مقالات

آخر خدمة الغز.. علقة

كلمة: ملكيين أكثر من الملك، تقال لوصف العبيد الذين يبالغون في الدفاع عن أسيادهم أكثر مما يدافع أسيادهم عن أنفسهم!

هي ظاهرة شهيرة عبر التاريخ، وغالبًا تكون نتيجة الشعور باحتقار الذات والشعور بالعار والدونية الذي يصيب بعض الضعفاء والمهزومين، ما يجعلهم يسعون بكل جهدهم إلى الشعور الوهمي بالانتساب إلى أسيادهم وجلاديهم، الذين يستغلونهم ويستعبدونهم ويذلونهم!

هي حالة من الشعور الوهمي بأنه جزء من الناحية القوية والمنتصرة، والسعي للتبرأ والتهرب من الشعور أنه جزء من المهزومين.

ربما أشهر مثال نراه في بلادنا مثلًا العلمانيون، الذين يدافعون باستماتة عن أسيادهم في الغرب المستعمر الأوروبي.

أو الذين يبالغون في نقد الذات ونقد شعوبهم وتشويه صورتهم، والمبالغة في التباكي والشكوى، كأنهم طرف ثالث ينظرون إلى شعبهم وبلدهم وحضارتهم من الشرفة أو من بعيد!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أو المهزومون والضحايا المستعبَدون، الذين يبررون ما يفعله بهم الحكام الظالمون ورجال الأعمال من الأغنياء المستغلين!

يعني المظلوم والضحية يدافع عن الظالم! ربما تعويض نقص، أو تبرير البؤس الذي يعيشه، كي يكمل حياته متصالحًا مع نفسه بعد إقناع نفسه أنه حقير يستحق ما هو فيه، وأنه ضحية، ليس لأنه عليه الأخذ بالأسباب ولم يفعل، لكنه ضحية لأنه يستحق أن يكون ضحية!

في الغرب اليوم تجد هؤلاء الملكيين أكثر من الملك يتصدرون المشهد في الأحزاب العنصرية واليمينة المتطرفة!

مثلًا رئيس وزراء إنجلترا اليوم، سوناك أسمر ومن أصل هندي، لكنه يمثل الحزب المحافظ وضد الهجرة وضد ذوي البشرة السمراء في إنجلترا!

رغم أنه هو نفسه ابن مهاجر هندي، ولولا أنه تزوج من ابنة رجل غني، لكان سوناك هذا اليوم فقط موظف عادي مثل ملايين الموظفين الهنود الذين يعملون في خدمة بريطانيا!

وزيرة داخلية إنجلترا أيضًا من أصول تاميلية (سريلانكا)، ووزيرة أخرى من نيجيريا، وهاجرت إلى إنجلترا في طفولتها!

كلهم ضد الهجرة، ويتخذون قرارات وقوانين عنصرية ضد أصحاب البشرة غير البيضاء، وضد ما هو غير أبيض وغير مسيحي! رغم أنهم هم أنفسهم مهاجرون! وبشرتهم غير بيضاء، وغير مسيحيين.

مثال آخر المهاجر العراقي الآشوري سلوان موميكا، الذي كان يعمل مع العصابات المسلحة في العراق قبل أن يهاجر إلى السويد ويعلن أنه ملحد، الذي أحرق القرآن الكريم في السويد، ويراهن على إرضاء وإشباع التيارات اليمينية العنصرية البيضاء في السويد.

مثال ثالث، حسام بطرس مسيحة! المهاجر المصري الذي يقف ضد الهجرة في فرنسا، ويسمي نفسه اليوم: جان مسيحة! وأصبح عضوًا في الأحزاب اليمينية المتطرفة ضد العرب والمسلمين وكل من ليس صاحب بشرة بيضاء، ويجمع تبرعات للشرطي الفرنسي المجرم الذي قتل شابًا فرنسيًا فقط لأنه ليس أبيض البشرة ومن أصول جزائرية!

الموضوع ليس كراهية للإسلام فقط، بل كراهية للنفس وللأصول ولكل ما هو شرقي!

هؤلاء يكرهون جلودهم ولون بشرتهم ولسانهم ولهجتهم وشكل وجوههم، يكرهون أنفسهم وأهلهم، وليس فقط العروبة والإسلام.

كل هؤلاء يتمسحون في الغرب ويتبرأون من أصولهم الشرقية، وسيظل هؤلاء العبيد يتملقون أسيادهم ويتمسحون بهم، على أمل الحصول على الرضا، ويحلمون أنه من الممكن يومًا ما أن يتقبلهم الأسياد ويعتبرونهم جزءًا منهم، وهذا ما لم يحدث في الماضي ولن يحدث في المستقبل!

سيظل العبيد محض أدوات في يد أسيادهم، يستعملونهم في تأدية بعض المهام، أو عمل بعض الديكورات للأحزاب اليمينية المتطرفة، ثم بعد ذلك يلقون بهم في القمامة مثل من سبقوهم.

أو كما يقول المثل المصري عن هؤلاء الذين يعملون في خدمة العدو: آخر خدمة الغز.. علقة!

يعني سيخدمونهم وينتظرون الثمن والمكافأة، لكن في النهاية عادة تكون المكافأة صفعة على القفا أو لطمة على الوجه!

مقالات ذات صلة:

النفاق من المسرح إلى الحياة العامة

فن اللقطة في زمن الفهلوة

أيها المواطنون

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس