مات فيها ٦٠ مليون إنسان
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين (أي منذ نحو ١٥٠ سنة) انتشرت في أوروبا ومن ورائها العالم ما يسمى الفلسفات الوجودية، والتي تطورت إلى الفلسفات العدمية، هذه الفلسفات لها منظرون كثيرون أشهرهم طبعا الفيلسوف الألماني نيتشه، وهذه الفلسفات هي التي تعتمد عليها العلمانية والقومية.
الفلسفات الوجودية
هذه الفلسفات تعتمد على فكرة أساسية؛ أن كل شيء متغير، وكل شيء نسبي، البشر يتغير مع الوقت، الناس، الشجر، كل شيء، وبالتالي فلا يوجد شيء ثابت اسمه حق، وبالتالي فالأديان والكتب السماوية والأخلاق تتغير من عصر إلى عصر، فقواعد الدين والأخلاق القديمة لا يجب أن نلتزم بها في العصر الحديث.
الفكرة الثانية أن البشر مثل ترس في ماكينة كبيرة، أو نقط مياه في نهر، النقطة لا تهم، المهم النهر الذي يجري، وهذا ما قدم لنا الفكر الشيوعي والاشتراكي، وأن الشعب والبشر في خدمة صنم اسمه الدولة!
الفكرة الثالثة هي أن الهدف هو القوة والسلطان، الهدف هو الإرادة والقوة، ليس السعادة ولا الرضا ولا الجنة ولا حتى الطعام والجنس! الإنسان يجوع من أجل تحقيق القوة وفرض الإرادة، أصبحت القوة صنم يتم تمجيده وعبادته، وهو ما صنع العنصرية النازية والفاشية و القومية، لذلك كانت ألمانيا النازية تعتبر نيتشه هو أعظم فلاسفتها.
هذه الفلسفات هي ما بدأت معه الحضارة الغربية في التراجع، هي عدو للأديان والأخلاق، وهذا ما يستعمله العلمانيون والحداثيون حتى اليوم من شعارات، أن النص القرآني يناسب أجيالا منذ ١٤ قرنا وليس اليوم، أن نجدد الإسلام كي يناسب ما يريده الغرب وأوروبا! أن نغير قواعد الأخلاق والدين كي تناسب مزاج الحكومات وجمعيات الشواذ والجمعيات النسوية، أن المصلحة هي المرجع، وليس الأخلاق والدين!
وهذه الفلسفات هي التي صنعت أفظع حروب وكوارث التاريخ، الحرب العالمية الثانية؛ كانت حربا بين قوميات ولم تكن بين أديان، مات فيها ٦٠ مليون إنسان! وتم تدمير كل أوروبا، بالإضافة إلى حروب أخرى كثيرة.
الفلسفة الإسلامية
لكن ماذا تقدم لنا الفلسفة الإسلامية؟ ما البديل؟ الكون يتغير، نحن نتغير، أنا اليوم أختلف عن خالد عمارة منذ ١٠ سنوات، ومنذ سنة، لكن هناك فارقا بين أنني أختلف وأنني شخص آخر _وهذا ما يدعيه الوجوديون_ وبين أنني أتطور مع الوقت، مثل الأشجار.. كلما مر الوقت ازدادت طبقات إلى جذع الشجرة، وخبرات، لكنها لا تنفي ولا تمسح القديم، هذا في الإسلام، أما الوجوديون والعلمانيون فيفترضون أن الشجرة تموت كل يوم ويحل محلها شجرة جديدة، وبالتالي فالتراث يكون عدوا في نظرهم!
في الإسلام محور الحياة ليس القوة والصراع، لكن نشر المعروف والحق والخير، ثوابت واضحة تتبعها كي لا تتوه وتضل في طرقات الحياة، بينما العلمانيون يعتبرون الشهوات تتغير ونغير معها القواعد، فنقتل لو كانت مصلحتنا القتل، نزور وننهب لو كانت مصلحتنا النهب والتزوير، ومع كل مصلحة نصدر قانونا لها لتصبح المصلحة قانونية! دولة القانون، والقانون الدولي، وتوصيات المحافل الدولية، إلخ من القواعد التي يفرضها القوي ليسرق بها الضعيف!
في الإسلام الدولة تخدم الفرد والإنسان وليس العكس، ويحافظ على استقلال الناس عن الدولة مؤسسات الأوقاف الإسلامية التي لا تتحكم فيها الحكومات. فلسفة وفكر الإسلام فيه إنقاذ هذه البشرية من بلاء أصابها خلال الثلاثة قرون الأخيرة.
اقرأ أيضاً:
براديغما المجتمعات في عالم اليوم
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا