كتاب الفلاسفة الموتى
لا شك أن حقيقة موتنا أهم حقيقة عنا، على حد تعبير الفيلسوف الأمريكي “تود جيفورد ماي” (Todd Gifford May من مواليد سنة 1955)، قد يكون الموت مأساويًا وتعسفيًا ولا معنى له للوهلة الأولى، لكنه في الوقت ذاته يفتح أمامنا الحياة الكاملة التي لم تكن لتوجد دونه! فكيف يمكن أن نعيش في مواجهة النفي التام؟ كيف يجب أن نفكر في الموت؟ وهل يجب على الأطباء، الذين يُتهمون أحيانًا بأنهم دجالون يبيعون وهم الخلود، أن ينتبهوا أكثر إلى فلسفة الموت؟
الموت نهايتنا ونهاية تجربتنا، وهو ليس إنجازًا أو هدفًا، بل مجرد توقف، والأهم من ذلك أنه أمرٌ لا مفر منه، يتسم بالغموض أو الضبابية، لا نعرف متى أو أين أو كيف سنموت، لذا يسعى كثيرون إلى التعامل مع الموت بإنكاره، لكن إن أردت أن تكون إنسانًا، وحيًا، تفهم معنى الحياة، فعليك أن تتعايش مع حقيقة الموت، عليك أن تسعى لاستكشاف وفهم ماهية الموت، وتلك هي الرسالة التي يوجهها الفيلسوف الإنجليزي المعاصر سيمون كريتشلي (Simon Critchley من مواليد 27 فبراير 1960) لقرائه من خلال مؤلفه “كتاب الفلاسفة الموتى” الصادر سنة 2008.
يقع الكتاب في 265 صفحة من القطع المتوسط، وقد وضعته النيويورك تايمز على قائمة أفضل الكتب مبيعًا في مارس سنة 2009، وتمت ترجمته إلى سبع عشرة لغة. يشير سيمون في مقدمة الكتاب إلى أنه ليس كتابًا للموتى على غرار الكتاب المصري الفرعوني القديم، فهذا الأخير يحوي 189 تعويذة جنائزية هدفها إرشاد روح الميت في رحلتها إلى العالم الآخر، كما أنه ليس ككتاب التبت للموتى (باردو ثودول Bardo Thodol) الذي يصف طقوس الموت الضرورية، ويهدف إلى توجيه الشخص الميت خلال الفترة الفاصلة بين الموت والولادة الجديدة، عبر لقاءاته مع الآلهة الغاضبة والسلمية، الجميلة والمرعبة، والتي يجب فهمها على أنها توقعات للعقل. لكن هدف الكتاب بالأحرى الكشف عن ملابسات موت الفلاسفة على مرَّ العصور، إذ بها يمكن أن نعرف كثيرًا عن أفكارهم التي آمنوا بها وعاشوا من أجلها، بل وربما ماتوا دفاعًا عنها، هذا فضلًا عن طقوسهم الحياتية التي تبدو متسقة مع نهاياتهم.
لقد أعلن الفيلسوف النمساوي البريطاني لودفيج فتجنشتين (Ludwig Wittgenstein 1889 – 1951) ذات مرة أنك إن أردت أن تصبح فيلسوفًا، فعليك أن تصبح ميكانيكي سيارات (مهنة اشتغل بها لودفيج فتجنشتين بالفعل خلال جزء من الحرب العالمية الأولى)، لا أن تقرأ كتبًا في الفلسفة، مؤكدًا أن العمل على الآلات بمثابة طريقة جيدة للتفكير في اللغة. كذلك أعلن الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (Jacques Derrida 1930 – 2004) أنه، من بين جميع الكتب الموجودة في مكتبته، لم يقرأ سوى ثلاثة أو أربعة كتب، لكنه قرأها حقًا.
أما سيمون فيتبع طريقًا ثالثًا في “كتاب الفلاسفة الموتى”، أقرب إلى “تاريخ الفلسفة الغربية” لـبرتراند رسل، في محاولة منه للإمساك بحكمة الموت عبر مشهدٍ تصويري مُركز، وكأنه يجول بنا في مقبرة ضخمة للفلاسفة، لا نقرأ فيها فقط أفكارهم عن الموت، بل نعرف أيضًا كيف عاشوا لحظاتهم الأخيرة، وكيف قضوا نحبهم بطرقٍ شتى. والرسالة التي يحملها الكتاب بوضوح: أنه ليس عليك أن تكون فيلسوفًا حتى تقهر الموت، أو حتى تتعلم كيف تموت بهدوء.. الفلسفة لا تأتي بحلول سحرية، فحتى الحكماء والقديسون كابدوا الموت وهم يبكون ويصطرخون!
