مقالاتقضايا شبابية - مقالات

في يوم الأرض، الأرض كل الأرض  لنا!

يوم الأرض

يوم الأرض هو يوم عالمي يتم الاحتفال به سنويا في الثاني والعشرين من شهر أبريل، وهدفه التوعية ونشر ضرورة الاهتمام بالبيئة الطبيعية لكوكب الأرض والحفاظ عليها ومكافحة أشكال التلوث المختلفة، وتقام العديد من الفعاليات التي تصب في هذا الهدف في دول مختلفة في هذا اليوم، وبعض الجمعيات تحتفل به لمدة أسبوع فيما يعرف بـ”أسبوع الأرض”.

في عام 1976م أقدمت السلطات الإسرائيلية بقيادة إسحاق رابين على انتهاك للأرض الفلسطينية، ولكنه من نوع مختلف قليلا عن ذلك الذي يندد به الذين يحرصون على إحياء يوم الأرض في الثاني والعشرين من أبريل.

ليس انتهاكا جديدا على السياسة الإسرائيلية، بل أصيل فيها ومتجذر وعلى أساسه قامت بشكل كبير!

في الثلاثين من مارس

صادقت الحكومة الإسرائيلية في 29 فبراير 1976م على مصادرة 21 ألف دونم من أراضي الفلاحين الفلسطينيين في الجليل من أجل تحويلها لمستوطنات إسرائيلية،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إلا أن الفلسطينيين لم يرضوا بهذا الانتهاك الجديد القديم ونزلوا الشوارع في الثلاثين من مارس معلنين رفضهم، ومتصدين للآلة الإسرائيلية الوحشية وعم الإضراب أرجاء البلاد في تحدٍّ للهمجية الإسرائيلية التي قابلت المتظاهرين العزل بإطلاق النيران بشكل عشوائي؛ ما أدى لسقوط عدد من الشهداء والكثير من الجرحى والأسرى.

في الثلاثين من مارس من كل عام يحيي الفلسطينيون ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، يوم تصديهم لعنجهية الاحتلال الإسرائيلي، ووقوفهم ضد انتهاك أرضهم التي عاشوا عليها وزرعوا أشجارها وبنوا عليها بيوتهم وقراهم ومدنهم! هو يوم الأرض الفلسطيني، رمز لنضال الشعب الفلسطيني لاستعادة أرضه.

كل يوم هو يوم الأرض المسلوبة

ولكنه في الحقيقة ليس يوما واحدا في السنة الذي يجدد فيه الفلسطينيون عهدهم لأرضهم وتسيل دماؤهم دفاعا عنها، بل إن كل يوم على أرض فلسطين المحتلة هو يوم للأرض الفلسطينية المسلوبة من أهلها وشعبها.

كل يوم تتجدد البطولات الفلسطينية.

كل يوم يضرب الفلسطينيون أروع أمثلة التضحية بالنفس من أجل إعلاء قيم العدل ورفض الظلم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كل يوم يتحدى الفلسطينيون العنجهية الإسرائيلية التي قامت على أساس حق القوة، على أساس أن من بيده العصا يستطيع أن يحكم ويفرض إرادته!

صمود الفلسطينيين أمام الانتهاكات المستمرة

مبدأ غريب عن الفطرة الإنسانية وعن العدل وعن قيم الحرية والمساواة، التي تنادي بها المنظمات الدولية والدول “المتقدمة” كل يوم ثم لا تلبث أن تعلن بوضوح دعمها لإسرائيل في تناقض يسهل لمن يملك أدنى حد من عقل ومنطق أن يعرفه ويكتشفه؛ ليكتشف زيف تلك الدعاوى والتصريحات وكذبها!

ولا تزال السياسة الإسرائيلية مستمرة في ممارسة الانتهاك الممنهج للأرض وللشعب الفلسطيني، ولا تزال مستمرة في مصادرة أراضي الفلسطينيين وبيوتهم بالقوة وإخراجهم منها وإحلال المستوطنين الإسرائيليين مكانهم.

ولا يزال الفلسطيني يواجه ويقاوم ولا يستسلم أبدا ولا يتنازل عن حقه في أرضه التي أخذت منه بالقوة.

يواجه الفلسطيني فكرا ماديا متوحشا يحول الإنسان إلى ذئب ينهش أخيه الإنسان متى ما تمكن منه، وهذا الفكر مسلح بأحدث أنواع الأسلحة والتقنيات ومدعوم من أكبر القوى العالمية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكنه يواجهه وينتصر! يحقق يوميا انتصارات على هذا الذئب المتوحش ليرعبه ويجعله يفكر ألف مرة قبل أن يصدق أكذوبته أن فلسطين أرض بلا شعب!

بل هي أرض يسكنها شعب أبي يحمل على عاتقه مسئولية الدفاع عنا جميعا ضد هذا الذئب وهذا الفكر المتوحش، يدافع عن الأرض ضد الانتهاك المستمر لها، وعن الإنسانية وقيمها ومبادئها ضد هذا التعدي السافر.

بتغريدة ترامب يسلب الأرض بكل بساطة

هذا الفكر المتوحش المتمثل في مبدأ حق القوة يعبر عن نفسه بوضوح في تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسياساته الخارجية.

ففي “تغريدة” له على “تويتر” في الحادي وعشرين من شهر مارس للعام الحالي 2019م أعلن أن الوقت قد حان لاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية!

نعم، بتغريدة على موقع تواصل اجتماعي يسلب ترامب بكل بساطة أرضا من شعبها ثم يهديها لغيرهم! وكأنه يتحدث عن شقة يمتلكها أو سيارة، ليس عن أرض وجزء من دولة أخرى عاش عليها أهلها، بنوا فيها بيوتهم وارتبطت بها ذكرياتهم وأحلامهم!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ثم أتى بعدها ليوقع “وثيقة” تقضي بالاعتراف بسيطرة إسرائيل على الجولان السوري!

أي انتهاك للأرض أكبر من ذلك؟!

بل أي انتهاك هذا لكل القيم الإنسانية وحتى الأعراف الدولية؟!

هذا الفكر المتوحش يشكل خطرا حقيقيا على الإنسانية، يهدد وجودها فعلا، فالقوي يستبيح الضعيف، بل يسحقه، والغني لا يعبأ بالفقير ويبني على عظامه ناطحات السحاب!

هذا الانتهاك الفج يحتاج منا أن نتحد لمواجهته ومقاومته وأن ندعم كل جهد مقاوم ونشجعه.

نقاوم تلوث الضمير الإنساني بهذه الأفكار والمعتقادات!

يحتاج منا أن نقتدي بالفلسطيني في دفاعه عن أرضه وعرضه وقيمه الإنسانية، فنرفض انتهاك الأرض والإنسان أيضا!

____

المصادر:

 

اقرأ أيضًا :

“فلسطين حرة.. ستبقى قضيةً حية”

القضية الأهم في عالمنا اليوم.. كيف ننصر فلسطين؟

فلسطين ومركزية القضية

داليا السيد

طبيبة بشرية

كاتبة حرة

باحثة في مجال التنمية العقلية والاستغراب بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

حاصلة على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة