قديمًا كنت أسمع هذه العبارة
الحياء جزء أصيل من تصور الإسلام للمجتمع، ولذا تراه يوصيك به، ويشجعك على احترامه، الحياء صيانة غير مرئية لمجمل العلاقات الإنسانية، فأنت تترك بعض الأفعال حياء من نفسك أو من الناس أو من الله، وأنت تترك بعض ما لك حياء من مجرد الطلب، وأنت بذلك لا تترك شيئًا مهمًا كما قد تتصور، ولكنك تصون نفسك عن الابتذال، وهذا مكسب هائل!
في المناطق الشعبية والأرياف يقول الناس: “فلان وشه مكشوف”! يقصدون بذلك أنه لا حياء له، لا يوجد بداخله هذا الحاجز المنير الذي نسميه الحياء، لقد فقد الرّادع الذاتي، وبمقدور صاحب الوجه المكشوف أن يفعل أي شيء، ويجب أن تتجنب هذا الذي انكشف وجهه!!
وفي المشاجرات العنيفة قد يهدد أحد الخصوم بخلع ملابسه، في إشارة إلى قدرته على الانشكاف وهتك الأسرار، أسراره وأسرار الناس، هذا يعني أن الباب صار مفتوحًا لكل إثم. ولذلك قِيل: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت!”، هذا ليس كلامًا عاديًّا، هذا من كلام النبوة!
الحياة دون حياء صعبة قاسية
الحياء حماية وصيانة للفرد كما أنه حماية وصيانة للجماعة، ولذلك جعله الإسلام شعبة منه، ولم يضع له إطارًا محددًا، وإنما تركه للمجتمعات، فلكل زمان حياؤه، ولكل ثقافة حياؤها، لا يوجد في الإسلام حـدٌّ اسمه حد الحياء، بل لا يوجد ذنب باسمه، ولكن الإسلام يدعوك إلى تنمية نور الحياء داخلك، العلاقات الإنسانية كلها: الأخوة، الصداقة، الحب… كل هذه العلاقات الأساسية ستكون في خطر حين تتجاهل رداء الحياء الشفيف الرهيف الحامي لها.
قديمًا كنت أسمع هذه العبارة من أهلنا في الريف: “بلاش الموضوع، بلاش كسوف!”
كثيرًا ما ننظر اليوم إلى مثل هذه العبارات بتعالٍ غير مفهوم، لقد استثمرنا إلى أقصى حد في تنمية المشاعر الفردية والنزوعات الفردية، ونسينا حقوق الناس التي كان آباؤنا يحرصون عليها ويدعون في نهاية مجالسهم قائلين: “اللهم اغفر لأصحاب الحقوق علينا”.
لا أدعوك بالتأكيد إلى تجاهل الفردية، ولكني أذكرك بأننا نعيش في جماعة، وأنه لا حياة لنا -على الأقل في دوائرنا القريبة- دون التغاضي عن بعض ما لنا من أجل كرامة الذين نحبهم، بعض التوازن مطلوب، والحياة دون حياء صعبة قاسية!
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا