مقالات

حسام نائم في دنيا ويستيقظ في أخرى! ماذا حدث في المنتصف؟

استيقظ حسام من نومه فتطلع في حجرته… إنها ليست هي. كل شيء فيها مختلف! ما تلك الشاشة الغريبة؟

وما هذا السرير الأشبه بالهلام؟

كل الموجودات بالغرفة غريبة لا يعرف ماهيتها، أحس حسام بثقل في جفنيه، وإذا بباب الغرفة يفتح ويدخل عليه شخص -ملامحه غريبة إلى حد ما فرأسه ضخم وجسده نحيل- ويقترب منه قائلا :لا تخف! لقد استيقظت من غيبوبة طويلة جدا.

هنا سأله حسام من أنت؟ وأين أنا؟ وما تلك الغيبوبة التي تحدثني عنها؟

فأجابه هذا الشخص أنا دكتور تاوي وأنت في المشفى أما عن الغيبوبة فأنت منذ ثلاثمائة عام وأنت في غيبوبة نتيجة حادث وقع لك في  عام 2017 وكاد يودي بحياتك وكل أجهزتك الحيوية كانت سليمة، لكنك في غيبوبة منذ تلك اللحظة وها أنت تستعيد وعيك. إنك في المستقبل سيد حسام .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ذهل حسام مما سمعه، أين عائلتي؟ أريد أن أرى زوجتي أريد أن أرى أبنائي، أين محمد ويوسف؟

هنا يتدخل تاوي: اهدأ أستاذ حسام أنت الآن في عام 2318م وكل الأشخاص الذين تسأل عنهم أموات أنت إنسان محظوظ؛ لأنك الآن تعيش في المستقبل حيث التقدم، حيث لا يوجد حروب، لا يوجد فتن طائفية لا مجاعات ولا انقسامات إثنية، أنت في عالم الأحلام، أنت في الجمهورية التي حلم بها أفلاطون، أنت في يوتوبيا توماس مور، أنت في المدينة الفاضلة التي داعبت أحلام الفارابي .

طعام مختلف

ودخلت عليهما فتاة هي أشبه بالفتاة حيث لا يميزها عن تاوي سوى شعرها المنسدل على كتفيها وهيئتها كهيئة تاوي، رأسها أيضا ضخم وجسدها نحيل جدا، ما لفت نظره أيضا تلك الملابس الأرجوانية وكانت تحمل شيئا شفافا به ما يشبه الفاكهة فأخذه منها تاوي وقال لحسام: كل؛ إن جسدك بحاجة إلى الفيتامينات.

أريد لحما أكله. قال حسام، فأجابه تاوي: لا وجود للحم نحن نصنع غذاءً مخلقًا بيولوجيا، لا وجود للحم هنا في مدينتا، كل تلك الفاكهة بها ما يحتاجه جسدك.

فتناول حسام إحدى تلك الفاكهة وكانت لها مذاق كاللحم وتناول أخرى فإذا لها طعم أشبه بالفاصوليا وأخرى أشبه بطعم الكريز، كل الطعام كان شهيا.

بعدما تناول حسام غذاءه سأله تاوي أتريد أن تتجول في المدينة قال له حسام أتمنى ذلك، فأخذه تاوي للخارج، وجد حسام سيارات لا تسير بكاوتش بل تسبح فوق الأرض ووجد الناس تسير بانتظام في ممرات زجاجية.

لا يوجد رجال شرطة، لا يوجد زحام، لا دخان، بل كل شيء منتظم. السيارات الطوافة على الهواء لها ممرات خاصة بها والأفراد يمشون في ممرات ذات لون أزرق جميل، الكل يبدو عليه السعادة.

ما الذي حدث ؟ حسام يسأل

هنا سأل حسام تاوي كيف وصل العالم إلى تلك الحضارة المتقدمة؟ فأجابه تاوي: أن العالم دخل في حروب مدمرة، فكان الدمار باستخدام القنبلة الهيدروجينية فأفنى معظم السكان وكان الأمر أشبه بطوفان نوح وكأن بني قومك قد تحسبوا لمثل تلك الأمور فتم جمع فئات تم انتقاؤها بعناية من أصحاب العلم والحكمة وتم جمع بعض من أنواع النباتات وكل ذلك في طوافات تم بناؤها تحسبا لأمور قد تنبأ بها كطوفان أو اصطدام بجرم سماوي.

ومرت تلك الطوافات بسلام على الرغم من تدمير بعضها ومن حسن حظك أن جسدك كان في مكان نجا من هذا الدمار بأعجوبة، لا نعرف كيف حدثت لتنجيك من هذا الدمار وكأنها تريد أن تكون أنت المختار لترى عجائب الزمان.

المحبة والسلام

ونحن نتاج ثلاثة قرون من هذا الجيل الذي أفاق من صدمة الحروب وقرر تدشين دولة تقوم على المحبة والسلام، وكانت من الصعوبة بمكان حيث الحياة الجديدة، فتم عمل هيئة من الحكماء وتقسيم للمهمات كل فرد يعلم دوره وكل من يحيد على الطريق المرسوم له يتم وسمه بعلامة على وجهه لا تمحى أبدا، تلك العلامة هي بمعنى منبوذ، وعلى مر الأجيال ورث جيل وراء جيل بغض الحروب وحب السلام والحكمة، وتم تربية تلك الأجيال على معنى العلم والحكمة وبغض الشهوات المنحرفة التي تهلك وتدمر وتثير الضغائن والحسد بين الأفراد.

فعلى مر تاريخكم البائد كل الحروب التي خاضها طغاتكم لم تأتِ إلا بالهلاك؛ فحضارة أمريكا البائدة قامت على قتل ملايين من الهنود وها هي حضارتهم أصابها الهلاك بتدمير القنابل الهيدروجينية التي أتت على كل من في الأرض؛ فالخراب لا يأتي إلا بخراب.

سأل حسام تاوي وكيف هي المحاكم عندكم؟ فأجابه لا محاكم فالكل يعرف ما له وما عليه، إن أذنب أحدهم فتلقائيا يتم خصم كافة المميزات من تعليم ومسكن وتكاليف علاج، يتم الخصم من رصيده فيصبح فقيرا معدما لا مكان له في تلك الأرض مما يعني فناءه؛ لذا لا تجد من يرتكب جرما إلا ويعلم أن العقاب فوري نتيجة هذا الجرم.

أنت من المحظوظين الذين عاصروا الهلاك وها أنت تعايش الرخاء وتتنفس معنى السعادة فهنيئا لك العيش والحياة في مدينة الحكماء حيث لا حروب، لا فقر، لا فتن، أنت تعيش في جنة السماء على أرض الفضلاء.

ما هي المدينة الفاضلة؟

فمدينة الفضلاء يمكن أن تكون؛ وذلك بتنقية النفوس من كل غل وحقد وحسد، فحب الخير للغير هو السبيل نحو السعادة، عندما أحب الخير للآخرين كما أحبه لنفسي فتلك السعادة وتلك هي المدينة الفاضلة، وذلك كله يمكن تحقيقه بأن نثق في قدراتنا وأن نعود لفطرتنا التي جبلنا عليها من نشر السعادة على مجتمعاتنا، وهذا لا يعني إلغاء الذاتية، بل حب الخير لأنفسنا والآخرين فليس معنى تمني زوال الجمال والسعادة من الآخرين أن هذا سوف يشفي الصدور!

بل العكس صحيح. جرب أن تفعل خيرًا لأحد أو أن تدخل السعادة على قلب طفل أو شخص فقير، أؤكد لك أنك ستجد السعادة التي أعطيتها للغير. ستجدها في نفسك أضعافًا مضاعفة، انشر القيم الجميلة داخل محيطك الجواني ومن ثمَّ خارجه، انشر الأمل والمعرفة، انشر الجمال داخل نفسك وداخل الآخرين.

فكل منا يمكن أن يحقق مدينة الفضلاء داخل نفسه، داخل بيته، داخل مجتمعه، فهيا بنا نشيد قواعدها، هيا بنا نؤسس مبادئها، هيا بنا إلى مدينة الفضلاء.

اقرأ أيضا:

محمد صلاح والبحث عن الذات .. السعي والتركيز على الهدف وتحديد الطريق

خلود جلجامش في عصر العولمة.. لنا في روايات السابقين عبرة

المعاناة والألم … هل من سبيل للخلاص من المعاناة ؟ ولماذا نعاني من الأساس ؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

محمد سليم

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية