مقالاتقضايا شبابية - مقالات

هي قلوب مجروحة! لماذا من الصعب العثور على الحب الحقيقي؟

هي تقضي ليلتها في البكاء والنحيب حتى تتورم عيناها، وتدخل عليها أمّها الغرفة بخطوات بطيئة ودون أدنى صوت فتفاجيء بابنتها التي تقول لها “تعالي يا ماما أنا صاحية” فتسرع الأم لسريرها وتحتضنها بحنو وتهمس في أذنها ” ميستاهلكيش يا حبيبتي، وميساويش دمعة واحدة من عينيكي، إرمي اللي فات ورا ضهرك ، إنتي لسه صغيرة وجميلة وألف واحد يتمناكي”

فتجيب البنت بصوت متهدج : “نفسي أعرف كلام الحب طول الشهور دي راح فين، ده كان بيقول لي إني سبب سعادته الوحيد وكل أمله في الوجود إنه يبقى جنبي، كان بيكذب عليه، خدعني طول المدة دي، بس إزاي ده فضل سنتين كاملين بيحاول يقرب مني بكل طريقة لدرجة إنه لما حس إنه مفيش أمل جاله إنهيار عصبي وفضل يتعالج منه شهور!  أنا مش فاهمة حاجة، كل ده عشان عملت بنصيحتك وطلبت منه حاجات أنا متأكدة إنه يقدر عليها!…..”

وأطلت برأسها من شباك الغرفة على الشارع المزدحم لتقع عيناها على عبارات مكتوبة على “توكتوك” : “مفيش حب حقيقي، إلا حب أمّك يا شقيقي”!

لتكمل تلك الصورة المشهد وتنفجر البنت الحزينة في البكاء .

اضغط على الاعلان لو أعجبك

——

يسيرفي الشارع هائما على وجهه وقد تصلبت ملامحه حتى بدت وكأنها لقطة متوقفة من فيلم درامي وقد رأي فيها البطل أحد الوحوش الأسطورية التي تطارده دون هوادة، لا يدري كم بقي على تلك الحالة ولا أين هو وقد فقد القدرة على إدراك الزمان والمكان، لقد صُدم صدمة عمره!

ترددت على مسامعه كلمات صديقه المقرّب ” كلّه شمال يا صاحبي” ودوّى في المكان صوت كاسيت سيارة أجرة والمطرب يغني أغنية “رحلة عمري” ليمر أمامه شريط أحداث أكثر من ثلاث سنوات قضى ثلثيها في #حب من طرف واحد وتعلق أعمى بتلك الفتاة التي سلبته القدرة على النوم والتفكير ، بل والحياة!

إلى أن جاءت لحظة الأمل وبدأت فتاة أحلامه تلتفت لحبه المكلوم وتبادله المشاعر وتتطور الأمور حتى يزورها مع والدته طالبا يدها، لتعود الألوان المبهجة لحياته وتبدأ شهور الغزل وأشعار الحب وعصافير الكناريا تزقزق حول الحبيبين.

ولم تلبث مشاعر الغرام أن تنطفيء على وقع طرق شديد من معاول طلبات العروس وأهلها ، أهذه فتاة أحلامي التي تطلب مني مؤخر صداق بهذا الرقم؟! وشقة بتلك المواصفات والتجهيزات؟!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أهي هي التي دقّ لها قلبه حتى كاد يتوقف ثم إذا بها تخبره بشكل صريح أن طلباتها اختبار له على حبه وولائه، وأنه قد خذلها وخذل حبها؟!

واستمر شريط الأحداث حتى التقى بشريط القطار الذي يوشك أن يمر وكأنه يطلب من صاحبنا أن يعانقه فينهي حياته التي أصبحت بلا معنى!

فماذا حدث؟ وماذنبه إذا كان صادقا في حبه؟

——

ما هي حقيقة الحب ؟

وهل يمكن أن يوجد حب صادق ونهايته سعادة حقيقية؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الحب في حقيقته تعلّق النفس بالكمال والجمال وهو أمر فطري انطبعت به نفوسنا، لكن كم من تعلق وهميّ أضاع صاحبه تحت لذة سعادة وقتية ظنّها صاحبها باقية ومستمرة؟!

#السعادة الحقيقية تلك التي يبحث عنها الجميع دون استثناء لتعطي حياتهم المعنى والهدف والحافز والغاية التي يهون أمامها كل تعب، هل هي في جمال الشكل ورشاقة القوام؟ أم في امتلاء الجيوب بالمال ؟ أم في طعام جميل لذيذ وسكن مرفه؟و…؟

أم أن هناك نوعا آخر من السعادة يتصف بالدوام ولا يتغير مع مرور الزمان، فإذا كان المعيار هو بقاء السعادة ودوامها، فبالطبع ستخرج الأمور المادية الزائلة من لائحة السعادة الأصلية، وستدخل أمور لا يلتفت لها الكثيرون، كالعلم النافع والأخلاق الراقية، ستكون الرحمة والتواضع والاحترام و…. هي مطلب الإنسان؛ تلك الأمور التي كلما نهل منها الإنسان ازداد سعادة وبهجة، وهي في ذاتها لا تنتهي ولا حد لها وتتفق مع توق الإنسان للكمال المطلق، في النهاية إذا تغيرت معايير اختياراتنا ستتغير حتما اختياراتنا ومعها ستنقلب دفّة حياتنا تماما، ستكون كل معايير الاختيار للارتباط والزواج والصداقة وغيرها أكثر وضوحا وتمس جوهر السعادة، فكلّما كانت تلك المعايير صادقة وصلبة كانت النتائج تصب في اتجاه السعادة المنشودة.

حب المصدر

 إن تلك المعايير لم تكن لتكتسب صفة الحسن الذاتي وتتسبب في سعادة باقية إلا لأن مصدرها نفسه يمثل الخير المحض والجمال اللامتناهي، باختصار لأنها واقعا من مصدر الوجود ومنبع الفيض غير المحدود، من أصل #الجمال و#الكمال، من الله.

فهل هناك من يستحق التعلق القلبي والمحبة الحقيقية سواه؟!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

الحريةالشخصية بين التحرر و الاستعباد

لم أجد السعادة إلا في عيون البسطاء ..

المثاليون خبراء التعطيل

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

مقالات ذات صلة