مقالاتفن وأدب - مقالات

فيلم بطاريق السيد بوبر (Mr. Popper’s Penguins)

رسالة إلى كل أب .. بطاريق السيد “بوبر” (Mr. Popper’s Penguins) هو فيلم عائلي كوميدي أُنتج عام 2011، الفيلم من إخراج “مارك ووترز”، سيناريو “شون أندريس” و “جون موريس” وبطولة عدد من الممثلين منهم “جيم كاري”، “كارلا جوجينو”، “مادلين كارول”، “ماكسويل بيري”، و”أنجيلا لانسبيري”. حقق الفيلم إجمالي إيرادات بلغت حوالي 55 مليون دولار أمريكي، كما وصل تقييمه بقاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت لـ 6/ 10.

تُطلعنا أحداث الفيلم على عدة مشاهد من حياة توماس بوبر” جيم كاري” تبدأ منذ طفولته التي افتقدت لوجود والده وحُرمت من رعاية واهتمام هذا الأب الغائب عن ابنه الوحيد وزوجته بسبب رغبته في تحقيق حلمه بالسفر والترحال حول العالم وشغفه بالكشف عن المعالم الأثرية في شتى بقاع الأرض.

تمر الأحداث سريعًا ويكبُر صبي الأمس “بوبر” ويصبح موظفًا لدى إحدى شركات التطوير العقاري التي تُعني بشراء عدد من المشاريع العقارية القديمة التي لم تعد تحقق أرباح مادية جيدة، وتقوم بهدمها وإعادة بناء مشاريع عقارية أخرى على أراضيها تحقق أرباحًا مادية أكبر كالمحلات التجارية والمولات والفنادق وغيرها.

وبلا شك سيُدهشك السيد “بوبر” بخططه الرهيبة ووسائله العجيبة التي اعتاد أن يستخدمها لإقناع أصحاب تلك المشاريع العقارية قليلة النفع المادي للموافقة على عروضه السخيّة، حيث لا تخلو تلك الأساليب من التلاعب على أوتار العواطف ونسج الخيالات والأوهام في أذهان عملائه.

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إلّا أن تلك الأساليب والحيل المُفتقِرة للأخلاق الحسنة لم يُكتب لها الفلاح دومًا، فعلى الرغم من نجاحها في إقناع السيد “جريمينز” في بيع آخر بناية يمتلكها من أجل التفرغ للإبحار حول العالم وتحقيق حلمه المُندثر منذ سنين، إلا أنها  قد أخفقت في استمالة السيدة فان جاندي “أنجيلا لانسبيري” إلى بيع مطعمها التي وَرِثت إدارته عن أجدادها منذ عدة أجيال؛ لأنها لم تجد في شخص “بوبر” تلك المقومات التي كانت تبحث عنها فيمن يستحق أن تبيع له مطعمها الفاخر.

أيضًا تُطلعُنا أحداث الفيلم على مشهد آخر من حياة بوبر وهو بوبرالأب المنفصل عن زوجته أماندا “كارلا جوجينو” ولديه طفلان هما جينين “مادلين كارول” وبيلي ” ماكسويل بيري” اللذان يعيشان مع والدتهما وأحيانًا ما يذهبا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع برفقة والدهم على فترات متقطعة.

فأقل ما توصف به علاقة “بوبر” بأولاده أنها علاقة سطحية لا تراعي احتياجات أطرافها من حب ودعم عاطفي، علاقة تفتقر لروح المشاركة والاحتواء وغياب الأب عن ساحة الاهتمام بمشكلات أطفاله، علاقة بلا تواصل مؤثر حوارات قليلة بلا إنصات.

لكن لا تستمر تلك العلاقة الأسرية على حالها الهشّ طويلًا، حيث يعتريها تغير ملحوظ جاء مُصاحبًا لقدوم ستة من البطاريق التي ستضيف على حياة “بوبر” جانبًا مليئًا بالمرح والفانتازيا والتي ستُساهم بصورة أو بأخرى في توطيد علاقته بأسرته.

كانت تلك البطاريق هدية من والد “بوبر” كتعبير له عن شديد الحزن والأسف الذين نالا منه بسبب غيابه الطويل عن ابنه في محاولة أخيرة منه تُعوضُه مرارة البُعد التي أثرت بالسلب على شخصية ابنه.

فقد استطاع “بوبر” أن يفهم الدرس جيدًا ويستخلص منه المواعظ والعبر، فلم يتخذ من فراق والده له وافتقاره للمسات حنانه وعطفه طوال حياته حُجّة تبرر له ما آلت إليه علاقته الهامشية بأولاده، فلم يقبل أن يُعيد الكرَّة التي نالت من والده ندمًا من جديد، كما لم يكتفِ بتحصيل الفهم والوعي دون سلوك يدعمه؛ لذا اتخذ قراره بالإبقاء على بطاريقه الستة في شقته عندما وجد شّدة تعلق أطفاله بهم، وحاول التكيف مع وجود هذه البطاريق في شقته و اجتهد في توفير المناخ الملائم لهم واعتنى بصغارهم كما لو كانوا أفرادًا من عائلته، لتتغير حياة “بوبر” بالكُليّة وتصبح علاقته بأسرته علاقة قوية ومتماسكة يشملها الحب والاحتواء وساعات من المرح واللعب.

أخيرًا ما يزال يحمل الفيلم في جعبته المزيد والمزيد من الأحداث والمشاهد المرحة والمشوقة التي لم نتعرض لها في موجز هذا المقال؛ لذا أنصحك قارئي العزيز بمشاركة عائلتك أجواء المُتعة التي ستُضفيها مشاهدتكم معًا لهذا الفيلم، مع تمنياتي لكم بقضاء أطيب الأوقات وأسعد اللحظات.

 

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة