مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

ليه الناس مش بتفهمني صح؟ تصحيح المفاهيم بداية لرؤية سليمة

مين فينا ما قالش لنفسه كده؟ مشكلة حقيقية إننا منعرفش نعبر بشكل صحيح وواضح عن اللي جوانا، ومشكلة أكبر إننا نحس إن الناس مش فاهمانا، ومش عارفين نعمل حوار مع بعض! طيب نحلها إزاي المسألة دي؟

أول حاجة إننا نقف شوية مع نفسنا ونسأل: هو الخلل فين بالظبط؟ هي الناس مش بتفهمني عشان غبية ولا مش بتفهمني عشان أنا معرفتش أوصل المعلومة ولا عشان كلامي غلط وغير منطقي؟

طيب تعالى نحل الثلاث افتراضات دول:

أول افتراض: الناس غبية؛ عشان كده مش بيقدروا يفهموا كلامي!
وده نوع من النرجسية والعجب بالنفس، وده شيء غير صحي لأن الشخص اللي بيفكر بالشكل ده بيكون ظالم لنفسه بأنه أنزلها منزلة لا تستحقها، وظالم للناس لأنه حكم عليه بأنهم أدنى منه، وده علاجه المعرفي هو معرفة حقيقته، وهو أنه واحد من الناس اللي بيتهمهم بالغباء، ولم يرتقِ إلى سنخية مختلفة، ويعرف أنه مش مصدر العلم ولا مصدر المعرفة، وأن الجميع يستطيع التحصل على العلم اللي عنده وكمان يكونوا أفضل، فعدم التعالي في الخطاب أول درجات الحل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أما الافتراض الثاني: وهو إن الناس مش بيفهموني عشان معنديش القدرة على إيصال المعلومة، فممكن معالجة الأمر بأن أقوي حس الحوار والمناقشة بحضور كورسات في هذا الشأن، والاطلاع والقراءة وتعلم أساسيات المناقشة ولغة الجسد ومهارات التواصل، وبمعرفة الإمكانيات واستخدامها بشكل صحيح سوف نصل إن شاء الله تعالى إلى نتيجة مرضية من الأسلوب الشيق في طرح المواضيع.

ثم ننتقل إلى الافتراض الثالث: أن كلامنا قد يكون خطأ أو يحمل أكثر من معنى، وهذا الافتراض هو الأهم لأنه يهتم بالأصل، وهو المحتوى المراد توصيله أو إقناع الآخرين به.

وبما أن مناقشاتنا هي عبارة عن رفض أو تأييد لمفاهيم معينة فكان لا بد أن نوضح معنى المفهوم

المفهوم: هو عبارة عن فكرة مجردة تمثل الخصائص الأساسية للشيء الذي تمثله.

بمعنى أن المفهوم بيستخدم الذاتي في الشيء وليس العرض، وهنا بتحصل المشكلة لما بيحصل الخلط ما بين الذاتي والعرضي، فنلاقي نفسنا بنعرف الطبيب بأنه اللي بيلبس بالطو أبيض، مع إن في كتير من المهن أصحابها بيلبسوا بالطو أبيض، فلو عايزين نحل المشكلة هنقول الطبيب هو اللي بيعالج الناس، أو هو الشخص الذي يهتم بالأجسام من حيث الصحة والمرض.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مشكلة المفاهيم إنها ممكن تتاخد بأكتر من جهة، يعني العدل ليه ذاتي واحد وهو إعطاء كل ذي حق حقه، وليه أكثر من مصداق قد يتمثل في المساواة أو المنع أو العطاء، فمينفعش إننا نساوي بين الجزء وبين الكل، ونقول إن العدل هو العطاء أو هو المساواة.

فعلشان نعمل حوار صحيح إننا نعرف نفسنا كويس، ونتعرف على إمكانياتنا ونتعلم المهارات الخاصة بالتواصل زي الإنصات والتقبل للصواب، وبعد ذلك علينا تحرير المفاهيم بالسؤال (يعني إيه؟) و (تقصد إيه؟) والبحث عن حقيقة المفاهيم المطروحة لاستخراج الذاتي منها، وعلينا عند طرح المواضيع أن نراعي ثقافة المخاطب ونتحدث معه بما يفهم وليس بما نحن نفهمه نحن، وفي هذا قال الإمام علي “خاطبوا الناس على قدر عقولهم”.

 

اقرأ أيضاً:

لُب الزيتونة .. البحث عن السبب الجذري أفضل من معالجة الآثار الناتجة عنه

اضغط على الاعلان لو أعجبك

حرب بين عقله وقلبه.. هل من سبيل لحل الصراع ؟

الحقوق والواجبات داخل الأسرة وخارجها

مؤمن أحمد سيف

عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ أسيوط

مقالات ذات صلة