لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم – كيف يؤدي بنا اللطف الزائد إلى السلوكيات الخاطئة؟ (الجزء الأول)
عنوان كتاب للمؤلف ديوك روبنسون يتحدث فيه المؤلف عن بعض المفاهيم الخاطئة التي من شأنها أن تؤثر في حياتنا بشكل سلبي سواءً بسلب طاقتنا فيما لا طائل منه أو عن طريق تحويل مسار النجاح الاجتماعي إلى ثقل على عاتقنا نتهرب منه أو نلزم أنفسنا بما لا نستطيع، فلا نصل لشيء.
ويتحدث أيضاَ الكاتب عن بعض السلوكيات الخاطئة التي نفعلها بحسن نية ولكن تكبدنا الكثير من الأخطاء والآلام سواءً بسبب رفضها من الآخرين أو لآثارها السيئة، ولكن للأسف تمر علينا كل هذه الممارسات تحت عباءة اللطف والنجاح الاجتماعي فنتبناه دون أن نشعر أننا مخطئون بل على العكس ففي الأغلب من يقومون بهذه الممارسات هم الأشخاص الذين يبحثون عن التغيير إلى الأفضل ولكنهم يستخدمون الوسائل الخاطئة.
هذا الكتاب هو دعوة لإعادة النظر في أفكارنا وسلوكياتنا وإعادة ترتيب أولوياتنا، ومن أجل تحقيق علاقات اجتماعية سليمة والابتعاد عن السلوكيات الخاطئة وتقوم على مبادئ صحيحة لا تضر بمصلحة أحد أطرافها من أجل الآخر بل يكون التعاون والحب هما أركانها.
ولأهمية هذا الكتاب قررنا مناقشة أفكاره عن طريق سلسلة من المقالات على أن يكون هذا المقال هو الأول منها.
يقول الكاتب:
تحاول دائما أن تفعل ما يتوقعه منك الآخرون، وتحرص على ألا تؤذي مشاعرهم، تسارع إلى مساعدة الأصدقاء والأقارب كلما احتاجوا إليك وتتفادى مضايقاتهم حتى لو أثاروا غضبك، إذن أنت شخص لطيف وتحب وتحرص على أن يصفك الناس هكذا.
ومع ذلك إذا أمعنت التفكير في سلوكياتك “اللطيفة” ستكتشف أنها في كثير من الأحيان سلوكيات “انهزامية” كأن تقول نعم حينما كان ينبغي أن تقول لا، أو تتظاهر بالهدوء عندما تكون غاضبا، أو تلجأ للكذب لأنك تخشى إيذاء مشاعر الآخرين، وقد تتحمل أعباء فوق طاقاتك حتى لا تحرج شخصا عزيزا عليك.
أي أنك في سبيل الحفاظ على التعامل مع الآخرين بلطف ترتكب العديد من السلوكيات الخاطئة التي قد تؤثر بطريقة سلبية على عملك وعلاقاتك الاجتماعية.
نحب أن نكون لطفاء لذلك نحاول إرضاء الجميع فنصنع لهم كل شيء يطلبونه وأكثر، ومع ذلك لا نستطيع كسب ثقتهم، لماذا؟
لأن محاولة إرضاء الجميع محاولة فاشلة وغير قابلة للتحقيق وذلك لاختلاف الناس في متطلباتهم وآرائهم ولضعف قابليتك على تلبية جميع الطلبات لمحدودية قدراتك. إذن كيف نكون لطفاء ولكن ليس أكثر من اللازم؟
ببساطة عن طريق تجنب الوقوع في التسعة أخطاء التالية:
1- محاولة أن تكون كاملاً، هل تحاول دائماً أن تظهر بمظهر الشخص الذي لا يخطئ سواء في عملك أو في علاقاتك الاجتماعية؟ هل تدقق في كل التفاصيل حتى ما لا يستحق منك التدقيق؟ هل تغضب حينما لا يفعل الناس كما تفعل هل تهتم بمظهرك إلى درجة تجعلك تقف أمام المرآة مدة طويلة؟
هل تخاف ارتداء الملابس نفسها لأكثر من يوم حتى لا تقلل من قيمتك الاجتماعية؟ هل تبتعد عن شراء بعض الأشياء التي تحبها -ولا مانع من شرائها- خوفا من اهتزاز صورتك أمام الناس؟ هل يتطلب منك إرسال خطاب تهنئة لصديق وقتاً طويلاً من التمحيص والتفكير بدلاً من كتابة كلمات بسيطة تعبر عن مشاعرك؟ هل تبالغ في تقديم الهدايا لأصدقائك بغرض التميز؟
إذا كنت تفعل هذا فللأسف أنت تجتهد لتكون كاملاً لتفي بالمعايير التي وضعها لك الآخرون كمحاولة اجتماعية لا شعورية منك لإرضاء نفسك عن طريق إرضاء الآخرين، بأن يتم الحديث عنك بالمدح ويتقرب إليك الجميع بالتودد فيتولد لديك شعور بالسعادة!
أرجوك توقف عن هذا؛ فأنت تشتري هذه الصداقة سواء بالمال أو بتقديم خدمات زائدة عن الحد الطبيعي، لا تجعل لطفك يزيد عن الحد المطلوب ولا تقع في خطأ النزعة إلى الكمال، واعترف بإنسانيتك واستبدل نظرتك بالظهور بالكمال إلى نظرة أخرى
وهي قانون الحب والذي يتضمن أن حب الآخرين لا يشترط فيه تقديم الخدمات أو الظهور بالكمال بل يكفي فيه الاحترام المتبادل وأن تنشأ العلاقات على أساس أخلاقي، فإذا أحسنت اختيار من تقيم معهم العلاقات الاجتماعية وأقمتها على أساس أخلاقي فأنت لست بحاجة إلى تحميل نفسك ما لا تحتمل.
نستكمل الحديث في المقالات القادمة…
اقرأ أيضا :
لا تتركوني وحيدا – التربية ودورها في إنشاء الطفل تنشئة سليمة وسوية
الشباب وكسر التابوه – هل الحركات الشبابية قادرة على التغيير في المجتمع ؟