مقالات

من العجيب

ربما من العجيب والمثير للسخرية أن يعتبر شعار تقدم ورفاهية الحضارة الحديثة اليوم هو شطائر الهمبرجر والبنطال الجينز وموسيقى الراب والروك! حين نرى حجم الشطيرة وشكلها وطريقة أكلها لا يمكن أن يكون هذا علامة تحضر! بل هو قمة الهمجية ! شيء حجمه كبير أكبر من فمك، كي تأكله لابد أن تتساقط بقايا الطعام من حولك، ويتحول وجهك إلى شكل همجي أسوأ من طريقة أكل الخنازير!

وبعد أن تنتهي لابد من المزيد من تلويث البيئة والمكان من حولك بالمزيد من الفضلات، سواء في صورة مناديل ورقية أو أكياس بلاستيكية أو علب كرتونية أو أكواب وملاعق بلاستيكية تحت شعار يستعمل مرة واحدة (disposable)!

ما هذا القبح؟!

تماما مثل قبح الضوضاء المسماة موسيقى الراب أو الروك أو موضات البنطال الجينز المقطع والباهت والجرب! لا يمكن لعاقل أن يرى حضارة في هذه المظاهر، بل أي إنسان رشيد لديه بعض العقل سيرى قمة الهمجية في هذه المظاهر. سيجد أن طريقة الأكل وآداب الطعام وأناقة الملبس وتذوق الفنون، كل هذا يتعارض مع همجية الحضارة الحديثة اليوم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ربما هذا يجعلنا نفهم أنه ليس كل غني أو قوي يكون متحضرا، وليس كل اختراع يعني حياة أفضل. وكثيرا ما نجد شعوبا متحضرة لكنها تعرضت للهزيمة في ظروف تاريخية ما، والعكس قد نجد شعوبا همجية مثل التتار وأمريكا لكنها حققت انتصارات في ظروف تاريخية ما.

وهذا لا يجعل الهمجية تحضرا أو جمالا، كما لا يجعل الجمال صورة من صور التخلف! علينا أن نرى الفارق بين القوة وبين التحضر، فكلاهما ليس مرادفا للآخر في حالات كثيرة!

حين تعجبك قوة بلد أو شعب اقتصاديا وتقدمها علميا فهذا لا يعني بالضرورة أن تنبهر بأفكار أو عادات أو طريقة ملابس وحياة هذا الشعب أو تلك البلد أو هذه الحضارة.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

بيولوجيا الحضارة

الموضة والثوابت وخطورة الموقف

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 الشركات العالمية والركض خلف السعادة!

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة