مقالات

من الطب الصيني التقليدي

لكل شيء في الدنيا زوجان؛ الليل والنهار، الشمس والقمر، السماء والأرض، الرجل والمرأة، الأبيض والأسود، وكما نقول: وبضدها تتميّز الأشياء، ويعبّر عن نفسه بوضوح وجلاء.

والطب الصيني القديم أحد أعمدة الطب المُكمّل والبديل، كالعلاج بالأعشاب وبالوخز بالإبر والذي انتشر في دول العالم، ومن المعلوم أنّ الصينيين يعتمدون على الطبيعة في حياتهم كالعلاج والطعام والشراب وغير ذلك.

الين – اليانج

ومن هذه الفلسفة القديمة والتي تتوارثها دول شرق آسيا “الين – اليانج”، وهاتان الكلمتان تشيران إلى دائرة مقسومة نصفيْن الأول أسود هو الين، والآخر أبيض هو اليانج، وبينهما خط فاصل ليعمل على بقائهما متحركيْن ومتغيريْن.

إنّ أي شيء في الحياة لا يخرج عن كونه أبيض وأسود، ولكن ليس أبيض تمامًا أو أسود تمامًا لاحتياج كل منهما للآخر، فالين يشير إلى الظلام والأسفل والسكون والبرودة، بينما اليانج يشير إلى النور والنشاط والأعلى والسخونة والقوة.

وفي منظومة الطب الصيني التقليدي مفهوم رئيس يستخدم في التشخيص كثنائيات السالب والموجب، والمذكر والمؤنث، وهي “ين – يانج”، والتي تعود إلى عام 221 ق.م، والتي ظهرت في كتاب التغيّرات، والذي يحاول تفسير الأحوال والصفات في الكون والإنسان بوصفه جزء وأحد هذه المظاهر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فيمثّل مفهوم “ين – يانج” ظاهرتين متضادتين ومتكاملتين كالصحة والمرض، فالصحة تعتبر توازنًا بين شقيّ الين واليانج، والمرض هو بمثابة الزيادة أو النقص في أحدهما.

فإذا أراد المعالج تشخيص المرض فإنه يبحث في الخلل الذي يصيب أحد الشقّيْن فيعمل على إعادة التوازن، فمثلًا البرودة من أمراض الين وتعني زيادة البرد في مكونات الجسم (أو نقص الدفء داخله)، ومن أمراض اليانج السخونة الناتجة عن زيادة الحرارة في الجسم (أو نقص البرد داخله)، فمن أعراض زيادة الحرارة الألم الحاد، والتقلصات، والصداع، ومن أعراض زيادة البرودة الوجع المكتوم، والارتجاف، والوهن والضعف.

أنواع الأطعمة في الطب الصيني التقليدي

وقسّم خبراء الطب الصيني التقليدي الأطعمة إلى ثلاث فئات وهي (تبريد- ين)، (تسخين- يانج)، (وسط بين الين واليانج)، ولهذا ينبغي أن يتناول الإنسان أطعمة تُحدث التوازن المناسب.

إنّ إعادة المناخ الداخلي للجسم أمر مهم حتى لا يحدث إفراط أو تفريط أو يطغى أحد الشقين على الآخر، فإذا أصاب الجسم الحرارة أو شدة البرودة فهنا ينبغي تناول الأطعمة المُعادلة. ودرجة الحرارة التي نقيسها بالترمومتر، غير التي تنتج من التمثيل الغذائي الناتج من هضم الطعام، فمثلًا بعض الأطعمة تنتج برودة داخل الجسم كالآيس كريم والموز وبعضها يولّد حرارة داخلية كالزنجبيل والدجاج.

وكما نقول: الإنسان طبيب نفسه، فإذا أفرط في تناول طعام حار ساخن فإنه سيصاب بحرارة داخلية وبالتالي يعاني من السخونة، ويمكننا أن نتعرف على بعض أنواع البرد بآلام وجفاف الحلْق والحمّى وزيادة تصبّب العَرَق، وهذه تنتج عن سخونة داخلية، ولكي يُعالج هذا الاختلال يتناول المريض أطعمة تبريد.

والطب العالمي يشخّص البرودة أو السخونة بشيء واحد وبالتالي يصف العقاقير والمضادات الحيوية لهذا، أما الطب الصيني التقليدي فإنه يصف البرد في أكثر من نوع، فهناك حالات برد ساخنة ناتجة عن تراكم الحرارة داخل الجسم (وهو المعروف بتحول الشيء إلى نقيضه)، في معادلة (الين واليانج) ولوصف العلاج لحالة البرد هذه يتناول المريض أطعمة تمنحه البرودة كالزبادي والآيس كريم والطماطم والبطيخ.

وتنمو الأطعمة الموجبة (يانج) في جو بارد ورطب، وتكون صلبة قصيرة الجذور وقصيرة البذور وتميل إلى الحموضة والملوحة، وأما الأطعمة السالبة فإنها تنمو في جو حار جاف وبها ماء كثير وأطول وأغزر عصارة، فالصيف حار (يانج) يوجد في البطيخ المرطب وهو (ين)، وفي الشتاء البارد يوجد في البرتقال وهو يانج.

إنّ صحة الإنسان أغلى ما يملكه فينبغي الحفاظ عليها ومراعاتها، فلا يهلكها فيما لا فائدة فيه، كأن لا يهتم بالأطعمة الصحية وعناصرها الغذائية وممارسة الرياضة وعدم تجنّبها مواضع التهلكة، وبالتالي تضعف فلا يستطيع العمل والإنتاج وأن يكون فردًا نافعًا في مجتمعه.

اقرأ أيضاً:

من تاريخ الطب النفسي

العلامات الصحية

الإفراط والتفريط

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر