في هذا الطريق ملايين
خرافة اختلاف الأجيال
هناك خرافة اسمها اختلاف الأجيال، تجد شخصا ما يرى ابنه أو ابنته غير ملتزمين بالدين، أو يفعلان أشياء لا تتماشى مع العادات والتقاليد في بلادنا، فيسكت ويقول أن هذا بسبب اختلاف الأجيال! إن جيلهم يختلف عن جيلنا، وجيلنا يختلف عن جيل آبائنا، ولكن في الحقيقة هذه خرافة لا تتماشى مع العقل.
كل الأجيال تمر بمرحلة طفولة وتصرفات الأطفال، يبكي حين يرفض ويصرخ حين يريد، ثم مرحلة المراهقة والشباب، جسد بالغ وعقل متهور عديم الخبرة، ثم مرحلة بلوغ عقلي وقوة واستقرار، ثم مرحلة خبرة عقلية وضعف جسدي، ثم مرحلة شيخوخة وضمور وموت.
لم نسمع عن جيل لم يمر بهذه المراحل، وفي كل مرحلة يظن الجيل أنه مختلف! هو في الحقيقة مختلف في الأدوات، لكن تحركه نفس المشاعر والأفكار والرغبات. الشاب المتمرد على والديه منذ 100 سنة كان يريد تقليد صورة حمقاء ويقول لأبيه نفس الكلام الذي يقوله شاب متمرد اليوم!
الفارق أن الشاب من 100 سنة كان يرى الصورة التي يقلدها في الصحيفة أو المجلات أو إعلانات السينما، بينما اليوم يجدها على شاشات المحمول والحاسوب.
الواقع الأليم
نفس الأفكار، نفس الرغبات، لكن الوسائل فقط هي التي تغيرت، من رسالة مكتوبة بالقلم والورقة في خطاب بالبريد، إلى رسالة على الواتس آب! نفس الحب، نفس الخوف، نفس الحماقات، نفس الشهوات، نفس الأحلام والخيالات.
بل ونفس الغرور الذي يشعره المراهق، ونفس الأحلام الوهمية التي يعيشها الشباب قبل أن يصاب بصدمات وصفعات الحياة والواقع، ونفس غياب الحكمة! نفس المراحل!
وفي كل جيل يعتقد المراهقون والمراهقات أنهم لم يظهر مثلهم في التاريخ، وأن أحلامهم ورغباتهم لم يسبقهم إليها أحد، وأن العالم سيتغير على أيديهم وبهم كما لم يحدث من قبل!
ويستمر الحلم، إلى أن يفيقوا على الواقع الأليم، وتتبخر الأحلام، أو كما كانت تقول لي أمي: “اللي ما يربيهوش أبوه وأمه.. يربيه حزن الأيام والليالي!”.
عزيزي الشاب.. لا أنصحك بالغرور والصلف، والثقة الزائدة بنفسك وقدراتك وأفكارك، أو اعتقاد أنك تفهم وتعرف أكثر من أبيك وأمك، استمع إليهما ولنصحهما، واستفد بحكمتهما وخبراتهما.
فقد مر مثلك في هذا الطريق ملايين وملايين ممن كانوا يوما ما شبابا مثلك، وانتهوا مثل من قبلهم، حيث رباهم حزن الأيام والليالي!