من هذا المنطلق يقدم سيمون قصص موت ما يقرب من مائتي فيلسوف عبر العصور المختلفة، هي كما يوردها حكايات توصف بالغرابة، الجنون، الانتحار، القتل، سوء الحظ، الرثاء، الإسفاف، والكوميديا السوداء، وهاك بعض الأمثلة:
– فيثاغورث (Pythagoras) الرياضي والفيلسوف الإغريقي، صاحب مبرهنة فيثاغورث، الذي كان وفقًا للأساطير يجبر أتباعه على عدة أمور منها الامتناع عن أكل الفاصولياء بهدف تنقية الجسم والنفس من النتائج العكسية الناجمة عن تناولها، بالإضافة إلى اعتقاده بأن أكل الفاصولياء يُشبه أكل اللحم البشري، وأن سحق حبة منها أو تحطيمها أو تلويثها من شأنه أن يؤذي الإنسان، مات مذبوحًا لأنه رفض عبور حقل فاصولياء فلحق به أعداؤه وفتكوا به!
– هيراقليطس (Heraclitus) فيلسوف التغير وصاحب عبارة: “إنك لا تنزل النهر مرتين”، مات حسب إحدى الروايات غرقًا في روث البقر! إذ أصيب بمرضٍ قيل له إنه غير قابل للشفاء، فما كان منه إلا أن غاص في روث البقر، معتقدًا أن الرطوبة قد تساعده على الشفاء! ووفقًا لأحد المصادر، فإن الروث غطى رأس هيراقليطس، مما جذب بعض الكلاب البرية التي هاجمته ومزقت جسده!
– أفلاطون (Plato) فيلسوف المُثل، تزعم إحدى الروايات أنه مات مصابًا بعدوى القمل، ثمة رواية أنه مات في الثمانينات من عُمره أثناء نومه أو أثناء حضوره حفل زفاف!
– أرسطو (Aristotle) قتل نفسه عن طريق الخطأ بتناول نبات يُعرف باسم البيش أو قاتل الذئب (أكونيط Aconite)، وهو نبات عُشبي سام تُستخرج منه مادة مخدرة ويُستخدم طبيًا كمُسكن، إذ كان يُعاني من سوء الهضم أو من مشاكل غير مُحددة في المعدة!
– إمبيدوقليس (Empedocles) فيلسوف العناصر الأربعة، لقي حتفه مُنتحرًا، حيث كان مقتنعًا بكونه إلهًا بعد علاج امرأة تُدعى بانثيا (Panthea)، عجز الأطباء عن علاجها، ولكي يُثبت لأتباعه أنه إلهٌ، قفز في بركان جبل إتنا النشط (Mount Etna) متحديًا الطبيعة، ولم يره أحد بعدها!
– زينون الرواقي (Zeno of Citium) شيخ الفلاسفة الرواقيين القدماء، تعثر وسقط ذات يوم أثناء مغادرته المدرسة، وكُسر إصبع قدمه. ولأنه كان مقتنعًا بأن الحكيم الرواقي يجب دائمًا أن يقوم بما هو مناسب للطبيعة، وحيث أنه كان طاعنًا في السن (كان يبلغ من العمر 72 عامًا تقريبًا)، فقد شعر أنه من المناسب الموت، فقام بخنق نفسه حتى الموت!
– ديوجين (Diogenes) صاحب المدرسة الكلبية، الذي كان يحتقر الثروة والقوة، ويزدري الملذات الحسية وجميع متع الحياة التي يتنافس عليها البشر ويقتتلون. آمن بهذه الأفكار وسار على نهجها طوال حياته، فكان يتناول أردأ أنواع الطعام، ويمشي في شوارع أثينا حافي القدمين مرتديًا أبسط الملابس، حاملًا بيده عصاه وعلى ظهره مخلاته، انتحر هذا الفيلسوف الكبير كاتمًا أنفاسه بيده في جلسات متعددة، مما تسبب في تلف الدماغ حتى الموت، ويُقال إنه مات بعد تناول الأخطبوط الحي!
– زينون الإيلي (Zeno of Elea) عبقري الرياضيات، وصاحب أشهر مفارقات حيرت العالم لقرون طويلة –مفارقات الكثرة والحركة–، قُبض عليه وهو يحاول قتل الطاغية نيرخوس (Nearkhos)، وربما ديوميدون (Diomedon)، وعندما قام الطاغية باستجوابه بشأن المتآمرين معه والأسلحة التي كان يجلبها إلى ليباراس (Liparas)، أخبره أنه لن يستطيع أن يخبره بشيء إلا في أذنه فقط، ثم عض على أذن الطاغية ولم يتركها حتى مات طعنًا!
– لوكريتس (Lucretius) الشاعر والفيلسوف الروماني، الذي شرح باستفاضة أفكار الاطراد الذري لكل مجالات الطبيعة من خلال قصيدته التعليمية العظيمة “في طبيعة الأشياء”، مات منتحرًا في الرابعة والأربعين من عمره بعد أن أصابه الجنون إثر تناوله جرعة دواء ظن أنه يولد الحب!
– هيباتيا (Hypatia) فيلسوفة الأفلاطونية المحدثة، وأول امرأة يلمع اسمها عالمة رياضيات، قُتلت على يد مجموعة من الغوزغاء المتعصبين عقب عودتها إلى بيتها بعد إحدى ندواتها، متهمين إياها بالإلحاد وممارسة السحر، إذ قاموا بجرها من شعرها، ثم قاموا بنزع ملابسها وجرها عاريةً تمامًا بحبل ملفوف على يدها في شوارع الإسكندرية حتى تسلخ جلدها، ثم إمعانًا في تعذيبها، قاموا بسلخ الباقي من جلدها بالأصداف إلى أن صارت جثة هامدة، ثم ألقوها فوق كومة من الأخشاب وأشعلوا بها النيران!
– بوئثيوس (Boethius) الفيلسوف والسياسي الروماني، صاحب كتاب “عزاء الفلسفة”، سجنه ثيودوريك (Theodoric) ملك القوط الشرقيين سنة 523 تقريبًا، بعد أن اتُهم بشجب الفساد الحكومي السائد، والتآمر مع الإمبراطور البيزنطي جستن الأول (Justin I)، ثم تم تعذيبه بقسوة، لينتهي الأمر بإعدامه سنة 524!
– يوهانز سكوت إريجينا (Eriugena) الفيلسوف الأيرلندي الكبير الذي وصفه برتراند رسل بأنه “أكثر شخص مدهش في القرن التاسع”، ووصفته موسوعة ستانفورد بأنه “أهم مفكر أيرلندي في الفترة الرهبانية المبكرة”، تعرض للطعن حتى الموت من قبل طلابه بأقلامهم في أبرشية مالميسبري (Malmesbury)!
– ابن سينا (Avicenna) الشيخ الرئيس والمُعلم الثالث وأمير الأطباء الذي وضع نحو 450 كتابًا، بما في ذلك كتابه الأشهر والأهم والأكثر تأثيرًا في أوروبا لمدة سبعة قرون “القانون في الطب”، كان –على حد تعبير تلميذه الجرجاني– مُغرمًا بالنساء، مسرفًا في الملاذ البدنية، وكانت القوة الجنسية هي الأكثر نشاطًا وهيمنة على ملكاته الشهوانية. وقد استعان ابن سينا بالطب في كل مرة كان يشعر فيها بالصراع بين النفس والجسد لكي يحقق التوازن لحياته القلقة، ما كان يضطره كثيرًا لحقن نفسه مرات عديدة في اليوم بالأدوية حتى تهالك جسده من كثرة الكتابة والجنس. بالإضافة إلى ذلك، قام أحد خدامه، الذي سرق مبلغًا كبيرًا من المال، بإعطائه جُرعة كبيرة من الأفيون لمحاولة قتله. وفي خضم هذه الحالة المحفوفة بالمخاطر، سافر ابن سينا إلى أصفهان، لكنه كان قد أصبح ضعيفًا لدرجة أنه لم يكن قادرًا على الوقوف، واستسلم لمرضه في النهاية حتى مات عن عمر يناهز الثامنة والخمسين!
– توما الأكويني (Thomas Aquinas) الفيلسوف واللاهوتي الإيطالي الكبير، مات بعد أن اصطدم رأسه بفرع شجرة في أوائل سنة 1274، على طريق أبيان (Appian) بالقرب من مونتي كاسينو (Monte Cassino).
– وليام الأوكامي (William of Ockham) الفيلسوف الأكثر نفوذًا في القرن الرابع عشر، وصاحب المبدأ المعروف باسم نصل أوكام (Occam’s Razor)، مات سنة 1349 نتيجة إصابته بالطاعون الأسود، الذي أودى بحياة معظم القادة الفكريين في شمال أوروبا في منتصف القرن الرابع عشر، وكان له دورٌ رئيس في إحداث الانحدار الثقافي الذي استمر لأكثر من قرن.
– جيوفاني بيكو ديلا ميراندولا (Giovanni Pico della Mirandola) الفيلسوف والنبيل الإيطالي في عصر النهضة، مات سنة 1494 عن عُمر يُناهز الحادية والثلاثين في ظروف غامضة مع صديقه بوليزيانو (Poliziano)، وقيل إن سكرتيره كريستوفورو دا كالاماغيوري (Cristoforo da Calamaggiore) قد سمَّمه بدس الزرنيخ له في طعامه، بسبب انجذابه المتزايد إلى تعاليم الراهب الدومينيكي –المعزول كنسيًا– جيرولامو سافونار (Girolamo Savonarola).
– جوليان أوفري دو لاميتري (de La Mettrie) أحد رواد المدرسة المادية وفلاسفة التنوير في فرنسا، والذي كان يمجد الملذات الحسية، مات بعد تناوله كميات ضخمة من الباتيهات المحشوة الدسمة، كان السفير الفرنسي تيركونيل قد أرسلها له نوعًا من الشكر والامتنان لأنه عالجه من مرض ألم به، فما كان من لاميتري إلا أن التهمها جميعًا، فأصيب بالحُمى والهذيان، ومات على الفور!
– ديكارت (Descartes) أبو الفلسفة الحديثة، مات نتيجة إصابته بالالتهاب الرئوي بعد أن أعطى درسًا في الصباح الباكر في فصل الشتاء بستوكهولم!
– توماس مور (Thomas More) الفيلسوف الإنجليزي المعروف، أُدين بالخيانة وقُطع رأسه ووضع على رمح على جسر لندن، وذلك بعد رفضه الاعتراف بالملك هنري الثامن (Henry VIII) رئيسًا أعلى لكنيسة إنجلترا، ورفضه زواج الملك من كاثرين أراجون (Catherine of Aragon). وقد قامت ابنته الكُبرى مارجريت روبر (Margaret Roper) برشوة حارس الجسر لاستعادة الرأس واحتفظت بها في بيتها، لكن الجواسيس خانوها وسُجنت، وأطلق سراحها قبل موتها سنة 1544، ودُفن معها رأس أبيها. وفي سنة عام 1824 فُتح قبرها وعُرض رأس مور على الملأ في كنيسة سانت دونستان (St. Dunstan’s Church) في كانتربري لسنوات عديدة.
– جيوردانو برونو الفيلسوف والرياضي والمُنظر الفلكي الإيطالي، كُمِّم فمه وحُرق حيًا على وتد في كامبو دي فيوري (Campo de’ Fiori) في روما عقابًا له بعد تأييده نظرية كوبرنيكوس عن دوران الأرض!
– جاليليو جاليلي (Galileo Galilei) الفيلسوف والرياضي والفلكي الإيطالي الذي كان أحد معالم الثورة العلمية الحديثة، نجا من المصير ذاته الذي لقيه جيوردانو برونو بعد أن تراجع عن القول بمركزية الشمس، لكنه وُضع قيد الإقامة الجبرية حتى مات بسببها!
– فرانسيس بيكون (Francis Bacon) صاحب الأورجانون الجديد، مات نتيجة لمحاولته ملاحظة آثار التبريد، إذ قام بحشو دجاجة بالثلج في يوم شديد البرودة، فأصيب بالالتهاب الرئوي بعد أكلها!
– فولتير (Voltaire) الذي حارب الكنيسة الكاثوليكية ورجال الدين الذين كانوا يسيطرون على عقول البسطاء، وينشرون أفكار التعصب، أعلن من على فراش الموت أنه يريد أن يموت كاثوليكيًا، وعندما سأله الكاهن: “هل تؤمن بالمسيح؟”، قال متوسلًا: “أرجوك سيدي لا تتحدث بأمر ذلك الرجل أكثر من ذلك، واتركني أموت في سلام”!
– لودفيج فيتجنشتين (Wittgenstein) فيلسوف اللغة الضخم، مات في اليوم التالي ليوم ذكرى ولادته بعد أن أهداه صديقه بطانية كهربائية هديةَ عيد ميلاده، لكنها أودت بحياته!
– ليبنتز (Leibniz) الفيلسوف والرياضي الألماني، مؤسس علم التفاضل والتكامل (مع نيوتن) تُوفِّي وحيدًا، ودُفن ليلًا في حضور صديق واحد فقط!
– هيجل (Hegel) فيلسوف المثالية الألمانية وصاحب المنهج الجدلي وتناقض الفكر الذي يولد حركة التاريخ، كان موته أيضًا به تناقض، إذ قال بينما هو على فراش الموت يحارب الكوليرا: “هناك شخص واحد فقط في هذا العالم فهمني، وحتى هو لم يفهمني!”، ولعله كان يشير إلى نفسه!
يبقى الموت في النهاية دربًا إلى الحياة، ومن أصابه فهمٌ خاطئٌ للحياة، سيكابد بالضرورة فهمًا خاطئًا للموت! يقولون إنه النومة الأخيرة، لكنه في الحقيقة اليقظة الأخيرة، وكونك غير ميت لا يعني أنك على قيد الحياة!
مقالات ذات صلة:
حياة الفلاسفة: رَفَه الجهل ومعاناة الحكمة
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا