الكيف ( الجزء الأول ) – تأملات في بعض مشاهد هذا الفيلم العربي القديم
فيلم الكيف فيلم مصري من إنتاج سنة ١٩٨٥، بطولة يحيى الفخراني ومحمود عبد العزيز وجميل راتب، إخراج علي عبد الخالق وسيناريو وحوار محمود أبو زيد
الفيلم يدور حول الأخوين صلاح (يحيى الفخراني) الكيميائي المحترم الوقور المؤمن بالقيم والأخلاق التي ورثها عن أبيه المتوفى رجل التربية والتعليم، وجمال (محمود عبد العزيز) الراسب في كلية الحقوق والمتحرر من أي قيمة غير المصلحة والمنفعة، حيث يعمل متعهد أفراح بلدي ويريد أن يصبح مغنيا رغم صوته الرديء وأداءه المتدني.
قصة الفيلم أنّ صلاح أراد أن يقنع أخاه جمال بأنّ المخدرات عبارة عن وهم وأثرها غير حقيقي، فصنع له قطعة مخدرات “فالصو” من الحنة وبعض المركبات الكيميائية الخالية تمامًا من أي مخدر، وبالفعل ينخدع جمال بها حتى أنه يبيعها لتاجر المخدرات المسمى “البهظ” (جميل راتب) الذي يضيف إليها المادة المخدرة ويبيعها بأسعار باهظة جدًا.
لماذا فيلم الكيف ؟؟
لأن المتأمل للحوارات الدائرة فى الفيلم، يكتشف أن النجم الحقيقى ليس الممثلين، إنما هو الحوار العبقري الذي كتبه الراحل الرائع محمود أبو زيد، والذي وضع فيه العديد من حالات الجدال المنطقي الذي يوضح فيه “المنطق وراء العبث” المنتشر في مجتمعنا ونراه ونلمسه في جميع جوانب حياتنا
في رحلتنا مع فيلم الكيف ، سنستعرض مقاطع بعينها فى الفيلم، نسرد الحوار (مع قليل من الاختصار)، ثم نعيد صياغة ما فيه من منطق ونحلله، لنرى …. ونفهم ….. ونتأمل
…………………………..
(١) الدقيقة 6:16
خارجي داخل تاكسي، صلاح وجمال جالسان بالخلف …. السائق (لم يُذكر اسمه) بالأمام يقود التاكسي، فى كاسيت التاكسي أغنية شعبية صاخبة لمطرب (دوفة الأياط) سيء الصوت والأداء ينشد “البيلي بيلي باه …. البيلى بيلى بوه ………. “
صلاح (مستاءً): لو سمحت ياسطى ممكن توطي البيلي بوه ده عشان عندي صداع شوية ؟؟!!!!!
السائق: حاضر يا أستاذ …. الظاهر ان الأغنية مش عاجباك
صلاح (منفعلًا): وهي دي أغنية برضه ؟؟!!!!!!!
السائق: معاك حق، أنا فى الأول الأغنية ما كانتش عاجبانى، لكن لما ودنى خدت عليها عششت في نافوخي …. وكيفتني
صلاح: كيفتك ؟؟!!!
السائق: أهي حاجة تدوش الطاسة
صلاح: وهيّ الطاسة ناقصة دوشة ؟؟! ما الدنيا مليانة دوشة أهيه
جمال: لازم ندوش الدوشة بدوشة أدوش من دوشتها، عشان ما تدوشناش
السائق (مبتسمًا): تمام يا مفهومية…
الإلحاح
هنا نقطتان: الإلحاح …. والرد التغلب على الخطأ بخطأ مثله أو أكبر منه
أما الإلحاح، فبالفعل، يمكن ببساطة وبغير كثير من الجهد في الإقناع أن ننشر الباطل والسيء والبذيء، وذلك بتكراره وتجاهل كل صيحات العقول نقية الفطرة، وهو تماما ما يفعله كل إعلام كاذب وفن فاسد.
ببساطة أطلق الكذبة أو الفن البذيء …. ستجد إعتراضًا ….. استمر فى النشر دون حتى الرد على الاعتراض، ثم استمر واستمر في النشر حتى تفسد الفطرة النقية وتتلوث بفساد الكذبة وبذاءة الفن.
مع الوقت، تصير الكذبة حقًا والفن البذيء هو قمة الإبداع!
التغلب على ذلك يكون ابتداءً بتكوين مجموعة من القيم والمبادئ الثابتة التي عليها يقاس كل خبر ويوزن كل فن …. ولا تكون المرجعية في الحكم على الأشياء فقط هو الانتشار أو تقبل المحيطين
الحق هو الحق مهما ندر
والكذب هو الكذب مهما انتشر
الرد على الخطأ بخطأ
النقطة الثانية هى الرد على الخطأ بخطأ … على البذاءة ببذاءة …. على الفساد بفساد
للأسف رغم وضوح هذا المبدأ وظهور خطئه، إلا أنه الأكثر انتشارًا.
أكثر تبريرات دفع الرشوة هو انتشارها واستقرارها كوسيلة لتسيير الأعمال
التغلب على ذلك يكون بفضح الخطأ أولًا …. ثم محاولة فرض الصحيح والمجاهدة في ذلك
ويسهّل ذلك الأمر، تكاتف الخيّرين معًا في وجه الشر
لو دوشت الدوشة بدوشة أدوش من دوشتها …. برضه حتتدوش …. ومش حتلاقي مكان هادي في الدنيا ترتاح فيه من الدوشة
يتبع..
اقرأ أيضاً: