مقالات

بين التعقل والوهم قد تفقد حياتك

ايه هي حدود عقلك وإزايّ مُمكن أفكارك تُؤدي بيك للمُوت؟ في سنة من السنيـن وبعد ما سيطرت فكرة الموت على الدكتور بورهيـف، فبـدأ يفكر ويدوّر في إجابة سؤال جوهري وهو .. إحنا ليه بنموت؟!

الورد في الجنينة بيبدأ صغير ويكبر ويزهر وبعدين يبدأ في الذبلان لحد ما تقع أوراقه ويموت، كذلك الحيوانات وقيس على كده كل شيء في كوكب الأرض وصولا للجمادات الي بتتكون أصلا من مادة خام بسيطة بتشكل المُنتج النهائي الي بيكون قدامنا، وبعدين مع الوقت يا بتخلص يا بتتكسر وفي النهاية برضه بتموت.

العظمة غالبا بتكون في البـقاء والاستمرارية زيّ ما بنشوف في آثار المصريين القدماء.

فـفعلا هو سؤال جـوهري بس شاغل دماغ البشرية كلها من زمان مش دكتور بورهـيف هو الي اكتشفه يعني، فأنا مش جايب لك اسمه هنا بسبب السؤال وإنما بسبب الي عمله دكتور بورهيف في رحلة بحثه عن إجابة.

تجارب الدكتور بورهيف على قوة العقل الباطن

قوة الوهمالدكتور بورهيف بدأ يُجري تجارب علمية يقدر من خلالها يراقب لحظات موت البشر ويسجل مُلاحظاته، وعـشـان ده يتم كان لازم يتفق مع المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام على إنهم يكونوا حقل تجارب له مقابل أنه يتم تعويض أهلهم ماديا وذكر أسماءهم باعتبارهم ممن ساهموا في تاريخ البحث العلمي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ما أصل المجرم كده كده ميت لأنه محكوم عليه بالإعدام، فيها إيه لما يموت وفي نفس الوقت ذكراه تكون كويسة وتُخلد في كتب البحث العلمي وأهله يستفيدوا ماديا؟

واحدة من التجارب دي واللي هي الحقيقة أنجحهم وأهمهم كانت على مجرم اتفق معاه “بورهيف” أنه هيتم إعدامه عن طريق تصفية دمه في دلوين من الماء هيتم وضعهم تحت منه بحجة دراسة أعراض حالة انسحاب الدم من الجسد أو النزيف ودراسة العملية بشكل تفصيلي، المجرم وافق طبعا وبدأت عملية الإعدام عن طريق سحب الدماء من الجسد.

بداية تجربة دكتور بورهيف

في البداية وضعوا قناع أسود سميك يستحيل معه الرؤية فوق رأس المجرم، وبعدين وضعوا أنبوبين رفيعين على جسده بدءا من قلبه وصولا عند مرفقيه، وبدأ يضخ فيهم ماء دافئ يوازي حرارة الجسم ووضع تحت مرفقيه دلوي الماء وبدأت التجربة بسماع صوت التقطير الساقط من عند المرفقين.

ركز معايا، اللأنبوبين دول واصلين بالجسد بس في الحقيقة مش بيسحبوا أي دم من جسمه، بل اللي بيتم تقطيره والمسموع صوته في الدلوين اللي تحت منه دول هو مجرد الماء الدافئ الموضوع في الأنابيب دي وبدأت التجربة تشتغل.

نهاية التجربة .. قوة الوهم تقتل صاحبها

مرت الدقائق الأولى والمجرم اللي مش شايف بس سامع صوت دمائه بتتقطر في الدلوين بدأ يشعر بالغثيان، عقله بدأ يصور له أن الدم فعلا بيتسحب منه وأنه بيفقد كميات كبيرة منه، بعد لحظات لاحظ العلماء على الراجل اصفرار وشحوب جسده، قربوا منه وبدأوا يفحصوا نبضه فوجدوا أنه مات.

مات بسبب خياله المُتقن، ففي الوقت الذي لم يفقد فيه قطرة دم واحدة، عقله وخياله اتسببوا في إنه يموت فعلا، الأغرب أنه مات في نفس الوقت اللي كان مُقدر له أن يموت فيه بسبب فقدانه الدم بالفعل.

قصة آخرى تبرهن نظرية دكتور بورهيف

قوة الوهم

بلاش طيب الحكاية دي، تعالى شوف الحكاية دي كمان، في يوم من الأيام في واحد من المصانع المهتمة ببيع الأغذية المحفوظة، دخل عامل من العمال لثلاجة من الثلاجات الضخمة المُصممة لتخزين الأغذية،

غرفة كبيرة عملاقة كلها برودة وثلج، بس كانت فاضية مفيش فيها أغذية وكان وقت تنضيفها، المهم إن الباب اتقفل عليه واتحبس جواها بالخطأ.

فضل ينادي عشان حد يسمعه مفيش، الخوف بدأ يحاصره، اليومين الجايين “عطلة” وهو محبوس في الثلاجة الكبيرة دي لوحده ومفيش حد بيسمعه، عرف العامل أنه هالك لا محالة.

بعد اليومين فتح زملاؤه الثلاجة ليجدوا زميلهم وقد توفى داخل الثلاجة، فتشوا حواليه فوجدوا ورقة ومكتوب فيها “أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة، أحس بأطرافي بدأت تتجمد، أشعر بتنمل في الأطراف،

أشعر أني لا أستطيع أن أتحرك، أشعر أني أموت من البرد”، العجيب والغريب أن تلك الثلاجة تحديدا كانت مفصولة عن الكهرباء، وحرارتها طبيعية، لم يقتل ذلك الرجل سوى عقله!

قوى العقل

طيب عشان أكون أكثر تحديدا ايه هو العقل أصلا؟

عشان أقدر أقول كلمة “عقل” يبقى لازم تكون فاهم إني بتكلم عن مجموعة من “القوى الإدراكية” اللي من خلالها الإنسان بيتعامل مع الطبيعة من حوله على أساسها، والقوى دي في حالة العقل هي “الوعي -المعرفة – التفكير – الحكم – اللغة – الذاكرة”، ودي قوى بتساعد الإنسان على “التخيل” واللي هي قدرة غير محدودة.

انك تقدر تتخيل دي حاجة عظيمة جدا لو تم استخدامها بشكل سليم، عارف يعني ايه تقدر تبني عوالم متداخلة داخلك وتعيش جواها وتتأثر بيها وتأثر فيك، وخد بالك إن العقل ده أكبر من “المُخ” ذاته واللي هو منبع كل الكلام ده.

هتقولي ازاي؟ هقولك ركز معايا انا لسه مفهمك انك من خلاله تقدر تبني عوالم كبيرة جدا.

حتمية الموت

بس الفكرة أو بمعنى أدق السـؤال المُلح دلوقتي، لو البـشـر مش عندهم معلومة حتمية الموت، مش موجوده في ال system بتاعهم هل فعلا هيموتوا؟ ، يعني لو اتولد بنت وولد وفضلنا فاصلينهم عن كل أشكال الحياة على الأرض بطبيعتها الفانية، هل هـيكون عندهم وعي إنهم هيموتوا فيعيشوا خايفين من الموت؟

مع الوقت هتكتشف برضه إن الموت أساسي وكده كده هيحصل لكن العقل بيعجل أو بيسرع من العملية وعامل مُؤثر وعلى العموم، أنا وصلت لنتيجة مُرضـية، المـوت شيء أرضي مُقترن بوجودنا على الأرض، ولو دخلنا الجـنة مش هيكون في بالنا أصلا فكرة المـوت أو الفـناء لأنه شرطي بالتواجد على الأرض, وإنما الخـلود في الجنة هيـكون شيء طبيعي جدا بل بالأحرى بديهي.

خلي بالك عزيزي القارئ إن أحيانا في ناس بتمرض بسبب إن عقلها صور لها إنها مريضة وفي ناس بالفعل بتموت بسبب ده، فحافظ على صحة عقلك، لأنه زي ما دايما بيكون دليل مُساعد ليك أحيانا ممكن يُضرك !، لأن أفكارك زيّ ما أحيانا كتيرة بتكون دليلك عشان تعمل عظمة، أحيانا تانية ممكن تدفعك لحافـة الهاوية، إنك تموت!

اقرأ أيضاً:

سيمفونية الإدراك وسؤال «مولينو» المُحير!

قلق الموت

العقل والوهم

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. مصطفى محمود حسن

باحث وكاتب روائي