أسرة وطفل - مقالاتفن وأدب - مقالاتمقالات

شاهدت فيلم فضل ونعمة

الفيلم يتناول موضوعًا شائكًا جدًا في مجتمعاتنا اليوم..

علاقة الآباء والأمهات الحاليين –جيل مواليد الستينيات والسبعينيات والثمانينيات– من ناحية، بأبنائهم وبناتهم من ناحية أخرى –جيل مواليد التسعينيات والألفينيات–.

الفرق بين التربية قديما وحديثا

جيل الآباء والأمهات الحالي عاش تجربة أن يحترم أباه وأمه، وينظر لهم باحترام وإجلال، تربى على أن يخاف من العقاب، وينفذ الواجبات.

ثم جاءت أفكار ما تسمى التربية الحديثة، والتربية الإيجابية، مبنية على نصائح من يسمون أنفسهم متخصصين، دون أي بحث علمي يثبت أو ينفي فاعلية هذه النصائح.

خلاصة النصائح النفخ وتضخيم ثقة الأبناء والبنات بأنفسهم، كي يخرج طفل واثق من نفسه، ومتفائل، ومش معقد وجريء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أيضًا تفادي العقاب الجسدي أو اللفظي، بل وظهرت القوانين التي تعتبر العقاب الجسدي واللفظي للأبناء على أنه جريمة يعاقب عليها القانون.

هل أبناء جيل الألفية أكثر نرجسية من غيرهم؟

فضلًا عن ترك الأبناء والبنات لتربية وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، تحت شعار الفرح بالتليفون المحمول والتطبيقات المبهرة التي تلهي الابن والفتاة.

بالتدريج ظهر جيل الأبناء النرجسي! شخص تافه لم يحقق أي شيء في حياته، لكن يحاسب أباه وأمه كأنه فاهم وحكيم وعملاق!

بينما يقف الأب والأم أمام الابن والبنت في انتظار بعض الاحترام والتقدير على ما يفعلون.

أصبح الأب والأم ينظرون بانبهار إلى ابنهم الذي يتحدث بعض الألفاظ الإنجليزية التي تعلمها من أصدقائه في المدرسة، وإلى ابنتهم التي تدخل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرف كيف تستعمل التطبيق –أبليكيشن جديد– بسرعة.

ينظر الأب والأم بانبهار إلى هذه الأشياء البسيطة العادية التافهة السطحية!

يعتبرون أن هذه علامات تفوق ونبوغ، بالتالي يشعر الأب والأم دائمًا أنهم أقل من أبنائهم وبناتهم.

أصل ابني بيعرف يتكلم كلمات إنجليزي بلهجة أمريكي زي الأفلام وألعاب الفيديو، أصل بنتي بتعرف تستعمل الإنستاجرام، يااااه! إيه العبقرية دي!

فضل ونعمة قصة بائسة لجيل ضائع

فضل ونعمةبالتالي ظهر جيل أحمق من الأبناء، يحاسب أبويه، ويعتقد أنه فاهم وهو مش فاهم أي حاجة، وكل معلوماته سطحية يستمدها من أصحابه الحمقى مثله.

يعتبر أن المرجعية هي شوية العيال اللي معاه في المدرسة والجامعة، وشوية الأفكار الحمقاء السطحية التي يراها على السوشيال ميديا ومواقع التواصل والإنفلوينسرز وجوجل.

ليس لديهم أي عمق أو خبرات حياة حقيقية، عقولهم كلها أفلام كرتون وأفكار أنيميشن!

بينما يقف الأب والأم بخليط من الخجل والانبهار والشعور بالضآلة مثل التلميذ الخائب الفاشل أمام المدرس، ينظر بانبهار لشوية شاشات وصور وكلمات إنجليزي سطحية بدون أي محتوى ولا عمق.

أصبح أقصى ما يتمناه الأب والأم اليوم من أولادهم هو شوية احترام وشوية تقدير، وكلمة شكر!

من هذه القصة البائسة يخرج لنا الفيلم كوميديا سوداء عن جيل مسكين ضاع عمره بين احترام أبيه وأمه، وعدم احترام ابنته وابنه!

نقد فيلم فضل ونعمة

ربما اعتراضي الوحيد على الفيلم هو أنه يحتوي مشاهد عنف غير منطقية، ولا ترتبط بالقصة ومرتبطة بصورة غير منطقية بالنساء، مما يجعل الفيلم غير مناسب للأطفال.

فيلم يحكي عن جيل يشعر بالدونية والإحباط، ربما هذا الإحباط يرتبط بأنه عاش عمره كله في بلاد مهزومة مكسورة، عديمة الإنجازات والانتصارات.

أو جيل تربي في عصر التقليد لأمريكا والانبطاح لإسرائيل، والفشل في كل المجالات وانهيار كل الشعارات!

الذي كان آخر فرصة لهذا الجيل قبل الاستسلام التام للموت!

أصبح ينظر إلى الوراء بحسرة، وإلى المستقبل بأمل أن يتغير الحال على يد أبنائه.

يعتبر نفسه مش فاهم حاجة، وينتظر من أبنائه الحمقى أن يلعبوا دور الأب والأم!

ما الحقيقة وراء التربية الحديثة؟

أو ربما لأن هذا الجيل وضع كل همه وأحلامه في مسار غير صحيح، واكتشف بعد فوات الأوان أن هذا الأسلوب من التربية لا يصنع أبناء ناجحين محترمين جادين فاعلين.

لا يصنع غير أبناء مغرورين نرجسيين تافهين سطحيين، يتخيلون وهم أن لديهم قدرات أكثر من الواقع والحقيقة، وهم أن كل واحد منهم سبايدر مان وسوبر مان والمرأة الخارقة، بينما في الحقيقة هم شوية مراهقين حمقى فشل في تربيتهم أهلهم.

فيلم عن علاقة بين جيل يعاني من فقدان الثقة في نفسه وقدراته، وجيل يبالغ في الثقة بالنفس ويبالغ في تقييم حجمه وقدراته!

من لم يربه أبوه وأمه، تربيه الأيام والليالي.

اقرأ أيضاً:

فيلم مهم للجميع في عصرنا الحالي

فيلم John wick 2

هل المسلسلات القديمة فقط هي من تدعو للحكمة و القيم الفاضلة؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*********

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس