قضايا شبابية - مقالاتمقالات

من بنت الجيران لشيماء يا قلبي لا تحزن!

أمس كنت أراجع دراسة ماجستير لأحد الباحثين الذين أتولى الإشراف عليهم، ودونت بقلمي مجموعة من الملاحظات النقدية والتي سبق أن نبهت الباحث إليها مرارا وتكرارا، وقررت عندما أقابله أن ألفت نظرة بشيء من الشدة والعتاب، لتأكدي من سمة الإهمال غير المبرر في دراسته.

وبعدما انتهيت جلست أتابع صفحات التواصل لأستطلع أخبار الدنيا والناس، ولفت نظري مذيع برنامج شهير أكن له شخصيا كل احترام وتقدير يستضيف شابين يتحدثان عن (شيماء)، وإزاي الفكرة جت؟! والكلمات قصتها إيه؟! واللحن ده توزيعه إزاي؟!

استفزني الأمر، قررت أن أبحث في اليوتيوب عن القصة دي، ألاقي حضرتك فيديو منتشر من أسبوع وحصد عشرات الملايين من المشاهدات، واحد تايه في الشارع وشارب حاجة ومكيف دماغه على الآخر بيدور على بطة اسمها شيماء!

سياج من الحيرة القاتلة

أصابتني حالة من الذهول، ونظرت إلى الملاحظات التي دونتها على رسالة الماجستير التي انتهيت من مراجعتها، وتخيلت ذلك الباحث وأنا أعنفه مقارنة بهذا الشخص الذي يبحث عن بطته هو ومصر كلها تبحث معه عنها، وإذا بي أتساءل مقيدا بسياج من الحيرة القاتلة:

– ألهذا الحد انهارت منظومة الذوق المصري وضربت في مقتل؟ فلم تعد قادرة على تذوق الفن الجميل، بل وأدمنت عشق (قاذورات) الأفواه لمجموعة من المدمنين!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

– ألهذا الحد نطالب شبابنا بالعمل، والجد والاجتهاد، وتحمل المشاق، والبحث عن فرص عمل، والاستماتة من أجل إثبات الذات، ويظل الواحد منهم يجاهد في معترك الحياة سنوات طوال، ويأتي هذا الباحث عن بطته ليكون في لحظة نجم النجوم ملء السمع والبصر؟! فاللهم صبرا وثباتا..

– ألهذا الحد انهارت منظومة القيم، فلم يعد مجتمعنا محصنا تحصينا ذاتيا تجاه كل ما يهدد منظومة الأخلاق، ولم يعد لثوابت الدين وثوابت القيم والأعراف والعادات والتقاليد تأثير مباشر على آلية صناعة الإنسان المتزن قيميا؟!

– ألهذا الحد غدا الغوغاء والمدمنون والمتسولون والفاشلون نجوما مجتمعية يشار إليهم بالبنان؟!

– ألهذا الحد تشبعت بيئة حياتنا بملوثات سمعية وبصرية مقززة تستدعي حرقها فورا لإنقاذ المجتمع منها؟!

ولهذا:

– لا تلوموا شبابا أقدم على الانتحار!

– لا تلوموا فتيات خلعن براقع الحياء!

– لا تلوموا مجتمعا منحلا هجر منظومة القيم عشقا للفساد!

– لا تلوموا من تحرش أو تنمر أو أدمن أو باع قضية وجوده وبعثر أحلامه في الهواء إذ هي الوهم الخادع!

– لا تلوموا من يبحث عن بطته فتلك البطة منحته الحياة!

والآن:

وقبل فوات الأوان أنقذوا مصر يا سادة، أنقذوا ما تبقى لدينا من ميراث الفضائل السامية والذوق الفطري السليم، نقبوا عن شبابها المميز، ادعموا منظومة القيم، رسخوا في النفوس معاني الإرادة والتصميم والإباء واحترام الذات وعشق التميز.

وإياكم ثم إياكم أن يأتي يوم تشعرون فيه بالندم، تبكون دما يوم لا ينفع الندم، وسبب ذلك كله قبولكم منذ البداية بنت الجيران واستمتاعكم في النهاية بالبطة شيماء!

اقرأ أيضاً:

سوءات المجتمع على تطبيق التيك توك

نخبة المفكرين الجهاز المناعي للمجتمع

إلى شباب اليوم رجال الغد

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب