كيف سيكون مستقبل الأرض بعد انتهاء الموارد الطبيعية؟ .. وما هو تعدين الفضاء؟
سنة 1979 صدر واحد من أشهر الأفلام في تاريخ هوليوود، اللي هو الجزء الأول من فيلم Mad Max، وفي وقتها الفيلم صور لينا مشهد قاسي وكابوسي عن شكل الحياة في المستقبل على الكوكب هتبقى عاملة إزاي، لما الطاقة والوقود ينتهوا من على الأرض، ويبقوا أكثر ندرة من أي شيء، وورانا شكل العالم لما يتحول لمكان صحراوي قاس، بتحكمه شريعة الغاب والبقاء للأقوى، وسط العصابات والقتلة.
أفلام آخرى جسدت المشهد
والواقع إن مش ده الفيلم الوحيد اللي عرض شكل ديستوبيا مخيف عن مصير الأرض بعد انتهاء مصادر الطاقة والموارد الطبيعية، لأ عندك فيلم Interstellar كمان تطرق لنفس المواضيع سنة 2014، وكمان فيلمThe Cloverfield Paradox سنة 2018 عرض بردو نفس الفكرة، كارثة انتهاء الطاقة والموارد اللي بتقرب من البشر في المستقبل، ولازم يلاقولها حل.
وطبعًا الناس كلها كانت بتتفرج على الأفلام دي، وتعتبرها مجرد خيال، بس الحقيقة إن انتهاء الموارد ومصادر الطاقة غير المتجددة ده مش مجرد حكايات وقصص أفلام، بل هيحصل بشكل مؤكد في المستقبل القريب كمان، فهل عمرك فكرت قبل كده في إيه اللي هيحصل لينا كبشر، لما الموارد الطبيعية الموجودة على كوكبنا تنتهي؟
لما المعادن والوقود والموارد الطبيعية اللي إحنا بنعتمد عليها في كل حاجة بقالنا عشرات السنين تخلص خالص؟ إيه اللي هيحصل؟ هنلاحق إزاي على التطور التكنولوجي، وإزاي هنحفظ العالم من الانهيار؟
الإجابة في الفضاء الغامض الجميل اللي إنت بتشوفه في كل حتة في السما ده، كوباية شايك الحلوة والنعناع في إيدك، وتعالى أحكيلك إزاي.
بص يا سيدي..
الامتلاك في الفضاء
الموضوع كله بدأ لما الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقع على حاجة اسمها (قانون الفضاء Space Law)، واللي تم قبوله من جانب مجلس الشعب الأمريكي أو الكونجرس، واللي بيدي للشركات الأمريكية الحق إنها تستغل حاجة اسمها (التعدين الفضائي Space Mining)، في إنها تحصل على الموارد الطبيعية، من الفضاء الخارجي، بحرية تامة!
بعبارة واضحة أكتر، القانون الأمريكي ده بيأكد على إن أي شركة أو فرد يمتلك التكنولوجيا الكافية لإنه ينقب عن الموارد والمعادن النادرة زي الدهب والزنك والبلاتنيوم والحديد والكوبالت والنيكل، على أي نيزك أو كوكب في الفضاء، فإنه رسميًا يقدر إنه يمتلك – ينقل – يستخدم – يبيع الموارد دي، ده رسميًا تحت حماية القانون الأمريكي نفسه،
وغير كده الموضوع ده أصلًا تم إشهاره من زمان، تحديدًا من سنة ١٩٦٧، لما الأمم المتحدة UN وقعت الاتفاقية العالمية للفضاء الخارجي International treaty of outer space، واللي نصت صراحةً على إنه من الممنوع والمحرم تحت القانون الدولي، إن أي دولة في العالم تعلن حقوق السيادة بتاعتها Sovereignty rights، على أي جسم أو كوكب أو جُرم في الفضاء الخارجي، لإن الفضاء الخارجي هو ملك للبشر جميعًا بلا تفرقة.
يعني إحنا كبشر، كل واحد فينا طلع يملك أي حاجة ممكن يتخيلها في الفضاء الخارجي، بشرط بس إنه يقدر يوصلها وينقب جواها ويستخرج ثرواتها.
شركات بدأت مشاريعها الكبرى في الفضاء
وطبعًا زي ما إنت متوقع، الموضوع ده خلى السباق بين الشركات الكبرى العالمية في مجال استكشاف الفضاء واستغلال الموارد اللي فيه يبدأ، خليني بس أقولك أمثلة على الشركات اللي بدأت بالفعل مشاريعها الكبرى اللي كلفتها مليارات الدولارات في ده، عشان يقدروا يطوروا تكنولوجيا تمكنهم من إرسال مجسات أو Probes للنيازك عشان تنقب عن المعادن النادرة والثروات الطبيعية اللا نهائية دي.
أول حاجة عندنا شركات اسمها (Deep Space Industries, Orbital Sciences Corporation, Mars One, Bigelow Aerospace) كلها دخلت السباق بالفعل، وتقدر تدور عليهم على جوجل، كمان في شركة اسمهاThe Blue Origin Aerospace Company المملوكة لرجل الأعمال الأغنى في العالم حاليًا، ومالك شركة أمازون Amazon العالمية، جيف بيزوس، واللي بتطور صاروخ فضائي إسمه The New Glenn.
كمان عندك شركة Space X المملوكة لرجل الأعمال ومطور التكنولوجيا الأشهر إيلون ماسك، اللي حاليًا شغالة على مهمات نقل الموارد والمستلزمات للفضاء الخارجي، في محطة الفضاء الدولية International Space Station، باستعمال صاروخ متطور قابل لإعادة الاستعمال، اسمه Falcon 9، وده تمهيدًا لخطتها الكبرى اللي هتبدأ في السنين الجاية، للتوسع للفضاء الخارجي.
كمان في شركة كبرى اسمها Planetary Resources، مدعومة من مسؤولين في شركة Google هما لاري بيدج وإريك شميدت، وكمان المخرج العالمي جيمس كاميرون، وريتشارد برانسون صاحب مجموعة متاجر Virgin العالمية، كل دول بيتصارعوا حاليًا على اللي موجود هناك.. فوق..
ما تحويه النيازك من ثروات
وعشان أقرب الصورة لذهنك، وتبقى مدرك مدى عظمة اللي موجود حوالينا في الفضاء، فخليني أقولك إن بناءً على حسابات تم إجراؤها، فإن بعض النيازك ممكن تكون محتوية على مخزون من اليورانيوم، أكبر بأضعاف الأضعاف من كل ما تم استخراجه من الأرض لحد دلوقتي منذ بدء التاريخ!
كمان بعض النيازك الأخرى جواها مخزون من الحديد والنيكل والكوبالت كاف لتغطية احتياجات الأرض بأكملها، وكافة صناعاتها التكنولوجية لمدة ٣٠٠٠ سنة جايين!
اللي مش كتير يعرفوه إن في أكتر من ١٢ ألف نيزك بيعدوا بالقرب من الأرض سنويًا، وكلهم جواهم ثروات طبيعية تقدر بمليارات المليارات من الدولارات! وكمان من الأسهل بالنسبة لنا كبشر إننا نوصل ونهبط بمركباتنا الفضائية على ١٠% منهم، من إننا نوصل للقمر، مبهر مش كده؟!
مستقبل مبهر
والأجمل إن كل ده كمان مجرد تمهيد، عشان إحنا في المستقبل هنقدر نطلع رحلات لكواكب بعيدة، اعتمادًا على إننا نقدر نحصل على الموارد اللي نستعملها كوقود لسفن الفضاء من الفضاء نفسه، مش هنحتاج إننا نستخرجها ونعالجها ونطلقها للفضاء في الأساس، وده هيوفر تكلفة تقدر بمليارات الدولارات.
القمر بس لوحده جواه مخزون من غاز الهيليوم – 3 النادر، يقدر يغطي كافة احتياجات الأرض من الوقود، وكافة احتياجات المفاعلات النووية الاندماجية اللي بتتعمل حاليًا، لمئات السنين.
تخيل بقى تأثير كل ده على الاقتصاد العالمي، لما البشر والشركات الكبرى تقدر توصل لتكنولوجيا تسهل علينا عمليات الإطلاق الفضائي والتنقيب عن الموارد دي،
تخيل لما يبقى الدهب والبلاتنيوم بيتم إرسالهم للأرض بكميات خزعبلية، لدرجة إن سعرهم يبقى أرخص من التراب، ويكونوا متاحين لعامة الناس! تخيل إيه هيحصل للاقتصاد والنظام النقدي اللي بيعتمد أصلًا على تغطية النقود باحتياطي دولي من الذهب والمعادن النادرة.
الأكيد إن الاقتصاد اللي احنا نعرفه هينهار تمامًا، وهيكون له شكل جديد محدش فينا هيقدر يتوقعه أو يتخيله، المستقبل اللي جاي باين عليه هيكون مبهر.. والأجمل إننا اتولدنا وعايشين بالظبط في الفترة الزمنية المناسبة عشان نشوف بدايته.
مصادر:
https://interestingengineering.com/mining-in-space-what-it-means-for-the-economy
https://www.forbes.com/sites/cognitiveworld/2019/05/13/the-race-to-mine-space/#6de509df1a70
https://www.sciencefocus.com/space/space-mining-the-new-goldrush/
اقرأ أيضاً:
المصعد الفضائي ومستقبل السفر للفضاء
رحلة إلى كوكب e707 الجديد بعد دمار كوكب الأرض
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
********
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا