ملخص كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان
يروي الكاتب في بداية الكتاب رحلته في إشباع شكوك تفكيره من خلال الكتب، حيث قضى نحو ثلاثين عامًا بين الكتب والعلوم المختلفة التي كانت تصل من الغرب إلى دول العالم الثالث، فكان هذا العلم يمده بوسيلة يتصور بها الله بطريقة مادية، ولو أنه اعتمد على فطرته لما استغرق هذا الوقت للوصول إلى اليقين، حيث كانت الصيحة التي غمرت العالم وقتها العلم، العلم.. ولا شيء غير العلم.
نبذة عن د. مصطفى محمود
طبيب وكاتب مصري تخصَّص في الأمراض الصدرية، ولكنه تفرغ للكتابة والبحث عام 1960، له العديد من الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، إضافة إلى الحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة.
كان مصطفى محمود مقدّمًا لأكثر من 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان). أنشأ عام 1979م مسجده في القاهرة المعروف بـاسم مسجد مصطفى محمود.
نبذة عن كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان
يعد من أهم الكتابات التي قدمها الدكتور مصطفى محمود كتاب “رحلتي من الشك إلى الإيمان”، والذي نحن بصدد تقديم مراجعة وتلخيص له. يتألف الكتاب من ثمانية فصول وهي:
الله: ويتحدث في هذا الفصل عن الأفكار الجدلية حول وجود الخالق، وفكرة الوجود والعدم.
الجسد: ويتكلم عن كيفية تميز كل شخص بصفات فريدة تميزه عن غيره، مثل البصمة الوراثية.
الروح: يتحدث الفصل عن الروح وكيف أنها مجهولة بالنسبة للإنسان.
العدل الأزلي: ويتحدث عن عدل الله المطلق.
لماذا العذاب؟: يتحدث عن الحكمة من العذاب.
ماذا قالت لي الخلوة؟
التوازن الطبيعي.
المسيح الدجال.
ملخص كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان
الله
ويتحدث في هذا الفصل عن الأفكار الجدلية حول وجود الخالق. وفكرة الوجود والعدم، فقد طرح على نفسه في هذا الجزء سؤالًا سخيفًا وهو “من خلق الله؟، وأنه عندما طرح هذا السؤال على من حوله من الناس اتهموه بالكفر، وهو ما دفعه للإجابة عن هذا السؤال بالعلم والفيزياء، حيث قال: “لا تعارض بين الدين والعلم، لأن الدين في ذاته منتهى العلم المشتمل بالضرورة على جميع العلوم”.
“كان العلم يمدّني بوسيلة أتصور بها الله بطريقة مادية، وفي هذه المرحلة، تصورتُ أنَّ الله هو الطاقة الباطنة في الكون في منظومات جميلة، مِن أحياء وجمادات وأراض وسماوات، وهو الحركة التي كشفها العلم في الذرة، وفي البروتوبلازم وفي الأفلاك،
وهو الحيوية الخالقة الباطنة في كل شيء، وكان الوجود في تصوري لا محدودًا، لا نهائيًا، إذ لا يُمْكن أنْ يَحُد الوجود إلا العدم، والعدم معدوم، ومِن هنا يلزم منطقيًا أنْ يَكون الوجود غير محدود ولا نهائي. ولا يصح أنْ نسأل: مَن الذي خلق الكون؟ إذ إنَّ السؤال يستتبع أنْ الكون كان معدومًا في البداية ثُم وُجِد، وكيف يَكون لمعدوم كيان؟”.
يقول المفكر الهندي وحيد الدين خان: “إذا كان الظمأ إلى الماء يدل على وجود الماء، فكذلك الظمأ إلى العدل لا بد أنه يدل على وجود العدل، ولأنه لا عدل في الدنيا، فهو دليل على وجود الآخرة مستقر العدل الحقيقي”.
“والكون له جدول من القوانين المنضبطة الصريحة التي لا غش فيها ولا خداع. سوف يرتفع صوت ليقول: وما رأيك فيما نحن فيه من الغش والخداع والحروب والمظالم وقتل بعضنا البعض بغيًا وعدوانًا؟ أين النظام هنا؟ وسوف أقول له: هذا شيء آخر،
فإن ما يحدث بيننا نحن دولة بني آدم يحدث لأن الله أخلفنا في الأرض وأقامنا ملوكًا نحكم وأعطانا الحرية. تبدأ عبادة الله بمعرفة الله ومقامه الأسمى، وتبدأ معرفة الله بمعرفة النفس ومكانها الأدنى”.
إن العلم الحق لم يكن أبدًا مناقضًا للدين بل إنه دال عليه مؤكد لمعناه. وإنما نصف العلم هو الذي يوقع العقل في الشبهة والشك.
الجسد والروح
هل صحيح أنَّ النفْس ما هي إلا مجرد حوافز الجوع والجنس ومجموعة الاستشعارات التي يدرِك بها الجسد ما يحتاجه؟ لو قلنا هذا فنحن أمام تفسير مادي متهافت، فما هكذا حقيقة النفْس، ولا حقيقة الإنسان.
إنَّ الإنسان ليُضَحِّي بلقمته وبيته وفراشه الدافئ، في سبيل أهداف ومُثُل وغايات شديدة التجريد، كالعدل والحق والخير والحرية، فأين حوافز الجوع والجنس هنا؟
تلك الإرادة الهائلة التي تدوس على الجسد وتُضَحِّي به، هي حقيقة متجاوِزة عالية بطبيعتها، وآمِرة ومهيمِنة على الجسد، وليست للجسد تبعًا وذيلًا. وإذا كنتُ أنا الجسد فكيف أَتحكم في الجسد وأُخضِعه؟ وإذا كنت أنا الجوع فكيف أَتحكم في الجوع؟
إنَّ مجرد الهيمنة الداخلية على جميع عناصر الجسد ومفردات الغرائز هي الشهادة الكاشفة عن ذلك العنصر المتعالي والمفارِق، الذي تتألف مِنه الذات الإنسانية، فعن طريق النفْس أتحكم في الجسد، وعن طريق العقل أتحكم في النفْس،
وعن طريق البصيرة أضع للعقل حدوده، وهذا التفاضل بَيْن وجود ووجود يعلو عليه هو الإثبات الواقعي الذي يقودنا إلى الروح كحقيقة عالية متجاوزة للجسد وحاكمة عليه، وليست ذيلًا وتابعًا تموت بموته.
العدل الأزلي
في جزء آخر من تلك الرحلة، يتناول د. مصطفى محمود ذلك الشك في العدالة الإلهية ووجودها، ولكن ما يلبث أن يدحض ذلك الشك بعرض لتساؤلات تستدعي التفكير والتأمل. فيقول: “إننا أمام حالة مراقبة فطرية وفكرة ملحة بالحساب، نعلم بداهة وبالفطرة أن العدل هو ناموس الوجود، أما ما يحدث في عالمنا من ظلم فذلك لأن الله أخلفنا على الأرض وأعطانا الحرية”.
لماذا العذاب؟
يتحدث عن الحكمة من العذاب، ويسأل على لسان البعض “لماذا العذاب؟” من الله وهو الإله الرحمن الرحيم، ويبدأ بالنقاش الجدلي: “المثقفون لهم اعتراض تقليدي على مسألة البعث والعقاب، فهم يقولون: كيف يعذبنا الله والله محبة؟
وينسى الواحد منهم أنه قد يحب ابنه كل الحب ومع ذلك يعاقبه بالضرب والحرمان من المصروف والتأديب والتعنيف، وكلما ازداد حبه لابنه كلما ازداد اهتمامه بتأديبه”، ليجيب أن “إذا خفيت عنا الحكمة في العذاب فلأننا لا ندرك كل شيء ولا نرى من القصة إلا مرحلة محدودة اسمها الدنيا، فما قبل ذلك وبعده هو غيب محجوب”.
ماذا قالت لي الخلوة؟
ثم يسأل نفسه خلوة ما إذا كان صادقا، ليقطع بأن “الصادق الحقيقي يكاد يكون غير موجود”، فكلنا في تظاهر وادعاء أمام الناس، بل إن اللحظة التي نتحرى فيها الحق وحده هي لحظة شحيحة الوجود.
فـ”العلم وحده هو النظرة المستقلة عن الأهواء، والخلوة مع النفس هي اللحظة الأخرى التي يتجرد فيها الإنسان من دفاعاته ويكون صادقا مع نفسه”.
التوازن العظيم
ثم يتعرض لفرضية “أن الكون بما فيه من اتساق ونظام حدث صدفة” ويصفها بـ”السذاجة”، ويؤكد على أن العلم لا يعرف إلا أسماء بغير مسميات، فـ”نحن في عصر العلم الغيبي، وعليه فإنه لا يحق للعلم أن يحتج على غيبيات أغرق نفسه في مثلها”،
ليصل في نهاية فرضياته المطروحة: “أولى بنا أن نؤمن بعالم الغيب، خالقنا البرّ الكريم، الذي نرى آثاره في كل لمحة عين وكل نبضة قلب وكل سبحة تأمل، هذا أمر أولى بنا من الغرق في الفروض”.
المسيح الدجال
ثم اختتم رحلته بالحديث عن “المسيخ الدجال” معبود الزمان المادي. فمع اختفاء الإيمان بالله اختفت السكينة والأمن. وليس هذا اتهامًا للعلم، بل يؤكد ألا تعارض بين الدين والعلم، فالدين هو “منتهى العلم المشتمل على جميع العلوم”، فالدين يضع العلم في مكانه كوسيلة للمعرفة ضمن العديد من الوسائل الأخرى، كالفطرة والبصيرة والبداهة والإلهام والوحي.
فالله “خلقنا لنتعرف على مجهولات الدنيا والنفس البشرية، ومن ثم يعرف الإنسان ربه ويعبده عن حب فيكون أهلًا لمحبته وعطائه”.
وينهي كتابه بالرجوع إلى سؤاله الذي ابتدأ به كتابه: لماذا خلقنا الله؟ ليقول: “وجوابًا على الذين يسألون في حيرة: لماذا خلقنا الله؟ لماذا أوجدنا في هذه الدنيا؟ وما حكمة هذا العذاب الذي نعانيه؟ يجيب القرآن بمجموع آياته إن الله أنزل الإنسان إلى الدنيا بفضول مفطور فيه، ليتعرف على مجهولاتها ثم يتعرف على نفسه،
ومن خلال إدراكه لنفسه يدرك ربه، ويدرك مقام هذا الرب الجليل فيعبده ويحبه وبذلك يصبح أهلاً لمحبته وعطائه، ولهذا خلقنا الله، وهذا الهدف النهائي، ليحبنا ويعطينا، وهو يعذبنا ليوقظنا من غفلتنا فنصبح أهلًا لمحبته وعطائه”.
اقرأ أيضاً:
لا يوجد شيء رخيص جيد ولا يوجد شيء مجاني
فهرنهيت.. خذ صراعاتك إلى المحرقة!
مقتطفات من كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان
- العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام والانضباط من أصغر ذرة إلى أكبر فلك، والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة.
- لو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدًا، ولا انصرم إدراكنا كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئًا، وإنه لقانون معروف إن الحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها.
- لا يمكن أن تدرك الحركة و أنت تتحرك معها في الفلك نفسه، وإنما لا بد لك من عتبة خارجية تقف عليها لترصدها، ولهذا تأتي عليك لحظة وأنت في أسانسير متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو واقف أم متحرك.
- ليعد كل منا إلى قلبه في ساعة خلوة وليسأل قلبه، وسوف يدله قلبه على كل شيء، فقد أودع الله في قلوبنا تلك البوصلة التي لا تخطئ والتي اسمها الفطرة والبداهة.
- النظرة الضيقة المحدودة التي تتصور أن الدنيا كل شيء هي التي تؤدي إلى ضلال الفكر، وهي التي تؤدي إلى الحيرة أمام العذاب والشر والألم.
مشهد مذهلا
- خطر لي ذات مساء أن أقوم ببحث في سراديب ذاكرتي، فأرصد في ورقة كل ما أحفظه من أرقام؛ رقم الباسبور، ورقم العربة، ورقم الشقة، ورقم البطاقة العائلية، وتليفونات من أعرف من الأصدقاء والزملاء، وتليفونات المصالح والجرائد، وأرقام جدول الضرب التي أحفظها غيبًا، وعمليات الجمع والطرح والقسمة الأولية التي أعرفها بالبداهة، وتواريخ ميلادي وميلاد أولادي، وثوابت الرياضة والطبيعة مثل النسبة التقريبية وسرعة الضوء وسرعة الصوت ومجموع زوايا المثلث ودرجة غليان الماء، وما تعلمته في كلية الطب عن نسبة سكر الدم وعدد الكريات الحمراء وعدد الكريات البيضاء وحجم الدم وسرعة النبض وسرعة التنفس وجرعات العقاقير، وفي لحظات تجمعت تحت يدي عدة صفحات من مئات الأرقام، تداعت في ذهني ولمعت كالبرق وكأني حاسب إلكتروني، وكان المشهد مذهلًا، كيف أحفظ هذا الكم الهائل من الأعداد، كل عدد يبلغ طوله ستة أو سبعة أرقام؟ وأين تختفي هذه الأرقام في تلافيف المخ؟ وكيف يتم استدعاؤها فتلمع في الوعي كالبرق الخاطف؟ وبأي أسلوب تصطف هذه الأرقام في أعداد متمايزة، كل عدد له مذكرة تفسيرية ملحقة به تشرح دلالته ومعناه؟ وكيف تتراكم المئات والمئات من هذه الأرقام في ذاكرتنا ولا تختلط ولا يطمس بعضها بعضًا؟
ثنائية ينفرد بها الإنسان
- من الواقع المشاهد من خضوع الجسم للقوانين الفسيولوجية، يستنتج المفكر المادي أن الإنسان والإنسانية بأسرها مغلولة في القوانين المادية، وهكذا يجعل من الإنسان كتلة مادية أشبه بكتلة القمر محكومة في دورانه حول الأرض والشمس بالحتميات الفلكية، وينسى أن الإنسان يعيش في مستويين، مستوى الزمن الخارجي الموضوعي المادي، زمن الساعة، وفي هذا الزمن يرتبط بالمواعيد والضرورات الاجتماعية ويعيش في أَسر القوانين والحتميات. ومستوى زمنه الخاص الداخلي، زمن الشعور وزمن الحلم، وفي هذا المستوى يعيش حياة حرة بالفعل، فيفكر ويحلم ويبتكر ويخترع ويقف من كل المجتمع والتاريخ موقف الثورة، بل يستطيع أن ينقل هذه الثورة الداخلية إلى فعل خارجي فيقلب المجتمع ويغير التاريخ من أساسه، كما حدث في كل الثورات التقدمية. هذه الثنائية هي صفة ينفرد بها الإنسان، وهذه الحياة الداخلية الحرة يختص بها الإنسان دون الجماد.
تربية الله لنا
- المثقفون لهم اعتراض تقليدي على مسألة البعث والعقاب، فهم يقولون: كيف يعذبنا الله والله محبة؟ وينسى الواحد منهم أنه قد يحب ابنه كل الحب ومع ذلك يعاقبه بالضرب والحرمان من المصروف والتأديب والتعنيف، وكلما ازداد حبه لابنه كلما ازداد اهتمامه بتأديبه، ولو أنه تهاون في تربيته لاتّهمه الناس في حبه لابنه، ولقالوا عنه إنه أب مهمل لا يرعى أبناءه الرعاية الكافية، فما بال الرب وهو المربي الأعظم؟وكلمة الرب مشتقة من التربية.
رابط تحميل كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان دكتور مصطفى محمود بصيغة PDF
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا