مقالات

متأكد نظريًا (اليقين )

اليقين هو رأس الفضائل النفسية، أن تكون قيمة الأمور لدينا لا بمآلاتها الملموسة، ولكن باليقين الكامن فيها وفي جمال ما تضفيه على نفوسنا من معانٍ.

أن نعرف أنفسنا ونفهم احتياجاتنا، فنفهم النقص الكامن فينا، فنسعى دومًا للارتباط بمصدر الكمال والنعم.

نعرف أن الإنسان لا يستطيع أن يحيا من غير أن يتشبث بفكرة مطلقة يسعى لأجلها، فكرة سليمة قوية تمده بيقين راسخ، لا يتقلب بتقلبات الأيام.

ومعرفة أن الخالق قد أبى إلا أن تجري الأمور بأسبابها، فنسعى فيما نحتاج خلف كل الأسباب، ونعلم أن النتائج ليست من شغلنا، وبداخلنا اليقين الكامل أن النتيجة ليست فقط فيما نراه ونلمسه، وأن عقلنا خارج الأمور الكلية وفي هذه التفاصيل الحياتية، غير قادر على إدراك ما هي النتيجة التى تأتي بالخير الحقيقي.

هذا اليقين هو رمز للوعي، ومصدر للرضا والسعادة، فالمفترض أنه متى ازدهرت النفس باليقين انفتحت لها كل الآفاق المعرفية؛ حيث أصبحت ترى الأشياء بوضوح، تشعر بالاطمئنان وتبتعد عن القلق والاضطراب، تصبر للنوازل وتحزن الحزن الذى يدفعها للأمام لا لليأس والإحباط، بهذا اليقين يقوى القلب ويستطيع مواجهة المخاوف والأوهام.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

نعم لقد قرأنا كثيرًا عن هذا اليقين، سعينا خلف الكتب بنهم وشوق، سعينا للمعرفة حتى تكون سلاحنا، والآن صرنا قادرين على مواجهة أي شئ.

اندفعنا للتغيير على الصعيدين الخاص والعام، تمنينا وحلمنا وأملنا، ولكن هل زرعنا اليقين فى قلوبنا بالفعل، هل ترسخت جذور هذه المعرفة في العقل والقلب؟

لم نستطع التغيير، لم يتحقق ما حلمنا به، زلزلتنا النوازل، انهارت الأماني الخاصة والعامة، حاجز فى أعماقنا يقف بين قلوبنا وبين الرضا واليقين، حاجز لا يزول بيقين مبتور.

أين الاطمئنان، أين اليقين الذى لا يتقلب بتقلبات الأحوال، أين أثر المعرفة في نفوسنا، هل المعرفة لا تؤتي أُكلها؟!

لا رضا ولا اطمئنان تلقائي دون تصنع، لم تحدث المعجزات ولم نذق جمال وحلاوة اليقين والثبات.

لا ليس كما قالوا ولا كما عرفنا، مع النوازل انكشف خواء النفس وانكشف ما فى القلب من خراب، فوجدناه صحراء قاحلة، لم نجد زادًا مما مضى.

يوماً بعد يوم وقد ضل عنا كل شئ وكل شخص، يوماً بعد يوم والدنيا تصرعنا والأحداث تشقينا.

لا لم نتعهد نفوسنا ولم نرع قلوبنا، لم نتجهز للنوازل، لم نتعهد نفوسنا في الرخاء حتى لا تخذلنا فى الشدة، لم نعط اليقين الذى وهبته لنا المعرفة حقه ولم نروه، لم نخزن زادًا من عبادات القلب والبدن حتى نجده في الشدة.

بين الرضا والجزع، بين اليأس والأمل، جهاد طويل وتربية لنفوسنا، حتى نفهم أن الاطمئنان باعثه هو قوة القلب واليقين، لا كثرة المعرفة فحسب.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

 

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة