قضايا شبابية - مقالاتمقالات

مع صديقي في ليلة ألم

وجدته حزينًا واجمًا شارد الذهن على غير عادته التي عهدته عليها، وسألته عن سبب هيئته تلك الغريبة المريبة!

نظر إليّ بعينين زائغتين اغرورقتا بالدموع وحدثني عن “حلم جميل طالما حلم به ضاع منه اليوم”، فغدا بائسًا حزينًا يائسًا!

اقتربت منه وطلبت منه أن يصغي إليّ بقلبه قبل أذنيه، وحاورته حوارًا طويلًا مدججًا بالمنطق والحجج الدامغة، حتى لان جانبه وهدأت نفسه وابتسم “ابتسامة فاترة”، لكنها ابتسامة نُزِعت نزعًا من أعماق أحزانه المتراكمة العميقة!

قلت له: “خذ مني تلك الكلمات، واجعلها كل يوم نصب عينيك، وتذكرني كلما تذكرتها وعملت بها: لا تبالغ في أحزانك واستسلامك لهمومك من أجل من لا يستحق ودك، فعشق السراب يورث الألم، وانتظار المحال ضرب من الجنون.

لا تنتظر ردود أفعال غيرك كما تحب وتتمنى دائمًا ، فليست كل ردود أفعالهم نقية كنقاء أفعالك أنت، بل ماؤها مكدر بعفن الخذلان وذل الخيبة وألم الصدمة الموجعة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا تتعشم دائمًا، فبعض العشم جنون وبعضه عزف على أوتار الخيبة وموت الأمل وانتحار الرجاء!

لا تفتح قلبك على مصراعيه لكل من اعتقدت أنهم محل ثقتك، فبعض من تثق بهم تجار خونة، يتاجرون بأسرارك في سوق الندالة والخيانة العفنة!

لا تصغِ لمن لا يستحق مهابة صمتك، ولا تستمع لمن لا يقدرك ويعرف مقامك، واجعل خبرتك بهم الآن مصباحًا ينير عتمة دربك ويكسر حزن قلبك.

كن أنت نفسك فقط، ولا تلتفت لمن يحاول أن يحطم بنيانك ويكسر في أعماقك قوة الإنسان القادر على صناعة المستحيل، ابتسم على الدوام، ولا تجعل حزنك قنبلة موقوته تنفجر في وجهك وحدك، فتموت كمدًا ويفرح في موتك كارهوك! ودِّع يأسك، واكسره بمعول أملك واحرقه بنيران صبرك وقوة غضبك من أجل إثبات ذاتك.

لا تعبأ كثيرًا بمدح المادحين، فكثيرهم من ذوي القلوب السوداء تمدحك في حضورك وتسبك وتلعنك في غيابك!

أخيرًا وليس آخرًا، ابتسم متسلحًا بيقين الثقة في الله، واعلم أن قدرك ظلك لن يفارقك مهما حاولت منه فرارًا، فدع الخلق للخالق واترك الأمور لمقدرها، وعش حياتك –يا صديقي– كما تحب، فلم نخلق لنعيش مرتين، بل هي مرة واحدة، فلتكن كما تحب ونهوى ونريد وإلا فلا”.

مقالات ذات صلة:

رغم الألم نبث الأمل

العلاج النفسي المعرفي أم العلاج الدوائي

هل من سبيل للخلاص من المعاناة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ.د/ محمد جمعة

أستاذ أصول التربية ووكيل كلية التربية جامعة دمياط لشئون التعليم والطلاب