النظام الاجتماعي لمكة قبل الإسلام
التشريح الاجتماعي لمكة قبل الإسلام .. الطبقات الاجتماعية وإزاي مكة كانت بتدار وليه هي مدينة مهمة
مكة يا سيدي في الزمن ده كانت مدينة استراتيجية لوجيستية تجارية ضخمة بمعايير الزمن وقتها.
أهم مركز لتجمع الناس كلهم من شبة الجزيرة العربية وما حولها، مدينة للشوبينج بمعنى أصح، عارف دبي؟ حاجة زي دبي كده اليومين دول.
اللي هو بيروحلها سياح بالمعنى الحديث، وكمان بيسافر لها تجار يبيعوا بضايعهم في المواسم المعروفة.
اللي خلاها مركز تجاري ضخم هو الشعيرة الدينية المتوارثة من الدين الحنيف، الكعبة، اللي كانت بتتوسط طريق حج طويل للعرب في الجزيرة اللي كانت بتضم الخليج كله لحد البحرين وعمان.
في منطقة زي شبه الجزيرة العربية، اللي بتتوسط إمبراطوريات ضخمة زي الفرس والروم ما بين مصر والشام والعراق، وصولًا لإيران وقصورهم ومصادر دخلهم المختلفة، زي الزراعة والقمح والفن، إلخ.
كان الاقتصاد الكلي في منطقة لا تقع تحت ظل الإمبراطوريات دي قايم على التجارة والسياحة، كمصدر دخل أساسي للي ساكنين هناك.
صافي الربح بيروح للي يقدر يسيطر ويعمل نظام ويدير المكان صح، وده اللي حصل مثلًا في اتفاقية مهمة زي إيلاف قريش.
الاتفاقية التي غيرت خريطة المنطقة وتاريخ العرب
اتفاقية إيلاف قريش دي اللي غيرت خريطة العرب تمامًا بعدها، عشان تفهم حجم مكة تجاريًا واقتصاديًا قارنها بدبي أو بباريس اليومين دول.
لك أن تعرف أن سوق التجارة في مكة كان بيستورد بضايع من كل حتة في العالم، بيزنطة والهند وآسيا وغيره.
سوق حقيقي ملموس ومركز للباحثين عن شغل، ومكة واقعة في حتة متوسطة كل الإمبراطوريات في الشرق.
يعني مثلًا، الجنوب مملكة حمير والتدخل الحبشي وقت ما كانت أكسوم، الشمال مملكة الحيرة في العراق ودي تابعة للفرس، ومملكة الغساسنة في الشام التابعة للبيزنطيين، ووسط كل ده مكة وما حولها مش تابعة لحد.
منطقة خارجة عن تدخل كل الممالك دي، من الآخر يعني فيها شوية حرية للتجارة من غير فرض ضرايب مثلًا أو تدخل من سلطة، والمشكلة كانت إن طرق التجارة بين الدول دي مش مفتوح عشان الحروب اللي قايمة فيها.
أكبر اتفاق تجاري عربي قبل الإسلام
هاشم بن عبد مناف اللي هو جد الهاشميين، دا اللي قدر إنه يحول مكة من سوق محلي إلى سوق عالمي، ويحول مكة من شوية محلات لمركز تجارة عالمي ويعمل الإيلاف، جاية من يؤلف أو الألفة، يعني يوفق ده مع ده، طب إزاي؟
مكة مش مدينة منتجة، معندهاش إنتاج يعني وزراعة وصناعة، لكن عندها حاجة مهمة وهي الموقع العظيم، طيب مدام ده اللي في إيدينا نعمل إيه؟ نخليها نقطة التقاء التجارة في العالم حوالينا.
حلو، هاشم كان تاجر شاطر ومتحدث شاطر، وكان معتاد التجارة في الشام وغزة، لحد ما القيصر سمع عنه وطلب يقابله وقدر إنه ياخد منه اتفاق بفتح الأسواق الشامية لمكة والعكس.
في المقابل تصريح من القيصر نفسه إن التجار المكيين يتاجروا ويمشوا في شوارع الشام براحتهم، والجمارك اللي عليهم تخف، وقدام ده هاشم هيأمّن طريق التجار الشوام من وإلى مكة بعيدًا عن الجرايم اللي بتحصل والحروب، إلخ.
وفاة هاشم بن عبد مناف وتولي إخوته
خد الاتفاقية دي من هنا، وعدى على كل القبايل اللي في الطريق بين الشام ومكة، وعمل معاهم اتفاقية تانية.
إن القبايل دي تحمي القوافل اللي جاية من الشام بنفسها وتأمن طريقها، في مقابل إن البضايع اللي عند القبايل دي يدوها للقوافل اللي رايحة تتاجر يتاجروا فيها معاهم، وهما راجعين يدوهم فلوسها وصافي الربح كامل.
بكده قدر هاشم إنه يفتح سوق عالمي جديد مع الشام، وصل فيه الأمر إن البيزنطيين نفسهم كانوا بيسافروا يتاجروا بنفسهم مقابل ضريبة العشر للقبائل في مكة، مكسب لبيزنطة وللمكيين.
بعد هاشم ما مات، إخواته عبد شمس ونوفل والمطلب جد الرسول سافروا لباقي الممالك –الحيرة والحبشة وفارس– وقدروا ياخدوا منهم اتفاقية شبيهة باتفاقية أخوهم بالظبط، تأمين وتجارة وسوق.
اقرأ أيضاً:
“الورق السمرقندي وأهميته في الحضارة الإسلامية”
اتفاقية إيلاف قريش ورحلة الشتاء والصيف
في عهدهم بدأ تنفيذ الإيلاف أو الاتفاقية دي، وفي المقابل كانت مكة بتتاجر عالميًا في رحلتين، رحلة الشتاء والصيف، الصيف قافلة فيها فوق الـ2500 جمل محملين بضايع للشام.
الشتا قافلة تانية لليمن زيها، وتحولت مكة من وقتها لمدينة ليها مكانة اقتصادية واجتماعية كبيرة وسط كل الممالك دي.
إنت هنا بتتكلم في صحوة اقتصادية حولت مكة من شوية قبايل متناحرة لمدينة مهمة عالميًا فيها نظام تجاري ميخرش المية.
فيها تداول لكل عملات الممالك اللي حواليهم، وأغنياء عندهم ملايين وتجار معمولهم ألف حساب.
طبقات المجتمع العربي قبل الإسلام
في الصحوة دي، تغير النظام الاجتماعي في مكة بعد تحولها من مدينة في الصحراء لمركز الشوبينج في العالم كله، وعليه تغيرت النظم الاجتماعية، واتقسمت مكة لطبقات اجتماعية زي أي دولة أو مدينة في العالم.
طبقة الأسياد
أولًا طبقة الأسياد، وهي اللي فيها كبار التجار، ودول في الغالب اللي بيكونوا أصحاب عشيرة ضخمة أو عيلة كبيرة ونسبها كبير.
يعني قبيلة كبيرة قادرة تحمي نفسها كلها أغنياء وأصحاب مشورة، السلطويين المحتكرين للتجارة العالمية أو رجال الأعمال الكبار.
دول كانوا الحكام الفعليين لمكة، ببساطة لتحكمهم في سوق التجارة الضخم ده، وفيه منهم الحاكم والمدير والسفير والوزير.
طبقة الأحرار
ثانيًا طبقة الأحرار، ودول اللي معندهومش عيلة كبيرة ومش من الأعيان، بس أحرار، ضعاف يعني.
دول بيخضعوا لحكم الأغنياء والأسياد وملهومش مشورة أو كلمة، ناس عادية يعني من العامة زيي وزيك.
طبقة الأحلاف ودول الوافدين
ثالثًا الأحلاف ودول الوافدين، اللي قاعدين في مكة من بلاد تانية أو سايبين قبيلتهم ملهومش ضهر، زي المغتربين كده، نظام الكفالة السعودي لو تعرفه اللي هو جي على كفيل.
كانوا بيقولوا فلان مولى فلان وكفيل بحمايته، ودول أقل طبقة من الأحرار.
طبقة العبيد
أخيرًا العبيد، ودول اللي لما حال مكة تغير وبقى فيها طبقات اجتماعية جابوهم عشان يخدموهم، لكن ملهومش حقوق ولا كلمة وآخرهم ينضفوا زريبة ولا يكنسوا خيمة، وشكرًا.
ده كان شكل مكة قبل الإسلام، مدينة تجارية عالمية فيها سياح ووافدين وعمال من كل الأديان والأجناس.
فيها رجال أعمال أصحاب تجارة بيحكموا وليهم الكلمة والمشورة، وتجارتهم شغالة ومحتكرين الأسواق وأصحاب ممتلكات وأعيان وفلوس.
تحتيهم ناس عادية وتجار صغيرين وتجار عملة، وتحتيهم وافدين، وتحتيهم عبيد.
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا