مقالاتقضايا وجودية - مقالات

متى نتوقف عن التفكير؟ هل عندما نصل إلى جميع احتياجاتنا من غذاء ومسكن؟!

فى قصة مأثورة، وصل أحد المستكشفين إلى الإسكيمو و بينما هو هناك سأل أحد السكان: “بماذا تفكر؟”، فرد عليه: “لا حاجة في التفكير، فلدى ما يكفينى من الطعام.
فكما تثبت الإحصائيات ارتفاع معدل الانتحار فى دول لا تجد شعوبها أى مشكلات أو تحديات فى الحصول على احتياجاتها الأساسية كالمأكل و المشرب و الشعور بالأمان، و مثال على هذا نيوزلندا و الدول الإسكندنافية. و لكن هذه الروايات و الحقائق تدعو الى التساؤل: هل فعلًا الانسان لا يحتاج إلى التفكير إلا فى حالة مواجهته لتحديات فى الحصول على مثل هذه الاحتياجات؟ و هل تصل إلى درجة الرغبة فى إنهاء الفرد لحياته؟! هل يتوقف العقل الإنساني عند هذا الحد؟

حاجات متعددة

عندما يشعر الإنسان بالاحتياج إلى أشياء معينة، هذا الاحتياج يؤثر في سلوكه، فالحاجات غير المشبعة تسبب توترًا لدى الفرد فيسعى للبحث عن إشباع هذه الاحتياجات. و قد قسّم عالم النفس الأمريكى إبرهام مازلو الحاجات فى شكل هرمي إلى حاجات أساسية غرائزية تقبع فى قاعدة الهرم، ثم حاجات الأمان، و الحاجات الاجتماعية، و الحاجة للتقدير، ثم تأتى الحاجة لتحقيق الذات فى قمة هرم الحاجات.

الحاجات الإنسانية تلعب دورًا كبيرًا فى التفكير البشري، و كلما ابتعدت الحاجة عن الغرائزية، كلما كان التفكير فيها أكثر عمقاً و إبداعاً. فعلى سبيل المثال، يمكن للمرء أن يفكر فى كيف سيوفر مأكل يومه هذا، و حينها  يكون تفكيره غرائزيا يتوافق فيه الإنسان مع الحيوان، و لكن إذا سعى الإنسان لإيجاد طريقة بحيث يصطاد ليوفر غذاءه لمدة شهر ثم يقوم بإدارة مخزونه الغذائى فهذا مستوى آخر من التفكير، و هكذا يستمر الإنسان فى الارتقاء بعقليته.

الدهشة أساس التفكر

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تُعرّف الدهشة عموما على أنها مفاجأة يسبّبها شئ خارق، غير عادى، و غير منتظر أمام العقل الإنسانى. هذه الدهشة هى التى تدفعك إلى التفكر فى تلك الأشياء أو الظواهر و البدء فى وضع تفاسير لها، و كلما زادت الأشياء التى تثير دهشتك – حتى أبسط الاشياء – كلما كنت أكثر تفلسفًا، و كلما كنت أكثر تفلسفًا كنت أكثر إبداعا، فالمفكر المبدع هو الذى يرى الأشياء العادية من حوله على أنها غير عادية، فيتساءل لماذا تغطس الشمس فى الماء كل يوم؟ (كما تساءل فلاسفة العصور القديمة) أو لماذا وقعت التفاحة من على الشجرة؟ (كما تساءل نيوتن).

بين الخيال و الشك

تكلم عالم الفلك الأمريكى كارل ساجان عن أن أحد أسباب سعي الإنسان إلى التفكير و الحصول على معارف جديدة هو دافع الفضول و حب الاستكشاف – و هما دافعان لم يذكرهما مازلو – كما وضع عاملين أساسيين يقودان الإنسان نحو اكتشافات جديدة، و هما الخيال و الشك. فالخيال يحملنا إلى عوالم لم تكن موجودة قط، فهو يعمل كوقود للفضول يشوقك إلى المجهول. أما الشك فيعمل وظيفة الكابح لجماح الخيال حيث يمكّننا من التمييز بين الزيف أو الوهم، و الحقيقة، و ذلك من خلال دفعنا إلى اختبار أفكارنا و قياس مدى صحتها.

لا حدود للمعرفة

كثير من اعتقاداتك اليقينية السابقة كانت مجرد استسلام للواقع، و إجاباتك كانت مجرد بحث فى أفكارك. التفكير و السعى وراء المعرفة لا ينتهى أبدا، ولا يوجد شخص يقول لقد انتهت رحلتى المعرفية ثم يحطّ الرحال و يستريح. هل تعتقد أنك وصلت فعلاً؟ أراهن على أنك بدأت للتو. بعض الناس يرتاب من الشك، و آخرون كتبوا عن رحلتهم من الشك إلى اليقين، لكن فى رأيي الخاص هم لم يدركوا أن الشك – كأداة للوصول إلى الحقائق – هو منهجية للتفكير، و بالتالى التفكير رحلة مستمرة لا تنتهى إلا بموتك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

.

أحمد سعد

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية