مقالات

من الطب الصيني التقليدي – الجزء الثاني

الوخز بالإبر الصينية

يعتبر الطب الصيني التقليدي من أقدم العلاج فيعود إلى آلاف السنين، وقد برز علماء برعوا في استخدامه، وكذلك في تطويره كاستخدام التخدير والتشييح.

والصينيون يميلون كثيرًا لاستخدام الأدوات والخامات من الطبيعة كالإبر الصينية، والين واليانج، والأعشاب والنباتات التي تستخدم في تحضير الأدوية التقليدية لعلاج الأمراض والجروح، من أجل تحسين صحتهم والاهتمام بها.

إنّ كتاب (هوانغ دي للطب الصيني) من أوائل الكتب المؤلفة في هذا المجال، وضم الكثير من التجارب الطبية في عصر فترة الربيع والخريف، ومن الأطباء البارزين أيضًا (بيان تشيويه) في عصر الدويلات المتحاربة، وأول طبيب قام بتشخيص المرض بأركانه الأربعة (وانغ، ون، ون، تشيه)، وقد أصبح تصنيفه هذا من أعظم الطرق للتشخيص في الطب الصيني التقليدي الذي ما زال يستخدم إلى الآن.

وهذه الأركان كالآتي: الأول (وانغ) وهي النظر إلى المريض وملاحظته ومراقبة أموره ونفسيته، والثاني (ون) وهو معرفة مدى دقّة السمع والشم لديه، والثالث (ون) سؤال المريض عن مرضه وإصابته وشعوره بالأعراض ومدى القابلية للطعام والشراب والتذوق، والرابع (تشيه) وهي آخر مرحلة والتي تتمثّل في جسّ نبض المريض ومراقبة دقات قلبه وخفقانه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

العلاج بالوخز بالإبر الصينية

ومن أساليب العلاج المشهورة في الصين ثم انتقلت إلى العالم الوخز وهو المعروف بالإبر الصينية، فتكون في مكان معيّن في الجسم يرتبط بالمرض الذي يشتكي منه المريض.

إنّ كثيرًا من الناس سمع عن العلاج بالوخز بالإبر الصينية، ولكن دائمًا الأشياء الجديدة أو غير المألوفة تكون منبوذة ومكروهة وممجوجة نظرًا لحداثتها، فالإنسان بطبعه يحارب الجديد ولا يقبل به بسهولة، وبالتالي يكون من الصعب عليه ممارسته، وماذا يحدث لو جربنا هذه الأنواع من العلاج طالما أنها لا تؤذي وليس لها آثار جانبية أو أمراض عضوية؟

اشتهر الطبيب (وانغ وي يي) بمهارته الفائقة في هذا المضمار، حتى لُقّب بأعجوبة علم الوخز والتشييح عام 1027، والتشييح يكون بوضع مسحوق الشيح على نقاط معينة في جسم المريض، أو حرقه فيتم العلاج بالحرارة، وهو يشبه الحجامة في الطب النبوي، غير أنّ الحجامة تكون بسحب الهواء عن طريق كاسات ثم تشريح هذا الجزء وإخراج الدم الفاسد، وبالتالي تتم إزالة والتخلص من التوالف الدموية الزائدة، وقد انتقل الوخز والتشييح إلى كل أنحاء العالم.

إِنَّ جِسمَ الإِنسانِ بِهِ أَكْثَرَ من ثمان مائة وسبعين نقطَةً، فَإِذا حَدَثَ خلَل في عضو من أَعضاء الجِسمِ، أَو اختلت وظائفه، يَقوم المعالج بغرز إبرة في نقطة معيَنَة تصل العضو المريض، فيزول المرض، ويستعيد وظيفته الطبيعِية، وبغرز الإبر هذه في مسارات الطاقة المحددة يمكن استعادة التوازن، حقًا، إنه من كنوز الطب الصيني القديم.

فوائد مجال الإبر الصينية

ويشير الخبراء في هذا المجال أنه من المناسب تمامًا الضغط بقوة على النقطة التي تم تحديدها بالإبهام أو بإصبع آخر، مع استخدام حركة دائرية في اتجاه عقارب الساعة لبضع دقائق كعملية تدليك.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وقد استخدم الصينيون القدماء التخدير وأدخلوه في الطب بالأدوية أو الوخز، وهو يشبه التخدير بالعقاقير الآن، فإما أن يكون كُليًا للجسم أو جزئيًا للجزء المصاب فقط، فاستخدموه في عمليات كثيرة منها شَق البطن وغيره.

وقد أفاد مجال الإبر الصينية في علاج كثير من الأمراض، منها: التهاب الأعصاب والمفاصل، والصداع، والتهاب الأذن، وارتفاع ضغط الدم، والإدمان، والأرق، والتهاب الجيوب الأنفية، وآلام الظهر والرقبة، وتشنّج العضلات، والربو، والحساسية، وبعض أنواع الشلل، وتخفيف الوزن، ويساعد في دعم الأدوية.

وإذا كان الطب الصيني القديم يفيد في علاج الأمراض المختلفة، إلا أننا كذلك لا يمكن الاستغناء عن الوصفات الطبية بواسطة طبيب متخصص متمرّس، فمن الأفضل أن تكون من خلاله، والاهتمام بتناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة، وتنظيم الوقت، والنظافة.

اقرأ أيضاً:

الجزء الأول من المقال

تنظيم مستوى السكر بالدم

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الزهد في الثقافة الصينية

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر

مقالات ذات صلة