدث عن وجود تشابه في جزء من جين ما عند بعض المثليين، وهذا نفته الدراسة الضخمة سابقة الذكر، كما أن افتراض صحته لا يثبت ما يرمي إليه أنصار المثلية،
والذين يحمّلون نتائج الدراسات أكثر مما تحتمل لإيجاد مسوغ لوجهة نظرهم، وهو مسعى نجده عند الكثيرين، إذ يختارون اختيارا معينا ثم يذهبون إلى التجربة أو النص الديني أو أية أداة معرفية أخرى ويحاولون تحميلها ما يريدون، لا ما تحتمله في الحقيقة.
ناهيك أيضًا عن أن المنهج العلمي الحديث نتائجه ظنية، وهذا معروف للعلماء وفلاسفة العلم ومشهور بين العامة، فلماذا يتم التعامل مع نتائج بعض الدراسات الضعيفة بهذا التقديس، وتحميلها كل هذه الأهمية، مع كونها حتى ليست بالقوة الكافية؟
ولماذا يتم استبعاد الجوانب والآثار والأبعاد الاجتماعية والنفسية والمعنوية عند تناول موضوعات بهذه الأهمية؟ ولماذا يتم استبعاد الرؤية العقلية والشاملة عند النظر إلى السلوك الإنساني؟
هل العلاقات المثلية حرية فردية؟
وبالنسبة للحجة الثانية الخاصة بالحرية الفردية فإطلاق هذه الحرية تماما أمر مستحيل، فالإنسان تصرفاته محكومة بقوانين الطبيعة والكون والوجود، فلا يستطيع أن يختار أن يطير مثلًا بلا أدوات مساعدة، وهو أيضًا مقيد بحدود حقيقته وماهيته مثل كونه ضعيفًا محتاجًا لغيره ومثل حدود جسده وعقله، بالإضافة للحتميات الاجتماعية مثل احتياجه لأب وأم ومجتمع و…
بل إن الحكومات والأنظمة التي تدّعي الحرية تضع لها حدودا وقيودًا، فعلى الأقل تتوقف هذه الحرية عندما تتخطى حدود الفرد، والمثلية تتخطى حدود الفرد، لأن ضررها الأساسي يقع على المجتمع والبشرية بأكملها كما سبق، كما أن الفرد يحتاج إلى غيره كي يكون مثليا! فهي مسألة اجتماعية بامتياز!
بل إن هذه الأنظمة والحكومات تقوم أيضًا بتقنين وتعطيل الحريات الفردية في مواضع معينة، وهي بعض مواضع الضرر الفردي. فهي لا تعطي لأحد مثلا حق الانتحار! بل ترفضه وتقاومه، وتعمل على منع من يرغب في ذلك، بل تعتبره مريضًا يحتاج إلى المساعدة كي يتخلص من هذا الميل وهذه الرغبة. وبالمثل تنتشر حملات التوعية ضد التدخين، وتجريم المخدرات، ومساعدة المدمنين وعلاجهم، ومثل ذلك كثير.
بل إننا يمكن أن نقول إنه لا يوجد فعل فردي بحت، فحتى المنتحر مثلا أو متعاطي المخدرات بشكل فردي يحرم المجتمع من طاقات أحد أفراده! فيؤذي المجتمع بشكل غير مباشر! وهكذا!
تناقض حجج المؤيدين للمثلية الجنسية
أخيرًا من المثير للانتباه أن الحجتين اللتين تعتمد عليهما المثلية الجنسية بينهما تناقض ما! فالأولى تقول إن الأمر غير اختياري فالإنسان مجبر عليه بسبب جيناته! والثانية تدعو لإطلاق حرية الاختيار، أي أن الأمر اختياري!
هل يجب عقاب من لديه ميول مثلية؟
من غير المقبول عقاب كل من يمتلك مجرد ميل نفسي للمثلية، فكما قلنا فإن وجود الميول المثلية لا يعني أن الشخص يتقبلها، فقد يكون رافضًا لها ويعيش في صراع نفسي، وليس معنى وجود الميول المثلية وتقبلها أن الشخص يمارس علاقات مثلية،
وممارسة الشخص لعلاقات مثلية لا يعني أنه لا يريد التوقف أو التغير، واستمرار ممارسته لهذه العلاقات بشكل شخصي وسري شيء، وإعلانه عنها ودعوته لانتشارها في المجتمع شيء آخر، وتبنيه لمشروع ضخم لنشرها اجتماعيا ومحاربة من يرفضونها شيء ثالث، وهكذا.
فهذه درجات مختلفة، تحتاج أيضًا إلى درجات مختلفة من التعامل، منها التوعية والمساعدة والعلاج، والإرشاد والنصح والاحتواء، وتوفير البديل بسهولة، ومثل ذلك الكثير.
