Nightcrawler – المتسلل ليلا، لويس مستعد لترك شخص ما يموت حتى يجمع المشاهدات!
لويس بلوم
“لويس بلوم” هو شاب عاطل يلجأ للسرقة كوسيلة للعيش، وفى نفس الوقت يحاول الحصول على وظيفة بربح مُرضى؛ ليرتقي بنفسه ويستغنى عن السرقة. وفى ليلة ما أثناء سيره بالسيارة يرى “بلوم” حادثا على الطريق، ويرى أن بعض المصورين يتسابقون لتصوير الحادث وبيعه للقنوات الفضائية؛ لبث الفيديو المصوَر للمشاهدين. يستفسر لويس عن طبيعة العمل من أحد المصورين ويشعر بأن هذا هو العمل الذى يريد أن يؤديه.
يبدأ “لويس” بشراء المعدات وخوض التجربة ويسعى جاهدًا لتطوير نفسه وقدراته للحصول على أفضل وأقرب شريط فيديو ممكن للحوادث، بل ويصبح “لويس” على استعداد لفعل أى شئ واستخدام أى وسيلة لتحقيق النجاح والمكسب المادى الذى يريده. قد يترك مصابًا دون مساعدة فقط لجعل الفيديو أكثر إثارة، قد يتسبب بقتل مُساعِده فقط؛ لأنه حاول مساومته على مبلغ كبير من المال، قد يُخفى أدلة الجرائم عن الشرطة، قد يخطط لمطاردة بين الشرطة والمجرمين فى مكان عام فقط؛ ليحصل على شريط فيديو ملئ بالقتلى وأصوات الرصاص وأكثر جذبًا للمشاهدة.
إعلام التلاعب بالعقول
إن الفيلم يُصور لنا نموذجًا للإعلام الذى يتلاعب بعقول الناس ويزرع بهم الخوف والوهم فقط للربح المادى.
إن الإعلام هو أحد أهم طرق تقديم المعرفة للناس؛ فوظيفة الإعلام هى توعية الجماهير ونشر الثقافة والوعى الفكري والقيم والأخلاقيات والسلوكيات السليمة التى تساهم فى تغيير وعى الفرد والمجتمع للأفضل، وتأخذ بأيديهم نحو الرقى والتقدم فى شتى المجالات.
والشخص الذى ارتضى لنفسه أن يتحمل مسئولية التأثير فى الناس سواءً كان عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة أو حتى عن طريق مخاطبة جمع من الناس بشكل مباشر أو عن طريق مواقع التواصل الإلكتروني؛ يُفترض به أن يكون على قدر كبير من المعرفة، ومن الإحاطة بواقع المجتمع وقضايا الحياة وأن يكون صاحب رؤية واضحة ودراية أعمق مقارنة بالآخرين، وقبل كل شئ أن يتحلى بجميل الأخلاق والقيم؛ فالأخلاق والمعايير ما يمنع الفرد من ارتكاب الخطأ، هى ما يجعل الشخص رقيبًا على نفسه، أما لو انعدمت الأخلاق وغابت القيمة الروحية وغلبت المادة؛ فلن يمنع الفرد عن ارتكاب الخطأ سوى خوفه من القانون والعقاب المادى، وإن استطاع التحايل على القانون فسيستبيح كل ما هو مُحرّم فقط لتحقيق المنفعة المادية ولإعلاء مصلحته.
المعرفة والأخلاق هما الضمان
إن الأخلاق والمعرفة السليمة هما الضمان لنبل الهدف، فوعى الجماهير والتأثير على عقولهم ليست صناعة أو تجارة للربح المادي، فإعلام المادة يحول عقولنا إلى عقول مستهلكة لما يَبثه لنا، عقول عاجزة عن الإنتاج، أَعجزها الخوف والوهم اللذان يبثهما لها مثل هذا الإعلام الذى يتعامل مع الجماهير بمنطق سِلعى، ويُوقعهم فى هستيريا المعلومات والأخبار التى تترنح معها الأفكار، ونقع فى خوف وبلبلة وتختلط كل المفاهيم.
فقد تبدلت الرؤى والمبادئ وأصبحت المادة هى الحاكم، ولذا كان لزامًا على الفرد أن يُحصّن عقله بالقدر اللازم من المعرفة الصحيحة، ويمتلك الميزان السليم الذى يكشف له صحيح الأفكار من سقيمها؛ فيكون عندها قادرًا أن يقبل الصواب ويرفض الخطأ ويُحصّن عقله وحياته من الأفكار الهدّامة.
إن الإعلام يفترض به أن يؤثر لا أن يُثير، يؤثر فينا بالوعى والمعرفة والأخلاق؛ لا أن يُثير لدينا المخاوف والأوهام ويدفعنا لطلب ما ليس له قيمة فى حياتنا؛ فالأصل فى الإعلام والنخب هو السعى والعمل لسعادة الفرد والمجتمع وبث روح التفاؤل بين الناس.
إن الكلمة لها قيمتها، قد تكون كلمة أحدهم هى مصدر الأفكار والتوجهات لبعض الناس؛ فإن تجردت الكلمة من الأخلاق والمعايير والمعرفة وتجردت عقول المتلقين من المعرفة وميزان التفكير السليم إذن لأصبح الأمر بالفعل صناعة ربحية وتجارة، تجارة الكلمة والأفكار والمبادئ وحتى تجارة العقول.
اقرأ أيضاً:
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب