مقالاتفن وأدب - مقالات

قد حاولوا بقدر ما يستطيعون .. طريق البحث عن البديل

(تجارب شخصية لأبطال قرروا التحرر من سيطرة النظام العالمي المُهيمن، ويحاولون خلق أنظمتهم الخاصة وإيجاد البديل عنها بقدر ما يستطيعون)

استطاع “عادل” أن يحقق نصراً باهراً في رسم الابتسامة على مُحَيَّا كلاً من زوجته “وفاء” وولده الصغير”حمزة”، وإثارة صيحاتهما الفَرِحة والمُهللة من جديد.

فقد أعلن الأب عن حيْن التأهُب لاصطحاب أسرته إلى المنتزه، ومشاركة طفله الصغير لعب الكرة، وسباقات الجري، والجلوس بين فترة وآخرى من أجل نيل بعض الراحة، وتبادل الأحاجي، وتجاذب أطراف الحديث في شوؤن شتى، ثم المرورفي طريق عودتهم على أحد المحلات التجارية، ليبتاعوا منها ما نفذ من حاجِيَّات المنزل، راجياً أن تُسْهِم تلك الرحلة في توثيق رِباطهم الأسري، بِقدرما وُهِب من حَيْل وقُدرة.

لذا حذاري الآن أن تقف في مهب حماسة طفل العاشرة “حمزة”، بعدما أتم استعداده للخروج، فقد أكمل لباسه وعَمّت صيحاتُه أرجاء المنزل، داعية أبويه إلى شحذ الهمة للانتهاء من هِندامهم بسرعة، خِشّية التأخر عن مراسم نُزهتِم العائلية، التي ينتظرها ملياً منذ الأسبوع المُنصرم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبعد مُضِيّ ساعات اللعب والمرح في المنتزه، وإنتهاء جولة التبضع داخل السوق، عمد “عادل” إلى مراجعة قائمة المستلزمات التي كانت قد دونتها زوجته “وفاء”،  ليتأكد من تمام شراء كافة بنودها.

أيضاً لم يُغفل الأب الاطلاع على تلك القائمة التي دائماً ما يحتفظ بها في جيب محفظته، ليُذكر بها نفسه وزوجه وابنه.

تلك القائمة التي تضُم أسماء الشركات والبضائع التي امنتعوا عن شِرائها، بسبب مساهمتها في دعم الاقتصاد الصهيوني الغاشم والأمريكي المُوالي، باحثاً عن البديل لتلك المنتجات المقاطَعَة، في محاولة يرجو منها توطيد بُغض الظلم والظالمين في نفسه، ونفوس أفراد عائلته، وابتغاء نيل شرف نُصرة الحق وأهله بقدرما يستطيعون.

مؤقتاً رُفعت جلسة الحديث عن موضوع الساعة، تحت وعود باستئناف لاحق لها. ساعات من النقاشات المُطولة غَمرت غُرف المحادثات الإلكترونية والصفحات الرسمية على مواقع التواصل الإجتماعي، التابعة لجُملة من المدراس الدولية، والتي تُعنى بالإجابة عن كافة التساؤلات التي قد تطرأ على أذهان الأهالي، الحالمين بانضمام أبنائهم لمِثل تلك المدراس منقطعة النظير.

المصاريف الأسطورية

فمتى يُفتح باب التقديم إليها؟ وما المصاريف اللازم سدادها للالتحاق بها؟ وهل يشترط أن تدفع تلك المصاريف الأسطورية جُملة واحدة أم يقبلون الدفع بالتقسيط؟  ما هي منهجية التدريس وطرق التعليم التي تتبناها تلك المدارس؟ ما هي الخدمات والأنشطة الدراسية والصفية التي توفرها لطلابها؟ ما كفاءة وجنسيات المُدرسين والمُدرسات العاملين بها؟ وغيرها الكثير لتتمنى الأهالي بشدة إلحاق أطفالهم بإحدى تلك المدارس الدولية المشهورة، وحصولهم على المستوى التعليمي الحديث المحاكي لمناهج الغرب المُتحضر، والذي سيحقق لأبنائهم بكل تأكيد، النجاح والقدرة على مواكبة التقدم الغربي، ويضمن لهم مقاعد التوظيف أوالسفر أوالهجرة في معترك حياتهم المستقبلية، ليُعكر صفو هذه الأماني الحالمة مشاعر قلق بغيض، وخوف شديد من عدم قُدرتهم على سداد مصاريفها الباهظة، أو من عدم قدرة أطفالهم على اجتياز اختبارات القبول بها، لذلك أخذوا يتبادلون قوائم تضم أهم المعارف التى يجب على الطفل أن يتعلمها قبل أن يتقدم لاختبارات القبول، والأسئلة التي يتم طرحها في المقابلة الشخصية للأطفال ولأولياء الأمور مع إجاباتها النموذجية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وفي خضم ملحمة القلق والحيرة التي سيطرت على أذهان الأهالي، كانت “مودة” تتابع باهتمام بالغ سيل الأسئلة المَطروحة وإجاباتها، و لم تنتبه إلا وقد داهمها عدوى القلق المنتشرة على مستقبل ابنتها ذات الأربع أعوام.

حاولت قليلاً أن تتجاوز عدوى القلق التي لحقت بها واختارت أن تسلك سبيلاً آخر في صياغة أفكارها وتساؤلاتِها والبحث عن الطريق البديل .. فهل يجدر بها التقديم لطفلتها إلى المدرسة في هذا السن أم ماتزال صغيرة؟ وهل ستستطيع تحمل مصاريف تلك المدارس إذا ما أرادت أن تلحق ابنتها بها؟ وهل ستتكفل نُظُمها التعلمية الغربية التي تقدمها تنمية حقيقية لوعي ابنتها يتيح لها ولوج أبواب المعرفة السليمة والأخلاق الفاضلة؟ وهل ستتكفل بحفظ هويتها العربية والإسلامية والاعتناء بتعليمها اللغة العربية؟ وإذا لم يتوفربها تلك المعايير فما البديل عنها؟

فجأة تستعيد “مودة” وعيها الغارق في التفكير وتنتبه لنداء أميرتِها الرقيق المُعلِن عن حال استيقاظها تَوَّاً من مملكة نومها الهانئ وقد استهلتْ يومها في البحث عن مسكنِها الآمن بداخل حصن والدتها الحنون..

لا بأس فلاحقاً ستُشارك “مودة” زوجها التفكير ليحاولوا الوصول معاً إلى قرار صائب بهذا الشأن بقدر ما يستطيعون ولتغتنم ساعاتها الحالية في الأنس واللعب مع أميرتها الصغيرة..

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضا:

كابتن سولي والولد الصغير – أزمة المعيار في عالمنا اليوم

صراع منطقة الحزام الأصفر .. تأملات في فيلم الذهب الأسود

حب عاقل ينعش صاحبه.. لما لا نحاول أن نرتقي بقيمة الحب

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة