مقالاتمنطق ومعرفة - مقالات

كوفيد 19، مناهج المعرفة في مواجهة الفيروس

أي من المناهج المعرفية يمكنه التغلب على الفيروس؟

“التجمع للعبادة ضروري، والنجاة من الفيروس ستكون بالصلاة وليست بالعلم!”

“لا نعرف إن كانت هناك إمكانية لوجود مناعة مجتمعية ضد الفيروس، لكننا سنخاطر بحياة الملايين للحصول على مناعة مجتمعية!”

“قلبي يخبرني إن كل شيء سيتحسن دون أن نفعل شيئًا!”

“لا تفعل شيئًا، (كله رايح!)”

نسمع أشباه هذه المقولات خلال مواجهتنا للأزمة الحالية، وكل مقولة منها تتبع منهجًا مختلفًا للتفكير ولاكتساب المعرفة، فأي هذه المناهج صحيح؟ وأيها يمكنه التغلب على الفيروس؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

١- النصيون:

وهم من يتبعون بالتقليد النص الديني الموجود في بيئتهم، ويفهمونه فهما ظنيًا عرفيًا غير معتمد على أدلة سليمة، ويقدمون فهمهم هذا على الأدلة العقلية السليمة والعلم التجريبي المثبت، وهذا الاتجاه موجود بين أتباع كثير من الأديان للأسف.

دعا بعض هؤلاء لاستمرار التجمعات العبادية بالرغم من ثبوت خطورتها على البشرية جمعاء لمساعدتها على بقاء الفيروس وانتشاره بين الناس، وذهب بعضهم إلى أن الفيروس عقاب إلهي موجه لأعدائهم هم بالذات، بالرغم من إصابتهم هم أيضًا بالفيروس.

أيضًا دائمًا ما يقلل بعضهم بشكل كبير من أهمية العلوم العقلية والتجريبية، بالرغم من ظهور أهميتهم الآن بشكل واضح.

٢– التجريبيون:

وهم من يكتفون بالعلم التجريبي وينبذون العلوم العقلية والأديان والقلب.

والتجارب العلمية تلعب اليوم دورًا محوريًا في مواجهة الفيروس، لكن غياب القواعد العقلية عندهم قد يؤدي لكارثة.

فمثلًا من القواعد العقلية الواضحة عدم ترك اليقين المثبت بالأدلة العقلية والذهاب للفرضيات والاحتمالات، وأيضًا عدم جواز الأخذ بالفرضيات عند التعامل مع الأرواح، ومنها تقدم أهمية الحياة على المكاسب الاقتصادية والمادية.

وأدى غياب هذه القواعد العقلية البسيطة الواضحة إلى محاولة بعض علمائهم القيام بتجربة خطرة، عن طريق السماح للفيروس بالانتشار على مستوى واسع، وذلك بناء على فرضية حدوث مناعة مجتمعية ضده، كما رأينا في خطة بريطانيا التي يتبناها بعض العلماء والأطباء.

فهذه الخطة تترك الأدلة الثابتة التي تقول بسرعة انتشار الفيروس وخطورته على الأرواح وتذهب لفرضيات واحتمالات، وتخاطر بالأرواح بناءً على هذه الظنون غير الأكيدة، وتقدم الاقتصاد على الحياة!

٣-القلبيون:

وهو أحد المناهج الذي يقدم أفراده الإلهام القلبي على باقي أدوات المعرفة، ويقللون أو ينفون أهمية العقل والتجارب العلمية.

ومن الواضح اليوم خطورة هذا الاتجاه، حيث إن مواجهة الفيروس مبنية بشكل أساسي على العقل التجارب العلمية، فإن استبعدناهم فهو الهلاك الأكيد!

٤- التشكيكيون:

وهم الذين لا يؤمنون بأية علوم، ويشككون في كل شيء، ومنهم النسبيون الذين يقولون إن كل شيء نسبي، ومنهم العدميون الذين يرون ألا قيمة للحياة أو لأي شيء وأن الموت والعدم أفضل.

وقد اختفت هذه الاتجاهات تقريبًا الآن! فلا نرى من يصف إجراءات الوقاية بالنسبية! أو من يسعى ليلتقط العدوى ليموت لأن العدم أفضل! ولا من ينكر العلم ودور العلماء!

فهذه الاتجاهات لا واقعية ولا علمية ولا وزن حقيقي لها!

٥– المنهج العقلي:

وهو من المناهج الذي يُستعمل فيه المنطق في التفكير، والعقل في كشف أسرار العالم واكتساب القيم والأخلاق، والتجربة في اكتشاف عالم المادة، والدين السليم في اكتشاف العالم الغيبي والسلوكيات الحسنة، والقلب لاكتساب العواطف النبيلة كالرحمة.

وهو المنهج الوحيد القادر على التعامل مع الأزمة بشكل متكامل وسليم، فيرفض المنطق الشائعات، ويضع العقل القواعد الواضحة والقيم كضرورة عدم الاعتماد على فرضيات تهدد الأرواح، ويستعمل التجربة في اكتشاف الحقائق عن الفيروس والتعامل معه طبيا، والدين في الاستعداد المعنوي والسلوكي، والقلب في التحلي بالرحمة والإيثار الضروريان الآن.

إن تغيير التفكير ومنهج المعرفة ضروري في معركة الفيروس، بل وفي معركة الحياة بشكل عام!

إنها فرصة للبحث عن الحق، والعودة للعقل، وتبني منهج سليم يساعدنا في الأزمات وأيضًا في الرخاء!

اقرأ أيضا:

المنطق يحارب الفيروس!

الأخلاق تحارب الفيروس!

أفكار تحارب الفيروس!

أحمد عزت

د. أحمد عزت

طبيب بشري

كاتب حر

له عدة مقالات في الصحف

باحث في مجال الفلسفة ومباني الفكر بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

صدر له كتاب: فك التشابك بين العقل والنص الديني “نظرة في منهج ابن رشد”

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

حاصل على دورة في الفلسفة القديمة جامعة بنسفاليا