مقالاتقضايا شبابية - مقالات

المرأة في يومها العالمي، ما الهدف الخفي وراء المطالبة بحقوق المرأة وحريتها؟؟

فى يوم 8 مارس عام 1908 خرجت الآلاف من النساء العاملات النسيج في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في مظاهرات احتجاجية اعتراضًا على الظروف اللاانسانية التي كانت تُجبر المرأة وقتها على العمل تحتها، وكانت من جملة مطالبهم تحسين ظروف العمل ومنح النساء حق التصويت، وقد شكلت هذه الحركة بداية تحركات نسائية أخرى موجهة إلى المطالبة بحقوق المرأة على جميع الأصعدة وخاصة السياسية ومساواتها بالرجل، وقد وجدت تلك الدعوات لنفسها طريقًا للانتشار في الولايات المتحدة وأوروبا والدول الغربية تحديدًا على مدار عشرات السنوات حاملة في مضمونها اعترافًا صريحًا بمدى فداحة الظلم السياسي والاجتماعي والحقوقي الواقع على المرأة في تلك الفترات، فكان شعارها الأساسي والرئيسي باختلاف تفصيلاته هو الدعوة الى تحرر المرأة الكامل من كافة أشكال الظلم والاضطهاد والمطالبة بالحقوق المسلوبة. وقد جاء قرار منظمة الأمم المتحدة في عام 1977م بتخصيص يوم الثامن من شهر مارس كيوم سنوي للاحتفال عالميًا بالمرأة كأثر لحركات النضال النسائية التي استمرت لسنوات ونتيجة لإصدار العديد من المقترحات من جانب دول الغرب بأمريكا وأوروبا بتخصيص يوم للاحتفال بالمرأة.

إن هذا التخصيص والاحتفال إنما جاء ليكون معبرًا عن نجاح المرأة في نيل حرياتها واستعادة كرامتها المفقودة، ولكي تكون دعوة لجميع دول العالم للاقتداء بنموذج الدول الغربية في السير على نفس درب الرقي الحضاري الذي تبنته باتجاه المرأة وإنصافها وتكريمها، فهل تم إنصاف المرأة غربيًا وعالميًا بالفعل؟ وهل يمكن اليوم القول إنّ المرأة الغربية قد حصلت على جميع حقوقها المسلوبة؟ وأنها في ظل هذا النظام العالمي الذي نعايشه اليوم هي أكثر كرامة وصيانة وحفظًا من ذي قبل بحيث يمكن لنا أن نفخر بمدى الحرية التي وصلت اليها؟

إن من أهم ملامح وسمات الفلسفة الغربية المادية في عصرها الحالي في ما بعد الحداثة والذي يؤرخ له تحديدًا بنهايات الحرب العالمية الثانية، أن تحول اهتمام الأفراد نحو نزع القداسة عن كل قيمة ومعنى سوى قيمة المادة، فلا تمجيد سوى لقيمة اللذة المادية ولا سعادة سوى تلك الناجمة عنها، حيث تضافرت جهود كل المؤسسات والقوانين لتعظيم قيمة تلك اللذة وربط سعادة الإنسان بها من خلال تعظيم قيمة الشهوة في جميع أشكالها؛ بما فيها شهوة الامتلاك، شهوة السيطرة، وشهوة الجنس، وهو ما نتج عنه سيادة لثقافة الاستهلاك وثقافة الحرية الجنسية بشكل عام، من قبيل الممارسة الجنسية العلنية، الإجهاض، العري العلني، إصدار ونشر المواد الإباحية من مطبوعات وأفلام سينمائية ومواقع للإنترنت، صناعة واستهلاك الحبوب المثيرة للشهوة، تقنين الدعارة، والمثلية الجنسية وغيرها الكثير.

هذا المعنى الرئيسي لمادية السعادة في فلسفة الحضارة الغربية هو ما أكد عنه الدكتور المسيري موضحًا كيف أن (يتحول العالم بأسره على مادة استعمالية لا قداسة لها ولا خصوصية ولا مرجعية لها سوى المرجعية الكامنة في المادة، أي ما يسمى بقوانين الحركة، (آليات السوق-المنفعة المادية-شهوة السلطة-الجنس-علاقات الانتاج). ومن ثم يمكن توظيف هذه المادة في أي غرض وبأي طريقة دون أي تحفظات أو حرج.)[1]

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فيا تُرى أين كان موقع المرأة في ظل هذه الفلسفة المادية!

لقد كانت النتيجة أن سخرت الحضارة الغربية المرأة لخدمة كل أهدافها النفعية والمادية، فاستبيحت المرأة وتم استغلالها بحيث صارت تعامل كالسلعة التي لا قيمة لها سوى إثارة شهوة الرجل، وإثارة النزعات #الاستهلاكية، وأصبحت مادة استعمالية لاستهلاك منتجات شركات التجميل وتجار الجنس ومصدر الثروة لأباطرة الدعاية والإعلام وشركات الإنتاج السينمائى والفيديو كليب، وأصبحت الاعلانات التجارية لا تكاد تخلو من صورة أمرأة جميلة وشبه عارية تتغنى في دلال، وصار الإغراء مهنة، وأصبح الرجل الغربي يبيع أمه وزوجته وابنته على الشاشات والاعلانات على صفحات المجلات والأرصفة والمواقع التي لا غنى فيها عن استغلال جمال النساء وجاذبيتهن للترويج للسلع المختلفة ولزيادة نسبة المشاهدة على القنوات والبرامج الاعلامية ولم يسلم من ذلك حتى نشرات الأخبار. فإن كان “هدف الإعلان التليفزيوني اقتصادي استهلاكي (بيع سلعة ما) ولكنه يوظف الجنس للترويج لهذه السلعة، … فاحتساء الشاي لا تكتمل متعته إلا من أيد رقيقة!! والإعلانات عن قشرة الشعر أو البشرة تجعلنا نحس أن الجنس البشري كله قد أصيب فجأة بالأمراض الجلدية! ولكن لو شفي المرء منها فإن جاذبيته الجنسية لا يمكن أن تقاوم ! “[2]

تطالعنا إحصائيات منظمة الصحة العالمية عام 2013 بأنّ 35% من نساء العالم يتعرضن لأحد مظاهر الأذى الجسدي بداية من الضرب والتشريد مرورًا بالاجهاض ونهاية بالتعذيب أو القتل أو الإتجار. كما تؤكد التقارير على أنّ ما لا يقل من 30% من النساء حول العالم تعرضن في حياتهم لمرة واحدة على الأقل لشكل من أشكال العنف الجنسي سواء بالتحرش أو الاغتصاب. وتشير التقديرات إلى أكثر من 130 مليون امرأة وفتاة تعرضت للتشويه الجنسي. أما عن حجم المبيعات العالمية في مستحضرات التجميل فقد بلغت وفقًا للتقارير 170 مليار دولار، 40 مليارا منها في الأميركتين، و60 مليارا في أوروبا، و60 مليارا في أستراليا وآسيا، و10 مليارات في إفريقيا. كما أكدت التقارير نجاح صناعة مستحضرات التجميل في توليد 35 مليار دولار في الاقتصاد العالمي في عام 2010م، وتوقع استمرار معدل النمو المستقبلي يمكن أن تصل الى 42 مليار دولار.

إن كل هذا إنما يدل على أن هذا العصر الذي نعيشه في ظل انتشار ثقافة الحضارة الغربية والنظام العالمي الحالي هو عصر #استعباد_المرأة واستغلالها بامتياز كرمز للشهوة والاستهلاك، وتوظيفها كأيقونة للانتفاع والدعاية بهدف زيادة الأرباح وتعظيم قيمة اللذة وتنمية الجانب الحيوانى لدى البشر!! وإن كانت تلك الثقافة هي واقع حال العالم الغربي اليوم ففي مقابل هذه المنظومة التي حقرت من شأن المرأة وأهانتها وسلبت منها كل معاني العزة والكرامة وحولتها إلى عنصر فساد في المجتمع، كانت الرؤية الإلهية التي عظمت من شأن النساء واعتبرتها شريكا في الإنسانية وعنصرًا فعالًا له دوره الإيجابي في بناء الإنسان والمجتمع وتقرير مصائر الأوطان، وأرسلت التشريعات والقوانين التي تكفل للمرأة حقوقها في كافة المجالات في نفس الوقت الذي تصون فيه عفتها وحياءها. فهل هذا التكريم المصدَّر إلينا من الخارج هو التكريم الملائم للمرأة؟! وأى حرية و#حقوق_للمرأة يمكن للمجتمع الغربى الادّعاء بها بعد ذلك؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

#بالعقل_نبدأ

#إنسان_عاقل_لمجتمع_فاضل

المصادر:

-ويكيبيدا

اضغط على الاعلان لو أعجبك

– موقع مقالات د. عبد الوهاب المسيرى
http://www.elmessiri.com/articles.php

– موقع منظمة الصحة العالمية
http://www.who.int/mediacentre/factsheets/fs239/ar/

[1] (الأمركة والكوكلة والعلمنة) د. عبد الوهاب المسيري

  [ 2] (الاعلام والامبريالية النفسية)    د. عبد الوهاب المسيري

اضغط على الاعلان لو أعجبك

دينا خطاب

باحثة في علوم التفكير والمعرفة

فريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة