الخيانة الوطنية – كيف لا تشجع المنتخب المصري!
الوطنية كما يريدها الإعلام
في زمن تبدلت فيه المعايير، وتسيلت فيه القيم، ورفعت فيه الشعارات الخادعة على أسنة الرماح، لا تتعجب إن أصبح التفريط في الوحدة من الوطنية ، وعدم تشجيع المنتخبات الكروية لوثة عقلية، ورفع الأعلام الوطنية في غير المباريات خيانة قومية!
ولكن يبدو أننا قد تأثرنا نحن أيضا، واختلت بعض مفاهيمنا عبر ميراث طويل من “الزن على الودان” بالأهازيج والكرنفالات والأغاني الوطنية المرتبطة بانتصارات المنتخبات والتي تتدغدغ لها المشاعر وتقشعر منها الأبدان؛ ليصبح تعريف الوطنية هو كل عمل ترتضيه الأغلبية، وتحبذه وتنشره القنوات الفضائية، حتى لو كان هذا العمل دعوى جاهلية أو عصبية قومية!
تذكرت هذا الأمر أثناء متابعتي لتصفيات المنتخبات العربية لحلم مونديال كأس العالم “كما يسمونه” ولأول مرة لا أجد نفسي مشجعا لمنتخباتنا العربية، ويستوي عندي الفوز والخسارة! فهل بهذا يتجرد المواطن من الانتماء للوطن، ويصبح خائنا عميلا لا يحب الخير لبلده؟ هل عدم تشجيع المنتخب في منافسات قارية –قد أنشأت بالأساس للتقارب بين الشعوب- هو نكران للجميل وحقد أعمى؟
كيف تتحول المنافسة الرياضية لمعركة ؟
هل مبالاة المواطن وعدم اكتراثه لأي هزيمة للمنتخب في محفل رياضي قد أقيم بالأساس لإصلاح ما أفسدته السياسة وتلاقي الشعوب المتناحرة، وتبادل ثقافاتها، فإذا بالمنافسات الرياضية – في بلادنا بالأخص- هي الملعب المفضل للمتسلقين والمتطفلين وأصحاب المصالح الخاصة، وتتحول الخسارة تلقائيا إلى تلاسن وشحن إجرامي، وتتجلى الوطنية في التحريض على الشعوب الشقيقة بمنتهى الفجاجة والانحطاط، ويصبح القفز على كل انتصار كروي هي حرفة المتسلقين ولتتصدر صورة المنتفعين كل تعليق أو تصريح أو احتفال أو ربما تسبقهم!
عندما نجد أن نسبة الممارسين للأنشطة الرياضية وصلت إلى ما يقرب من 70% و81% من تعداد شعوب بعض الدول. بينما تفرغ شعوبنا طاقاتها في تشجيع الأندية والمنتخبات القومية، ولتتحول الساحات الرياضية لمعارك حربية، ويصبح اهتمامك بالمنتخب معيارًا للوطنية، فاعلم أن هناك خللًا.
خصوصا أن مشجعي كل نادي يتمنون هزيمة النادي المنافس (من نفس الدولة) في أي بطولة قارية ضد نادي آخر، مهما ادعت البرامج الرياضية -وما أجهلها- غير ذلك؛ فالمنافسات الرياضية لا تعدو أن تكون -في بلادنا بالذات- فن الكيد والغمز واللمز والتلسين، أو تفريغ الشحنات والانتصارت في معارك وهمية.
بابا.. المدرب ده خاين ومابيحبش بلدي.. صح؟!
«طفل صغير متسائلا ببراءة عن مدرب وطني كان يلوح بأعلام بلاده في الاستوديو التحليلي لمباريات المنتخب راقصا عند الفرحة باكيا عند الهزيمة، فإذا به مع أول عرض لتدريب بلد آخر يلهث وراءه، ويتمنى أن يحقق أي إنجاز ولو على حساب بلده».
فما دمتم لا تعتبرون أن أخذ المدرب للمال لأجل تدريب منتخب آخر ينافس منتخب جنسيته، ليس بالعمل الشائن ولا الخيانة العظمى؟ فلماذا تصرون على أن تشجيع المنتخبات والأندية هو انتماء ووطنية؟ فهل الوطنية سلعة تشترى كي تباع؟
اقرأ أيضا:
محمد صلاح والبحث عن الذات .. السعي والتركيز على الهدف وتحديد الطريق
المال والإيمان.. أزمة المجتمع المعاصر .. ما هي وكيف نعالجها ؟
عندما نتآكل من الداخل.. ماذا يفعل بنا الاكتئاب ؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.