منهج الاقتصاد في التفكير
يرجع منهج الاقتصاد في التفكر إلى الفيلسوف ويليام أوكام، وهو أحد أهم فلاسفة العصور الوسطى الأوروبية، ويقوم منهج الاقتصاد في التفكير على الاستغناء عما ليس بحاجة إليه للوقف على المعنى الدقيق المراد مما هو مطروح. ويستخدم هذا المنهج في كثير من الحقول المعرفية، مثل السياسة والاقتصاد والاجتماع والدين والأخلاق، إلخ.
في حقل العلم
فيستخدم هذا المنهج في حقل العلم مثلا وذلك عند فرض الفروض من أجل تفسر ظاهرة من الظواهر، للوصول إلى قانون عام يفسر تلك الظاهرة، وذلك خلال الاستغناء عن الفروض التي تخرج عن نطاق تفسير الظاهرة موضوع الدراسة، أو خلال ما يسمى بلغة العلم “اختبار صحة الفروض”،
فالإبقاء على مثل هذه الفروض من شأنها أن تعيق الوصول إلى القانون العام هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى من شأنها أن تقدم تفسيرا لا ينطبق بشكل دقيق على الظاهرة موضوع الدراسة أو أن تقدم تفسيرا مغلوطا، وكلاهما سيعيق الوصول إلى الغاية المنشودة والمتمثلة في الوصول إلى القانون العام.
في الخطابات الموجهة للجمهور
ويستخدم هذا المنهج كذلك في الخطابات الموجهة للجمهور سواء كانت سياسية أو دينية أو فكرية أو اجتماعية، إلخ، وذلك من خلال جعل الكلام مختصرا ورفض الزائد منه طالما يؤدي المعنى المراد، فالحشو الزائد في الخطابات بمختلف أنواعها وأشكالها يؤدي كثيرا إلى سوء الفهم، بل والملل من ملقي الخطاب،
لأنه سيستغرق وقتا كبيرا عند استخدامه للزوائد التي ليس للخطاب حاجة إليها، هذا فضلا عن كثرة مدلولاته والتي قد تؤدي إلى سوء الفهم في كثير من الأحيان، خاصة عندما تلقى هذه الخطابات من أشخاص هم بمثابة رموز لها قوتها وتأثيرها في الجمهور.
استخدامات آخرى
ولا يقف استخدام منهج الاقتصاد في التفكير عند هذا الحد، بل يستخدم كذلك في الدراسات الأكاديمية والتي يمكن أن تتجسد في الاستغناء عن فقرات معينة طالما أن عدم وجودها لا يؤثر على المعنى المراد من الفقرة من ناحية وكذلك طالما أن غيابها لا يفقد النص معناه ومدلولاته التي يهدف المؤلف من ورائها.
كما تأتي الأهمية المركزية من هذا المنهج في صياغة المعاهدات والقوانين واللوائح، إلخ، والتي يجب أن تكون مركزة ومعبرة في الوقت ذاته وبشكل صريح وواضح عند تطبيقه على أرض الواقع.
كما يمكن أن يستخدم هذا المنهج من قبل الإنسان العادي في حياته اليومية وخاصة عندما يواجه مشكلة من المشكلات الحياتية التي يتعرض لها في أوقات كثيرة، وذلك خلال اقتصاره فحسب على الحلول التي يمكن أن تحل المشكلة التي يتعرض لها، أما باقي الحلول التي يمكن أن تحل أحد أوجه المشكلة، أو أنها من المستحيل القيام بها، أو أنها تخرج عن الإمكانيات المتاحة للإنسان، فوفقا لمنهج الاقتصاد في التفكير يجب ترك مثل هذه الحلول جانبا والإبقاء فحسب على الحلول التي يمكن لها أن تحل المشكلة بشكل كامل ويكون لدى الإنسان -الذي لديه المشكلة- القدرة على القيام بها.
اقرأ أيضاً:
أوقات الأزمات وتجلي التفكير العلمي
التفكير من المفهوم إلى الإجراء
المعلومات والمعرفة وصناعة القرار
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.