وعادة ما يكون العقاب للشخص المجاهر بفعله غير السوي والداعي لانتشاره في المجتمع، وهو عقاب يجب أن يتماشى مع الظروف المجتمعية، فمن نشأ ويعيش في مجتمع يشجع على كل رذيلة ليس كمن نشأ في مجتمع فاضل ثم شذ عنه وحاربه، وهكذا.
النظرة للسلوك يجب أن تتبع الرؤية للكون وللمعرفة
إن النظرة للإنسان وحقيقته، والنظرة لسلوكه واختياراته ينبغي أن تُبنى على أساس عقلي سليم ومتين، وبالاستعانة بالأدوات المعرفية الأخرى كالنصوص الدينية الصحيحة والتجارب العلمية السليمة. أما استبعاد العقل فهو الشقاء -كل الشقاء- للإنسانية!
الرؤية للإنسان والذكورة والأنوثة وعلاقتهم بالمثلية
غاية وجود كل شيء تظهر فيما يميزه عن غيره، الطائرة مثلا وجدت كي تطير، والسفينة كي تبحر في المياه، ولو صنعت طائرة كاملة لكي تشرب فيها الشاي فقط مثلًا فهذا يسمى عبثًا، أي فعل بدون غاية عاقلة أو حكيمة.
ونفس الأمر في الكون من حولنا، فالغائية ملاحظة ومرصودة في جنبات الكون، إذ يفرز اللبن في ثدي الأم كي يروي ويغذي الوليد، وتنبت أسنان الرضيع استعدادا لزيادة احتياجاته الجسدية وحاجته للطعام، ويتعرض الرحم لدورة شهرية لتهيئته للحمل، هكذا! بل إن الغائية مثبتة أيضًا بالأدلة العقلية بإثبات الحكمة المطلقة والكمال المطلق للإله.
والإنسان يميزه عقله أو روحه، اللذان يتيحان له اكتساب العلم ومعرفة الحق، والتصرف طبقا لهذا الحق لعمل الخير والعدل، فغاية وجوده هي هذه.
لكن صفاته الجسدية مشتركة بينه وبين الحيوانات، وبالتالي ليست غاية وجوده أن يعيش ويتصرف كالحيوانات، بل إن سلوكياته التي تكون لأهداف جسدية بحتة هي سلوكيات حيوانية بهذا المعنى.
الغاية من الاجتماع
والذكورة والأنوثة ما يميزهما أنهما يؤديان إلى تكوين مجتمعات صغيرة ضرورية للإنسان (المجتمع الأسري المكون أولا من زوجين، ثم بعد ذلك الأولاد)، والإنجاب وحفظ النوع، بالإضافة إلى متعة ما.
والمتع الجسدية ليست مطلوبة لذاتها كما سبق، بل الجسد نفسه ليس مطلوبًا لذاته، بل هو وسيلة لفعل الروح أو العقل، لأنهما هما ما يميزان الإنسان، وهما غاية وجوده كما سبق، ولأن الروح أو النفس هي الباقية أصلا، بخلاف الجسد الذي يفنى هو ومتعه.
وبالتالي فالذكورة والأنوثة غاية وجودهما تكوين الأسر (بالمعنى السابق) وحفظ النوع، بما يؤدي إلى كمال عقل وروح الإنسان، وليس مجرد المتعة الجسدية الزائلة.
المثلية الجنسية والشذوذ الجنسي والعبثية واللذات الحيوانية
وهذا يجعل المثلية الجنسية وأشباهها من العلاقات الطالبة للمتعة خارج الإطار السابق شذوذًا عن الوضع الطبيعي الذي يثبته ويقبله العقل، فهي علاقات عبثية وجسدية حيوانية بالمعاني السابقة، وبالتالي مخالفة للفطرة، أي لطبيعة الخلقة الإنسانية المتميزة بالعقل.
المثلية الجنسية والفطرة الإنسانية
وقد يكون هذا سبب نفور عامة الناس منها في كثير من المجتمعات لفترات طويلة من التاريخ، فهم يلمحون فيها الحيوانية والعبثية، فحتى العامة في المجتمعات المتحررة لديهم مشكلة مع الخيانة الزوجية وتعدد العلاقات بشكل شهواني ومع بعض العلاقات الشاذة، على الأقل استمر هذا لفترات طويلة عند أغلبهم قبل الحملات الأخيرة التي حاولت تطبيع المثلية.
المثلية الجنسية والاضطرابات العقلية والنفسية
ومخالفة المثلية للعقل، وكونها عبثية وحيوانية، وصدورها عن رؤية للإنسان وحياته ترى فيه حيوانًا لا يحكمه نظام خاص به كإنسان، وترى سلوكياته عبثية لا تهدف إلا للذة عاجلة مؤقتة تفنى سريعا وتفنى بعدها الحياة بأكملها،
كل هذا قد يمثل عبئًا عقليًا ونفسيًا على من يمارس المثلية الجنسية، فيؤدي لألم نفسي. وقد يكون ذلك من أسباب زيادة الأمراض النفسية بين المثليين كما سبق ذكره.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا